تتضمن حلقات إذاعية وتلفزيونية ومحاضرات
كشفت الدكتورة أصيلة بنت جمعة المغيرية أمينة الأمانة الفنية للجنة الوطنية لشؤون الأسرة عن بدء تنفيذ خطة اللجنة التوعوية والتثقيفية لعام 2014م بدءا من شهر يونيو الجاري، وذلك من خلال إقامة محاضرتين الأولى بعنوان " أثر العولمة وشبكات التواصل الاجتماعي على المنظومة القيمية للأسرة " ، والأخرى حول " التربية الإيجابية " ، وذلك في مقر جمعيات المرأة العمانية بالسيب ومسقط ومنح ،
كما تتضمن الخطة – تباعا - بث حلقات إذاعية وتلفزيونية تسلط الضوء على أهم قضايا الأسرة الاجتماعية والنفسية والاقتصادية والدينية ، وتنفيذ برنامج توعوي في ولاية صور يستهدف فئة الشباب من الجنسين حول " متطلبات الحياة الزوجية " ، وإقامة حملة توعوية " نتكاتف من أجل أسرة سليمة ومستقرة " في احدى المحافظات خلال شهر نوفمبر القادم ،
وأيضا إقامة حلقة عمل تدريبية للأمهات حول كيفية التعامل مع الأبناء وحل مشكلاتهم بطريقة إيجابية في شهر أغسطس القادم بولاية صلالة تزامنا مع مهرجان الخريف ، وتنفيذ زيارات ميدانية خلال شهري سبتمبر ونوفمبر لكل من دائرتي الحماية الأسرية ، ودائرة شؤون الأحداث بوزارة التنمية الاجتماعية ، ووزارة الصحة ، والمركز الوطني للإحصاء والمعلومات ؛ وذلك بهدف تعزيز التعاون وتوحيد الجهود المبذولة للارتقاء بالخدمات المقدمة للأسرة .
وتطرقت أمينة الأمانة الفنية للجنة للحديث عن البرنامج الإذاعي الأسبوعي والذي سيحمل عنوان " أسرتي سر سعادتي " ، حيث ذكرت بأنه سيبث على الهواء مباشرة على قناة الوصال الإذاعية بواقع ساعتين لكل حلقة ، بهدف التعريف بأهمية الأسرة والعمل على توجيه الآباء نحو أساليب التربية الصحيحة التي من شأنها أن تعزز القيم الدينية والأخلاقية والوطنية لدى الأبناء لإيجاد مناخ أسري يسوده الأمن والاطمئنان ، كما سيتم طرح القضايا الاجتماعية والتربوية والنفسية والاقتصادية المؤثرة في الأسرة العمانية بغية إشراك أفراد المجتمع للتحاور وتبادل وجهات النظر فيها ، مع استضافة المختصين المعنيين وبحضور أمينة الأمانة الفنية للجنة الوطنية لشؤون الأسرة ، واتاحة المجال لتلقي الاتصالات الهاتفية من افراد المجتمع ، على أن تتخلل فقرات البرنامج فلاشات وعبارات توعوية مرتبطة بالموضوع المطروح ، إلى جانب إتاحة المجال لتلقي كافة المقترحات والمداخلات عبر وسائل التواصل الاجتماعي ،
كما أن العمل جارٍ في انتاج فيلم قصير وفواصل إعلامية تركز على قيم الحوار الأسري ، وإنشاء موقع إلكتروني خاص للجنة الوطنية لشؤون الأسرة ؛ للتعريف باللجنة وتوضيح مهامها واختصاصاتها ، والتعريف بالاتفاقيات الدولية التي وقعت عليها السلطنة كاتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة ( سيداو ) ، واتفاقية حقوق الطفل ، إلى جانب توعية أفراد المجتمع بكافة القوانين واللوائح الوطنية على نحو يضمن معرفتهم بحقوقهم وواجباتهم ومسؤولياتهم .
وسيط تربوي
واستطردت بعد ذلك أمينة الأمانة الفنية للجنة الوطنية لشؤون الأسرة في الحديث عن مضمون محاضرة " أثر العولمة وشبكات التواصل الاجتماعي على المنظومة القيمية للأسرة "، والتي تعتبر إيذانا ببدء خطة اللجنة ، وقد أوضحت فيها بأن الأسرة تعتبر الوحدة الأساسية في بنية المجتمع ، ووسيط تربوي بين المجتمع والأفراد ، وإن الأسرة تقوم بعمليات التنشئة الاجتماعية ، وتعمل على نقل جوانب الثقافة الاجتماعية لتطور الفرد من كونه كائنا بيولوجيا إلى أن يصبح كائنا اجتماعيا له هويته وكينونته قادرا على التعامل مع متطلبات الحياة ، لذا عليها أن تعمل جاهدة نحو بناء شخصية أبنائها الشخصية المؤمنة بدينها ودستور دولتها وتراثها وتاريخها الذي من شأنه أن يشكل الشخصية الواعية القادرة على تحمل المسئولية تجاه نفسها وتجاه مجتمعها.
