[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/ahmedsabry.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]احمد صبري[/author]
بدأت ملامح المعارك ومسارها تتضح بعد أكثر من أسبوعين على سيطرة المسلحين على محافظتي نينوى وصلاح الدين وامتدادهم صوب غرب العراق، م ايشير إلى أن المسلحين من داعش والفصائل المسلحة التي تقاتل القوات العراقية قد أعادوا ترتيب أولوياتهم طبقا للراشح على الأرض، فبدلا من الشروع بتنفيذ تهديداتهم بالاتجاه صوب بغداد فإنهم استداروا إلى غرب العراق وسيطروا على منفذي طريبيل والوليد الحدوديين المحاذيين للأردن وسوريا بعد أن سيطروا على منفذ القائم الحدودي. الانطباع السائد أن استدارة المسلحين إلى غرب العراق ونقل المعارك إلى محافظة الأنبار المفتوحة على سوريا والأردن هي محاولة لاستكمال سيطرتهم على المدن المتاخمة لدول الجوار العربي، وقطع الطريق على القوات الحكومية في انفتاحها على حدود الدولتين لتخفيف الضغط على المسلحين الذين يسيطرون على الفلوجة منذ ستة أشهر.
ويتوقع أن تشهد مدن محافظة الأنبار معارك لإسقاطها وصولا إلى السيطرة الكاملة على منافذ العراق مع سوريا والأردن، وما يرجح هذا المسار في المعارك تمكن المسلحين من بسط سيطرتهم على مدن الرطبة والقائم وراوة وعنه وكبيسة ووصولا إلى حديثة التي يوجد فيها ثاني أكبر سد في العراق بعد سد الموصل.
وهذا الواقع الجديد على الأرض وصفه رئيس إقليم كردستان مسعود برزاني بأنه بمثابة ولادة لعراق جديد طبقا للخارطة الجغرافية التي أعيد رسمها بعد أحداث الموصل وما سيعقبها من التمدد باتجاه مدينة الرمادي مركز محافظة الأنبار في إطار استدارة المسلحين نحو غرب العراق باعتباره بيئة وحاضنة لتواجدهم ونشاطهم.
إن سيطرة المسلحين على المعابر الحدودية وبسط سيطرتهم على الرمادي فإنهم باتوا يسيطرون على أكثر من نصف مساحة العراق بعد انضمام محافظتي نينوى وصلاح الدين إلى رقعة سيطرتهم.
ومعركة المعابر كما يطلق عليها هي محاولة لإضعاف هيبة الدولة وقطع صلتها بدول الجوار وتأمين الاتصال بين المسلحين المتواجدين على حدود العراق مع سوريا، فضلا عن تحكمهم في مسار نهري دجلة والفرات والسدود المقامة عليهما.
ومثلما يتحكم المسلحون بسد الفلوجة فإنهم يسعون للتحكم بسد حديثة الاستراتيجي المقام على نهر الفرات والواقع في محافظة الأنبار، الأمر الذي سيضع بغداد ومحافظات أخرى تحت خطر الفيضان أو الجفاف.
ويبدو أن أسباب إرجاء انفتاح المسلحين على بغداد هي محاولة لإبقاء حالة الترقب والقلق والانتظار لدى القوات العراقية لإبقائها في حال الاستنفار المستمر لإرهاقها وبث اليأس لدى عناصرها.
واستنادا إلى ما تقدم: هل سيولد عراق جديد من جديد كما تعتقد القيادة الكردية وتروج له؟
والجواب يكمن في الموقف الكردي الذي استغل انسحاب القوات الحكومية من كركوك والمناطق المتنازع عليها التي سدت الفراغ فورا وكأنها تنتظر هذه اللحظة التاريخية التي عدتها لا تتكرر للشعب الكردي في تحقيق حلم الاستقلال.
ويرى المتابعون لمسار التطورات السريعة في العراق وإخفاق حكومة المالكي على وقف اندفاعها وتمددها والتردد الأميركي في التعاطي مع مستجداتها، أن خارطة جديدة باتت ملامحها تلوح بالأفق قد تعيد ترتيب اشتراطات ميزان القوى من جديد طبقا للمتحقق في ميدان المعارك لترسم صورة جديدة للعراق الذي سيكون مختلفا عن عراق ما قبل التاسع من يونيو الجاري بداية أحداث الموصل وصلاح الدين وما تلاها من تطورات.