[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/zohair.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]زهير ماجد [/author]
بلغت العنجهية بمسعود البارازاني مبلغها، فنسي أن ثمة لعبة أمم، وأن هنالك من هم أكبر وأقوى يملكون القدرة على الفعل ساعة يخططون ويشاؤون ، وأن الحلم أحيانا يتحول إلى كابوس إذا لم يكن هادئا ومنطقيا.
ظن البارازاني إن الدنيا ضحكت له بعد إن جازف بشعب كريم يكن له العراقيون بكل اعراقهم وفئاتهم ومذاهبهم كل خير ومحبة،ويرون فيه أخا في الوطن ، لكنه نسي ان العبرة دائما ليس في البدايات، بل حين تحين ساعة التغيير، والدول عادة لا تصنع ردود أفعالها بشكل فوري ، هي تدرس وتمحص وتفكر وتقلب الأمور الى الحين الذي يتداخل فيه الذاتي بالموضوعي.
ترى ماذا عليه حاله الآن وهو عاش انقلابا في كركوك لصالح الدولة العراقية كي لا نقول العراق الموحد ، هل قرأ رسالة كركوك وكيف يكون الاكراد منطقيين لاهوائيين، ولديهم حسهم الوطني العالي ، ولا يريدون اطلاقا الابتعاد عن البلد الأم، هم من فلذاته، من ذرات ترابه، من اوكسجينه، ومن عتيق مواصفاته الوحدوية.
الوطنيون العراقيون الكبار خبطوا عى الطاولة ان ممنوعا انفصال شمال بلدهم، وطنهم، الذي هنالك اكثر من مليون شهيد من أجل وحدته واستقلاله ، وهنالك من مازالوا يحملون السلاح ويقاتلون دفاعا عن هذا وذاك ، وسيظل السلاح مرفوعا حتى تحرير آخر شبر، لقد فتح العراق مشروعه الوطني بكل مفاهيمه وابعاده ومقتضياته، ورسم لها سقفا لايمكن السماح يتجاوزه.
مشكلة البارازاني انه لم يدرس خطواته جيدا وأين يضعها، لم يكن يعرف ماهو الفرق بين الجرأة والتهور، وبين الفكرة وظروف ترجمتها .. كان يعلم ان العراق لايمكن تقسيمه، بل ثمة تحد خطير اذا مامشى بفكرة تقسيمه، ليس من ابناء وطنه لعراق، بل من الاقليم كله .. لقد خاض لعبة من اعقد قضايا الاقليم، وفي ظروف كلها حساسية مرتفعة ازاء أي وضع طاريء مؤثر فيه .. اراد ان يهرب الى امام يقفزة فوق المرحلة الدقيقة ، وهذا علم في حرق المراحل التي تنقلب على صاحبه اذا لم تكن معطياته واضحة وصائبة.
لايمكن اغلاق منافذ على شمالي العراق والقول بانها استقلال في الوقت الذي هو اختناق له ، ابواب الشمال العراقي كلما فتحت انتجت اكثر التصاقا بالوطن الام ، كما انها تنتج محبة زائدة وتعايشا مضافا، وانسنة من روح الشهداء العراقيين الذين ارادوا دمهم فداء لوحدة بلادهم واستقلالها.
بعد خطوة كركوك، عادت الامور لتشتد على البارزاني، فليس من تنازل عن الغاء الاستفتاء كي تعود الامور الى مجاريها .. هنا بات البارازاني يعتبر التراجع ضربة لوجوده المعنوي والسياسي والشخصي ايضا، لكن لم يطلب منه احد ان يذهب الى بيته، بل ان يتراجع عن كل الخطوات التي فرضها على جزء من العراق اراد من خلالها تغيير خارطته الجغرافية والانسانية.
في موسم دفع الأثمان، لابد ان يحاسب المرتكب وخصوصا من ادت خطواته الى التعدي على وطنه، وفي الروح منه، حتى ليكاد البعض يسميها خيانة وطنية ، وتلك لها عقابها الذي يوازيها.
البارازاني امام حقيقة لاتراخي فيها : ممنوع تقسيم العراق، وسوريا، وكل قطر عربي، وممنوع منعا باتا اللعب بمصير الاوطان تحت ظنون الجنون الذي يصيب احيانا عقول اصحاب العنجهية.