قيم ومفاهيم جديدة
وأشارت الدكتورة أصيلة المغيرية بأن التغيرات التكنولوجية المتسارعة التي تمر بها المجتمعات العالمية عامة والعربية خاصة أصبحت تفرض نفسها عبر شبكات التواصل الاجتماعي والانترنت ضمن منظومة التنشئة الاجتماعية ، مما قد ينتج عن ذلك من تشرب لقيم ومفاهيم جديدة تضع الأسرة العربية في موقف يتطلب منها ومن المؤسسات التربوية والاجتماعية المساندة التعامل الجاد مع هذه التغيرات لتنمية القيم الايجابية ومواجهة القيم السلبية الناتجة عن تأثيرات العولمة وثقافة شبكات التواصل الاجتماعي ، وأن كل عالم ومفكر ينظر الى مصطلح العولمة من منظور تخصصه أو مجال علمه ، ويرجع ذلك أيضا إلى طبيعة المجتمعات وثقافتها ومعتقداتها وفلسفتها الخاصة، وعلى هذا يمكننا القول بأن هذا المصطلح ما زال متذبذبا وغامضا.
3 عمليات للعولمة
وبينت المحاضرة بأن هناك دلالات تشير على أن مصطلح العولمة مأخوذ من عدة مصطلحات مثل ( التعولم، و العالمية ، والعالم ) وبذلك يعني اصطباغ العالم بصبغة واحدة وشاملة لكل من يعيش فيها حيث يسعى إلى توحيد توجهاتنا الفكرية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية بصرف النظر عن المعتقدات والثقافات ، ويرى أخرون بأن العولمة عملية تتطلب نوعا من زوال المسافات والحدود في العلاقات الاجتماعية ، ومنهم من يرى العولمة على انها سيطرة ثقافة من الثقافات على جميع الثقافات في العالم ، إلا أن معظمهم يتفق على أن العولمة جاءت نتيجة إرادة وإدارة ، وبالتالي فان التعامل معها يمكن أن يكون أيضا إراديا ، وهناك ثلاثة عمليات للعولمة لابد من التعرف عليها : أنها عملية متعلقة بنشر المعلومات بحيث تصبح مشاعة لدى جميع الناس، وأنها عمليه تذويب الحدود بين الدول والمجتمعات ، وزيادة معدلات التشابه بين الجماعات والمجتمعات والمؤسسات ، وهذه العمليات تؤدي الى نتائج إيجابية في مجتمعات ونتائج سلبية في مجتمعات أخرى .
القيم .. معايير الحكم
وانتقلت - عقب ذلك - للحديث عن " القيم " على اعتبار أنها معايير للحكم على الأفكار والأشخاص والأشياء والأعمال والموضوعات والمواقف الفردية والجماعية من حيث حسنها وقيمتها والرغبة بها أو العكس ، وتعمل بوعي أو بدون وعي كجزء من المؤثرات التربوية والاجتماعية في سلوك الانسان وفي قرارته وانجازاته ، وأيضا تعمل القيم على تنظيم الاعتقادات والاختيارات بالاستناد إلى مراجع تجريدية أو مبادئ أو عادات أو أنماط أو غايات الحياة بحيث تعبر القيم عن أحكام أخلاقية معينة تختلف من شخص لشخص ومن مجتمع لمجتمع ، وأن ثقافة العولمة وشبكات التواصل الاجتماعي تؤثر على الأفراد وبالتالي تؤثر على المجتمع ككل ، حيث تعمل على تجريد المجتمعات من ذاتيتها لتصبح مؤهلة لهوية جديدة ، ولا تقتصر على تعميم القيم الاقتصادية والسياسية فقط ، بل عملت وبفعالية أيضا على تعميم القيم الأخلاقية والدينية ، مما توجب العمل الدؤوب نحو التمسك بقيمنا وهويتنا العربية الأصيلة .
