بوجوتا ـ د.ب.أ:
كانت الساعة التاسعة صباحا في مطار مدينة "فيلافيسنسيو" وسط كولومبيا، حيث بدأت مروحتا الطائرة طراز "دي سي-3" التابعة لشركة الطيران الكولومبية "أير كولومبيا" في الدوران استعدادا للإقلاع. ورغم أن النهار كان في بدايته فإن الطائرة التي تستعد للإقلاع تمر بخريف عمرها الذي بلغ أكثر من 75 عاما، حيث يعود إنتاجها إلى عام 1942. والطائرة العتيقة كانت تقل 20 راكبا أغلبهم من سكان كولومبيا الأصليين وكانوا يجلسون على صفي مقاعد متواجهين وظهورهم لنوافذ الطائرة. وبين صفي المقاعد كانت تواجد الحقائب والأكياس وصناديق الأمتعة التي تم تثبيتها بأربطة سميكة. وفي مؤخرة الطائرة كان هناك صوت ضجيج مسموع صادرا عن حوالي 400 كتكوت تم وضعها داخل كراتين بها فتحات للتهوية. تقع مدينة "فيلافيسنسيو" على بعد حوالي 120 كيلومترا جنوب شرق العاصمة "بوجوتا"، وهي بوابة العبور إلى مراعي "لوس لانوس" الواسعة التي يعيش فيها رعاة البقر وقطعان الماشية وتوجد فيها مزارع شاسعة. كما أن هذه المدينة هي قاعدة لأسطول طيران يتكون من 12 طائرة طراز "دي.سي -3" العتيق. وكانت النسخة العسكرية من هذه الطائرة الأميركية العتيقة تحمل اسم "سي 47 سكاي ترين" تم إنتاجها لصالح سلاح الجو الملكي البريطاني واشتهرت في العالم باسم "قاذفة الحلوى" أثناء عملية الجسر الجوي إلى برلين أواخر الأربعينيات من القرن الماضي. وهذه الطائرة من إنتاج شركة "دوجلاس أير كرافت كومباني" الأميركية التي كان مقرها في ولاية كاليفورنيا واندمجت مع شركة "ماكدونال أير كرافت كوربورشن" عام 1967 لتأسيس شركة "ماكدونال دوجلاس" للصناعات الجوية والعسكرية. واستمر إنتاج الطائرة "دي.سي-3" خلال الفترة من 1935 إلى 1945. واليوم وبعد حوالي 70 عاما من عملية الجسر الجوي إلى برلين الغربية مازالت طائرات هذا الطراز العتيق تحمل الأغذية ومواد البناء والأدوية وأحيانا المرضى من أصحاب الحالات الحرجة. كما يتولى الطيار "سانكليمينت" نقل خيول السباق غالية الثمن وأجزاء الشاحنات والجرارات الزراعية في رحلات طيران عارض. وتتميز الطائرات "دي.سي-3" بالقوة والقدرة على المناورة وسهولة الإصلاح. كما يمكنها الهبوط والإقلاع في المناطق التي ليس بها طرق والتي تحتوي فقط على المراعي والأدغال والأحراش في القرى النائية التي يعيش فيها سكان كولومبيا الأصليون. وكل ركاب الطائرة المقلعة من مدينة "فيلافيسنسيو" يتشبثون بمقاعدهم، رغم أنه لا توجد أي تعليمات أمان من مضيفي الطائرة ولا توجد أحزمة أمان للمقاعد. ولا يوجد على متن الطائرة سوى مضيف واحد يبلغ من المعر 50 عاما تقريبا وهو يعمل أيضا كحامل حقائب ويساعد الأمهات والأطفال في الصعود والنزول، كما يقوم بإنزال الكتاكيت.