موسكو ـ عواصم ـ وكالات: دعت روسيا أمس ضرورة التوصل إلى وقف لإطلاق النار في شرق أوكرانيا و اعتبرت أن اوكرانيا في طريقها الى الانقسام بسبب ارغام الحكومة في كييف على الاختيار بين روسيا والاتحاد الاوروبي.
ونقلت وكالة أنباء "إنترفاكس" الروسية أمس عن بوتين قوله إن على الأوكرانيين أن يرجعوا إلى طريق "السلام والحوار والوفاق".
وخلال حضوره مراسم تقديم أوراق اعتماد سفراء دول أجنبية قال بوتين إن أهم شئ هو ضمان وجود نظام طويل الأمد لوقف إطلاق النار مشيرا إلى أن هذه الخطوة تمثل شرطا ضروريا لإجراء محادثات بناءة بين السلطات في كييف وممثلي أقاليم جنوب شرق أوكرانيا.
وأوضح بوتين أن المجتمع الأوكراني "منقسم" بفعل محاولات إجبار أوكرانيا على الاختيار المصطنع بين أوروبا وروسيا وأضاف أن "الإنقلاب غير الدستوري الذي وقع في كييف وهذه المحاولات أدت إلى انهيار المجتمع الأوكراني وإلى حدوث مواجهات مؤلمة".
وتابع بوتين أن الأزمة الحادة في الجارة أوكرانيا "تثير قلقنا بحق".
يذكر أن الهدنة التي كانت الحكومة الأوكرانية أعلنتها قبل أسبوع من جانب واحد، انتهت امس ومن الممكن أن يتم تجديدها وذلك على الرغم من حدوث العديد من الخروقات.
واعتبر بوتين امس بعد توقيع اوكرانيا اتفاق شراكة تاريخيا مع الاتحاد الاوروبي، ان ارغام اوكرانيا على الاختيار بين روسيا والاتحاد الاوروبي دفع بها الى "الانقسام".
وقال بوتين في تصريح للتلفزيون الروسي ان "الانقلاب غير الدستوري في كييف ومحاولات فرض خيار مصطنع على الشعب الأوكراني بين اوروبا وروسيا دفع بالمجتمع نحو الانقسام ومواجهة داخلية مؤلمة".
واضاف ان "في جنوب شرق البلاد الدماء تراق وهناك كارثة انسانية حقيقية وعشرات آلآف الاشخاص يفرون من المعارك ويلجؤون الى اماكن اخرى بما فيها روسيا".
ودعا الرئيس الروسي الى تمديد وقف اطلاق النار بين القوات الاوكرانية والمتمردين الموالين للروس.
وقال "من الاساسي ان تعود اوكرانيا الى طريق السلام والحوار والمصالحة، ان الاهم هو فرض وقف اطلاق نار دائم وتوفير ظروف حوار بين سلطات كييف وممثلي مناطق جنوب شرق" اوكرانيا.
من جهة اخرى قالت متحدثة باسم انفصاليين موالين لروسيا في شرق أوكرانيا إن زعماء الانفصاليين ووسطاء عن حكومة كييف اجتمعوا في مدينة دونيتسك أمس في جولة جديدة من المشاورات الرامية لانهاء القتال.
وذكرت وكالة انترفاكس للأنباء أن المتمردين يتحدثون مع ما يسمى "بمجموعة الاتصال" التي تضم الرئيس الأسبق ليونيد كوتشما والسفير الروسي في كييف وممثلين عن جهة حقوقية وأمنية تابعة لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا.
وأجريت جولة المحادثات الأولى يوم الاثنين وانتهت باعلان المتمردين التزامهم بوقف اطلاق النار الذي أعلنته القوات الحكومية في وقت سابق.
ونقلت وكالة انترفاكس الروسية للانباء عن وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف قوله أمس إن روسيا سترحب بتمديد وقف إطلاق النار في شرق أوكرانيا لمدة ثلاثة أيام لكنه يجب ألا يكون مجرد تأخير "لانذار" الانفصاليين بالقاء سلاحهم.