الدور التقليدي للأسر
وأوضحت بأن شبكات التواصل الاجتماعي أثرت - أيضا - على الدور التقليدي للأسرة في عمليات التنشئة الاجتماعية ، حيث استطاعت أن تصل لأعداد كبيرة من الناس والتأثير عليهم خاصة فئة الأطفال والشباب ، وهذه الثقافة دخلت كل بيت لتصوغ المجتمع وفق التركيبة الغربية المختلفة ، فأصبح من الحداثة التمسك بالمظاهر الاجتماعية ذات السمات الغربية ، والتي تحمل الكثير من المبادئ والقيم التي تسعى لتحطيم وحدة الأسرة وتماسكها ، فهي تعمل على نقل المعلومات والمشاهد التي تترك بصماته الفكرية والثقافية بدرجة متفاوتة على الأبناء بحيث تؤثر على قيمهم وثقافتهم وثوابتهم تدريجيا ، ويختلف درجة التأثير من أسرة لأخرى ، وذلك باختلاف درجة تماسك القيم الدينية والاجتماعية والثقافية للأسر وللمجتمع.
الوسيلة الفضلى
وأكدت الدكتورة أصيلة المغيرية في محاضرتها على أن التربية هي الوسيلة الفضلى التي يحافظ فيها المجتمع على استمرارية تراثه الحضاري والثقافي ، وعلى قيمه وتقاليده الدينية والاجتماعية والتاريخية ، وبالتالي فأن مستقبل أي مجتمع يعتمد على شكل القيم التي يختارها اكثر من اعتماده على زيادة تقدم التكنولوجيا ، ولذا زاد الاهتمام بتعزيز القيم بزيادة تعقيدات الحياة وبزيادة حاجة الانسان المعاصر إلى الإحساس العميق بهويته وانتمائه لوطنه.
تأثر المسائل القيمية
وعرجت المحاضرة للمسائل القيمية التي تأثرت بالعولمة وتوسع شبكات التواصل الاجتماعي كالعنف والجنس ؛ حيث ساهمت هذه الشبكات في انتشار الاباحية والعنف في المجتمعات عامة وأيضا في المجتمعات التي ما زالت تقيم وزنا كبيرا لقيم العفة والاحتشام، مما سبب ذلك تدهورا في السلوك والقيم لدى بعض الأسر والأفراد ، وأيضا تسببت في تنميط القيم؛ بمعنى محاولة جعل قيم البشر واحدة في المأكل والملبس والعلاقات الأسرية وبين الجنسين وبكل ما يتصل بحياة الانسان الفردية والجماعية ، لذا لا بد من الاعتراف بأن للعولمة وشبكات التواصل الاجتماعي آثار سلبية على القيم الأسرية والتربوية والدينية ويتطلب الأمر جهدا كبيرا في التفكير في كيفية التعامل معها ، وعلى الأسر زيادة الاهتمام بدورها الحقيقي والتنموي إزاء أبنائها ؛ لتمكينهم من مواجهة تحديات العولمة وتوسع شبكات التواصل الاجتماعي ، والاستفادة من إيجابياتها وتجنب سلبياتها.
أهمية الحوار الأسري
وبيّنت المغيرية أهمية تعزيز " الحوار الأسري " في حماية الأبناء من مخاطر العولمة وشبكات التواصل الاجتماعي بدءا من تعريفها له على أنه حديث بين أفراد الأسرة الواحدة عن طريق المناقشة ، أو التحدث في كل ما يتعلق بشؤون الأسرة من الأماني أو الرغبات أو الأهداف أو المقومات أو العقبات واقتراح الحلول لها ، وذلك بتبادل الأفكار والآراء الجماعية حول تلك المحاور المتعددة ، مما يؤدي إلى وجود الألفة والتواصل والمحبة والمودة والتفاهم ، ويعمل الحوار الأسري على تحقيق العديد من المكاسب على اعتبار أنه أساس العلاقات الأسرية الإيجابية والحميمة التي تقضي على التفرق والقطيعة ، ويساعد الحوار الأسري على تنشئة الأبناء تنشئة سوية صالحة بعيدة عن الانحراف الخلقي والسلوكي ، كما أنه يشكل المصدر الأول لمعارف الطفل وطريق رئيسي لفهمه الحياة ، وأيضا يزيد وينمي التفاعل بين الشاب وأبويه مما يساعدهما على دخول عالم الشباب الخاص به بترحيب ومودة ومعرفة احتياجاته فيسهل التعامل معها دون عنف أو فرض ، مما يجعل منه إنساناً ذا عزة وثقة بنفسه ، وكذلك يجعل من الأسرة شجرة طيبة تثمر ثماراً صالحة طيبة ، مما يعتبر عملاً صالحاً مباركاً في الدنيا والآخرة ، ويعلّم كل فرد في الأسرة أهمية الاستماع واحترام رأي الآخر، فيسهل تعامله مع الآخرين ، و يعزز الثقة بين أفراد الأسرة مما يجعلهم أكثر قدرة على تحقيق طموحاتهم وآمالهم ، إلى جانب أن الحوار الأسري يعتبر الأسلوب الإيجابي الأقوى لبناء وتعزيز وتنمية القيم لدى الشباب في العصر الحديث مقابل التيارات العنيفة التي تجتاح العالم اليوم.
