[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/zohair.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]زهير ماجد [/author]
نعرف ونعترف اننا نعيش مع اسرار دول كبرى .. منها ما أذيع ومنها ما ظل في الأرشيف وطي الكتمان، ومنها ما يقع ولا نعلم به وممنوع حتى الهمس به .. مهما كنا كبارا في الميدان، واساتذة في القتال، ومضحين من الطراز الأول، ستظل هنالك اسرار بين الكبار لا تعرض علينا ولا تقال لنا ولا نعرف منها، نستقرئها احيانا، نقلب الممكن لنرجح مايعوزنا.
نعيش مع الاسرار التي تسود، بعضنا يلملم فتاتها فيحكي بها كما لو انها اكتشافه الذهبي. عندما يجلس قادة البنتاجون إلى اجتماعاتهم، ويضعون الخرائط امامهم، ترافقهم ابتسامات السخرية حين يلوح الشرق الاوسط، لانهم يعرفون كل جيش فيه وكم عدد بنادقه، بل متى ينتهي مخزونه من الذخيرة، وكم وكم ... يعطون هذا البلد ما يتوافق مع سياساتهم، وكلما اقترنت المسألة بواقع اسرائيل تأخذ بعض التنبه والحسابات الضامنة لأمن الكيان الصهيوني.
في مراحل مهمة من حياة العالم وخصوصا في الخمسينات والستينات وحتى بعض السبعينات من القرن الماضي، كان هنالك محور التشكيل السوفياتي، والآخر الاميركي، وكانت مصر محسوبة على السوفيات .. عندما هاجمت اسرائيل مصر في يونيه 1967 كان قد سبقها اتصال من السفير السوفياتي في القاهرة بأن لا تباشر مصر الهجوم، في الوقت الذي كانت فيه الطائرات الحربية الاسرائيلية قد عبأت مخازنها بالصواريخ والقذائق لترميها بعد ساعات قليلة على مطارات وطائرات مصر. فهل كان ذلك له معنى ام انه جزء من اتفاق دولي يريد لإسرائيل ان تحقق هدفها العسكري، لعله يصل إلى اهداف سياسية في منطقة مشبعة برائحة البارود دائما.
قد تنشر مايقال انها اسرار كما حصل مع محمد حسنين هيكل مثلا في العديد من المسائل الحساسة، لكن المؤكد ان ثمة اسرارا اهم لم تنشر ولم تعط لاي كان، دفنت في سجلاتها الى ان يأتي من يريد فتحها من اجل دراساته العليا.
نعيش مع الاسرار، نحسها ولا نعرفها، نتذكر انها على رؤوسنا لكننا لا نراها، نشاهد نتائجها على الارض، فإما نتفاجأ بها واما تمر دون تعليق. والاسرار عادة اما تسويات أو اعطني لأعطيك، او خذ وهات، منها قصير الاجل سريع التحقق، ومنها ما هو طويل الأجل .. مصالح تمر واخرى مرت والشعوب من يدفع من دمه وعرقه واماله وسمتقبله وحياته..
البعض يسخر من كلمة مبادئ التي لا تنسجم مع المصالح .. الكبار يقودون مصالحهم بالعقل البارد الهادئ، هم مرتبون دائما بمعرفة ماذا يريدون وماذا يحصدون، يعاملون العرب كبئر نفط وكبيت مال وكمركز كبير للاستهلاك المنوع، مع ان احد رجال الخارجية الأميركية السابقين قال يوما في مقابلة صحفية ان اميركا ليست بحاجة لبيع منتجاتها الغذائية والطبية الى العالم كونها تستهلكها في ولاياتها.
من هنا ابتسم بعض الأحيان وانا اقرأ او استمع لما يسمى محللون عربا وهم يتقولون جملا يعتقدون انها اسرار لا يعرفها غيرهم، وهي في الحقيقة فتات افكار يرميها سياسيون محترفون قد تكون من بنات افكارهم او تسنى لهم الاطلاع على فتات ايضا من مقربين إلى الكبار.
لا تشغلوا بالكم بالأسرار، فهي ستحصل في كل وقت كما حصلت في الماضي وكما تحصل الآن، فيا لخيبتنا وهي تصيبنا وقد لا نعرف منها الا في اوقات متأخرة تكون قد تحققت من دمنا ومن معنى وجودنا.