ونقلت الوكالة عن لافروف قوله للصحفيين في موسكو "نأمل ألا يعني هذا تأجيل الانذار لثلاثة أيام وحسب."
وكانت وكالة ايتار تاس الروسية للأنباء قد ذكرت في وقت سابق أن كييف قررت تمديد وقف إطلاق النار.
فيما واصل الاتحاد الاوروبي تحذيراته من بروكسل وطالب روسيا ثلاثة ايام للقيام بأعمال ملموسة من اجل خفض التوتر في شرق اوكرانيا تحت طائلة فرض عقوبات جديدة.
وحدد الاتحاد الاوروبي اربعة شروط يتعين تلبيتها حتى منتصف يوم الاثنين المقبل، ومنها "بدء مفاوضات جوهرية حول تطبيق خطة السلام التي طرحها الرئيس (الاوكراني بترو) بوروشنكو".
ووقعت اوكرانيا أمس في بروكسل اتفاق شراكة تاريخيا مع الاتحاد الاوروبي يبعدها عن تاثير روسيا التي حذرت من "عواقب خطيرة" ستترتب على الاتفاق.
وكان امتناع اوكرانيا عن توقيع الاتفاق في نوفمبر الماضي وراء الحركة الاحتجاجية التي ادت الى اطاحة الرئيس الموالي لروسيا فيكتور تيموشنكو .
وصرح بوروشنكو "انه يوم عظيم بالنسبة لنا، بل ربما الاهم منذ الاستقلال". وقال ان "لا مفر من التطور في التاريخ"، مشدد على ان الاتفاق يشمل "اوكرانيا كلها بما فيها القرم".
وصرح هرمان فان رومبوي رئيس مجلس اوروبا "انه يوم عظيم لاوروبا ... الاتحاد الاوروبي يقف الى جانبكم اليوم اكثر من اي وقت مضى".
ووقع الاتحاد الاوروبي أمس اتفاق الشراكة مع اوكرانيا وجورجيا ومولدافيا الجمهوريات السوفياتية السابقة الثلاث التي تسعى الى التقرب من اوروبا الغربية رغم ضغوط موسكو.
وتم التوقيع رسميا على الاتفاق في بروكسل بين رؤساء دول وحكومات البلدان الـ28 في الاتحاد الاوروبي وكل من الرئيس الاوكراني بترو بوروشنكو ورئيسي حكومتي جورجيا ايراكلي غاريباشفيلي ومولدافيا يوري ليانكا.
وحذر نائب وزير الخارجية الروسي غريغوري كاراسين ان الاتفاق سيكون له "عواقب خطيرة".
ولم يخف الرئيس الجديد انه يعتزم جعل هذا الاتفاق خطوة اولى نحو انضمام اوكرانيا الى الاتحاد الاوروبي، الا ان الاوروبيين استبعدوا الفكرة في الوقت الحالي.
وتم توقيع الشق الاول من الاتفاق ويشمل الجانب السياسي في مارس من قبل رئيس الحكومة الاوكراني ارسين ياتسينيوك.
وكان من المقرر ان يتم توقيع الاتفاقية في نوفمبر الماضي قبل ان يفضل الرئيس انذاك فيكتور يانوكوفيتش ان يطلب مساعدة اقتصادية من روسيا بينما تعاني بلاده من ركود شبه دائم منذ اكثر من عامين.
وأدى قرار يانوكوفيتش الى الحركة الاحتجاجية التي انتهت باطاحته ثم ضم روسيا للقرم قبل نشوء الحركة الانفصالية في شرق اوكرانيا.
ويقوم اتفاق الشراكة غير المسبوق في تاريخ الاتحاد الاوروبي على تعاون كبير لقاء تعهد الدول الثلاث باحترام دولة القانون ومكافحة الفساد.