[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/fawzy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]فوزي رمضان
صحفي مصري[/author]
” عندما تعج ساحات القوى العاملة بالآلاف من الباحثين عن عمل وعندما تزخر أروقة الدواوين الحكومية بطلبات الالتحاق بوظيفة إدارية أو مكتبية أو إشرافية، أو حلم الإدارة والمكتب الوثير، فمن الصعب القضاء على مشكلة الباحثين عن العمل، فهل تستطيع أية دولة في العالم أن تحقق رغبات الآلاف في أعمال مثل تلك، وأن توفر الفرص في وقت قصير مع ازدياد أعداد طالبي الوظائف.”

يكمن الخلل عندما تصير المواطنة مرادفا للأخذ دون العطاء وصكا للحقوق دون الواجبات، وأن تتحول كلمة مواطن من صفة إلى وظيفة، وعندما يترفع البعض عن الأعمال البسيطة ويتعالى على قيمة العمل، لابد أن تشخص الحالة كونها قصورا في الفهم وانعدام للرؤية وجنوحا عن تحمل المسؤولية، صحيح من حق المواطن في أي دولة أن يتمتع بخيرات وطنه وينعم بحقه في حياة كريمة، لكن من حق الوطن أيضا أن يصعد على أكتاف مواطنيه ويبنى بسواعد شبابه.
عندما تعج ساحات القوى العاملة بالآلاف من الباحثين عن عمل وعندما تزخر أروقة الدواوين الحكومية بطلبات الالتحاق في وظيفة إدارية أو مكتبية أو إشرافية، أو حلم الإدارة والمكتب الوثير، فمن الصعب القضاء على مشكلة الباحثين عن العمل، فهل تستطيع أية دولة في العالم أن تحقق رغبات الآلاف في أعمال مثل تلك، وأن توفر الفرص في وقت قصير مع ازدياد أعداد طالبي الوظائف.
قد يغفل البعض من الشباب أهمية العمل الفني والتقني الذي يساعد في الحصول على الفرص الوظيفية وبصورة أسرع، بعيدا عن انتظار الوظائف الإدارية وعن طريق المشاريع الصغيرة يمكن إقامة صناعات بسيطة، بعد إتمام التأهيل المهني، إذا لابد من تغيير ثقافة العمل والتخلص من أكذوبة أن هناك أعمالا لاتليق لبعض الباحثين عن عمل، أو ازدراء المهن الحرفية ورفضها لقلة الراتب.. فمن هو أصلا الذي بدأ حياته العملية براتب كبير؟!.
أكاد أتعجب عندما نجد غالبية الأيدي العاملة الوافدة على أرض السلطنة قد تعلمت مهنا ووظائف وأعمالا لم تمارسها أو تمتهنها من قبل، وأكثر من ذلك أنها تدربت على أيدى مواطنيها داخل السلطنة لتشكل لوبيات، خاصة الأيدي العاملة الآسيوية التي تتعامل فيما بينها لإضعاف تنافسية المواطن، رغم الاهتمام الكبير لحكومة السلطنة في تخصيص موارد مالية ضخمة لإيجاد وظائف للمواطنين وإنشاء عشرات من مراكز ومعاهد التدريب المهني علاوة على الكليات التقنية المنتشرة في مجمل ربوع السلطنة والتي تحوي كافة الأفرع الفنية عالية التخصص.
وعلى الرغم من كل هذا الجهد المبذول أين يعمل هؤلاء الخريجون ؟ أين السباك العماني والكهربائي بل أين الميكانيكي وفنيو المعدات وأجهزة التكييف..أين النجار وعامل البناء؟وأين الكهربائي والخياط والحلاق ؟وأين عشرات المهن التي تمحو مشكلة الباحثين عن العمل والتي يتركها المواطن طواعية للوافد، وحتى عندما قامت الدولة بتعمين بعض المهن لصالح العمانيين شهدت بعض التحايل مثل مهنة بيع المواد الغذائية وخياطة الملابس، حيث تحول المواطن إلى واجهة فقط بينما الملاك الحقيقيون هم الأيدي العاملة الوافدة، بل إن بعض المشاريع التجارية يديرها الوافدون لحسابهم مقابل مبالغ شهرية لصاحب المشروع، مما أضاع على المواطن فرصا وظيفية كثيرة.
لقد سيطرت الأيدي العاملة الوافدة من بعض الدول الآسيوية، على كافة مؤسسات وشركات القطاع الخاص وإحاطته بسياج متين ليس من السهل اقتحامه أو دخوله بسهولة يساهم في ذلك المواطن نفسه، حيث يعتبر هذا القطاع غير جاذب، بسبب ضعف الحافز والراتب مقارنة بالقطاع الحكومي خاصة بعد قرار توحيد الرواتب الذي تم تطبيقه في مطلع العام 2014 ، أضف إلى ذلك اعتماد رجال الأعمال العمانيين على الأيدي العاملة الوافدة كونها تتمتع بالأجر المنخفض والأقل مع الخبرة المسبقة، وتقبلها للعمل في أي موقع وأي مكان وتحت أي ظروف علاوة على سهولة التخلص منها في أي وقت .......ولكن إلى متى؟؟
من السهولة أن ينعدم طابور الباحثين عن العمل مع اقتحام آلاف الوظائف الفنية البسيطة، وأن يتخطى التعمين واجهة العمل في أقسام الاستقبال ، وان يكون التدريب الفني والمهني، هو الهاجس الاول للجميع مع إلزام الشركات والمشاريع التي تعتمد على نقل التكنولوجيا إلى توطينها وصيانتها من جانب الأيدي العاملة الوطنية الماهرة، كما فعلت دول شرق آسيا، وعندما تعاني الأيدي العاملة الوطنية التي تدخل سوق العمل من انخفاض المستويات المهارية وحاجتها إلى التأهيل والإعداد، يكون هنا التدريب إلزاميا وإجباريا وبالأمر المباشر للأيدي العاملة الوطنية على الأيدى العاملة الوافدة والمتخصصة والماهرة المنتشرة في كافة القطاعات، حتى ولو لزم الأمر أن يكون تدريب الأيدي العاملة الوطنية أحد مصوغات الإقامة للعامل للوافد.
في المقابل تشعر بالفخر عندما تجد الآلاف من الشباب العماني يتمتع بالخبرة والذكاء والطموح وحب العمل، ترى ذلك في مشاريع تخرجهم من الكليات والمعاهد منذ أن كانوا طلبة، وحتى شغلهم للمواقع المرموقة اوغيرها في قطاعات كثيرة، وتشعر بالفخر أيضا عندما تجد شبابا يعملون في أكثر من عمل ويواصلون ساعات النهار مع الليل بكل كد وإصرار على تحقيق الذات إذن أين تكمن المشكلة ؟ وكل الفرص متاحة أمام الشباب للانطلاق نحو العمل المهني الأكثر ربحية والأوفر حظا وعندما يتيقن الشاب الباحث عن عمل أن كل عمل هو شرف وكل مهنة هي استقرار، الجميع يخدم وطنه صاحب مهنة الطب كما صاحب مهنة السباكة، فقط ابدأ في أي شيء تصل إلى كل شيء.