آثار فقدان الحوار
ولفقدان الحوار آثار سلبية عدة فقد ذكرت بأنه قد يؤدي إلى التفكك الأسري والمتمثل في انتشار البغض والحقد وانعدام الثقة بين أفرادها ، وأن انجراف الكثير من الشباب إلى الخطيئة سببه الأبرز هو تنشئتهم غير سوية داخل أسرهم حيث لا يجدون فيها من يخاطبهم ويحاورهم ويستمع إلى افكارهم ويجيب عن تساؤلاتهم ، وأيضا انقطـاع الحوار بين الأبوين وبين أبنائهما في الصغر قد يؤدي إلى انقطاع صلة الرحم والبرّ في الكبر ، كما يترتب على فقدان الحوار مشاكل نفسية ك ( العزلة ، والعنف، والاكتئاب، والتفكك ، وفقدان الرحمة والمودة والعطف) ، لذا أوصت الدراسات الحديثة على ضرورة إيجاد لغة حوار بين الوالدين والأطفال لما لها من مردود إيجابي على التربية الوجدانية للطفل ،
كما أن انعدام الإنصات للابن في المنزل يجعل منه فريسة سهلة لرفاق السوء الذين يفسحون له المجال ليعبر عن قيمته وذاته ، والتنفيس عما بداخله من رغبات وشهوات بوسائل سلبية تضر به وبمجتمعه ووطنه حاضراً ومستقبلاً ، إلى جانب شيوع الأمراض الجسدية والجنسية التي يمكن أن تظهر على بعض أفراد الأسرة جراء كتمانها ؛ لغياب الحوار والألفة.
ضوابط الحوار
وأشارت إلى ضوابط إقامة الحوار أهمها توفر المكان المناسب ، حيث أن هناك بعض الأماكن التي لا تناسب إقامة حوار لأسباب عدة منها الإزعاج أو انعدام الخصوصية ، أو انعدام أسباب الراحة ، وعليه فإن المكان المناسب من الشروط البيئية للحوار، وأيضا ايجاد الوقت المناسب لإقامة الحوار ، إلى جانب تخلل المحاضرة لبعض الأنشطة والتطبيقات العملية التي تعزز لدى المشاركين مفهوم الحوار الأسري والمعوقات التي تمنع بناء تواصل وحوار إيجابي.
التربية الإيجابية
وبدأت المحاضرة الثانية " التربية الإيجابية " بطرح عدد من التساؤلات منها لماذا نربي أبنائنا ؟ هل نشكّل أبنائنا أم نصنع حياتنا معا ؟ ومن أين تبدأ التربية ؟ ، وما يجب تجنبه في التربية من السخرية ، واللوم المستمر ، والمقارنة بين الأبناء مع الأخرين ، وعدم الإنصات ، كما أشارت إلى آثار التربية الخاطئة ، حيث يؤدي التسلط إلى خلق شخصية ضعيفة وخانقة ، وتؤدي القسوة إلى إيجاد شخصية تخاف من القسوة وحساسة ، وتعمل الحماية الزائدة على إيجاد شخصية لا تعتمد على نفسها ومنخفضة الطموح ، وكذلك يؤدي الإهمال إلى وجود شخصية بها نوازع عدوانية ولا تشعر بالانتماء ، كما يعمل التدليل إلى تأخر في النضج وتجنب الشعور بالمسؤولية ، وأيضا تطرقت لجوانب تكوّن البرمجة الذاتية والمتمثلة في الوالدان ، والمحيط العائلي ، والبرامج الإعلامية ، والأصدقاء ، والمدرسة ، والمحيط الاجتماعي .
وتضمنت أيضا قواعد أساسية في فن تعديل السلوك كاستخدام أساليب التربية الإيجابية ، وإن خطوات تعديل السلوك تأخذ وقتها ، و الابتعاد عن الأساليب السلبية طيلة فترة تعديل السلوك ، و اجتناب النقد والتأنيب لحماية الطفل من التوتر والقلق ، بالإضافة إلى وظائف العناد ومن ذلك أن العناد هو اللغة التي يعبر بها الطفل عن إستقلاليته وهذه لغة تظهر على الطفل في سنه الثانية وتتمثل في المعارضة والاصرار على فعل الاشياء بدون مساعدة غيره ، وهي وظيفة إيجابية يسعى من خلالها الطفل للاستقلال وعدم الاعتماد الكلي على الام ، كما أن العناد اختبار لقدرات الطفل.