• اتفاقيات تسلح بما يقارب نصف تريليون دولار خلال آخر سنتين
• معظم صفقات السلاح ذات طبيعة هجومية وهو عكس العقيدة العسكرية للدول العربية
• المنطقة تمتلك أحدث أنواع أسلحة الحروب التقليدية

[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/uploads/2017/10/godamorsi.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]جودة مرسي [/author]
المقدمة:
استبشر العالم خيرا" بعد توقيع اتفاقيات وتفاهمات سلام عربية إسرائيلية بعضها في العلن ومعظمها في الخفاء في أن شبح الحروب العسكرية التقليدية بدأ في الخفوت في منطقة الشرق الأوسط، وأن شعوب هذه المنطقة ستشهد استقرارا سياسيا سينعكس مردوده على الحالة الاقتصادية لتوفير بيئة معيشية أفضل بعد توجيه ميزانيات الدول إلى التنمية والاقتصاد بدلا من توجيهها إلى شراء السلاح الذي يستنزف القدر الأكبر من هذه الميزانيات...
إلا أن الأمر بات مختلفا تماما عن هذا الشعور بفضل السباق غير المحمود على تكديس السلاح في مخازن يتعرض خلالها للعطل أو الصدأ أو عدم الصلاحية بفضل التطور المستمر في صناعة السلاح .. ليتدفق على الشرق الأوسط من الغرب والشرق أفضل وأحدث إنتاج مصانع السلاح من المقاتلات والغواصات، والصواريخ وأنظمة رادارات بمدى هائل والكثير جداً من الأسلحة الثقيلة والخفيفة. ليكون السؤال الإجباري لماذا هذا التسارع الرهيب في شراء السلاح وتكديسه وبهذه الكمية الكبيرة من الأموال التي لم يشهد التاريخ مثيلا لها؟ ألا يكفي أن هذا السلاح وبسبب سهولة وصوله للعناصر الإرهابية تعيش بلدان عربية في دوامة الإرهاب والتقسيم بعد أن هاجر أهلها ودابتها ونباتها الحياة.
//السعودية:
بالأرقام المعلنة شهدت الأعوام الأخيرة اكبر الصفقات على الاطلاق لشراء مختلف الأنواع من السلاح والتي يصل تقديرها لنصف تريليون دولار، ولم يقتصر مصدره على دولة بعينها بل تعددت الدول المصدرة وان كان نصيب الأسد لمصانع السلاح الأميركية بفضل صفقة الشراء السعودية التي وصلت مايقارب 350 مليار دولار وكانت الصفقة الأكبر في تاريخ العالم، وشملت دبابات، سفن قتالية، أنظمة دفاع صاروخي، رادارات وتكنولوجيا الاتصالات والأمن السيبراني، 150 مروحية بلاك هوك، و48 مروحية شينوك CH-47 وكميات مماثلة من دبابات أبرامز من الطراز الأكثر تطوراً. زوارق صواريخ وصواريخ باتريوت، منظومة حرب إلكترونية متطورة، ومنظومة دفاعية مضادة للصواريخ THAAD، قادرة على اعتراض صواريخ باليستية على المدى القصير والمتوسط، وكذلك البعيد. أربع سفن "فريدوم" مصنعة من قبل لوكهيد مارتن: سفن قتالية سريعة ذات قدرة على الدفاع الجوي عن محيطها وإدارة حرب إلكترونية، طائرات الـF-15S التي وصلت بالفعل الى السعودية كجزء من صفقة وقعت عام 2011. وبعد إكمال الصفقة سيصل عددها لأكثر من 150 طائرة F-15 متطورة، كما اشترت السعودية طائرة يوروفايتر تايفون، وهي مقاتلة من جيل 4.5، حصلت الرياض منها على 72 قطعة. وسوف تنضم قطر قريباً إلى نادي الـF-15، عندما تحصل على 72 طائرة، فيما ستحصل الإمارات على بضع عشرات من طائرات F-16 من الطراز الأحدث، وستضيف الكويت إلى توازن الجوار طائرات F/A-18C وتايفون من أوروبا..
//قطر:
كانت قطر أعلنت عن استراتيجية في مارس 2015، بتوقيعها اتفاقات مبدئية لشراء أسلحة تصل قيمتها إلى 23 مليار دولار، من الولايات المتحدة وروسيا وفرنسا وألمانيا وأوكرانيا، وغيرها من صفقات السلاح التي عقدتها الدوحة مع الدول المصدرة للسلاح، لتحتل الدوحة المركز الثالث في أكبر مستوردي السلاح في العالم. فابرمت صفقة لشراء طائرات مقاتلة من طراز إف 15 بقيمة 12 مليار دولار، وصفقة بقيمة 5 مليارات يورو (5.91 مليار دولار) مع إيطاليا لشراء سبعة سفن تابعة للبحرية. كما يستقدم سلاح الجو القطري 24 طائرة فرنسية مقاتلة من طراز «رافال» بقيمة 7 مليارات دولار، كما شملت الصفقة تدريب 36 طيارًا قطريًا و100 فني على أيدي خبراء من الجيش الفرنسي. كما اشترت قطر من المانيا 62 دبابة متطورة من نوع ليوبارد-2، أهم الدبابات الهجومية الألمانية، و24 عربة "بي زيد اتش 2000" من شركة كراوس مافاي فيجمان الألمانية، وبلغت قيمة الصفقة ملياري يورو ")2.21 مليار دولار".
//الإمارات:
فيما وقعت الإمارات العربية المتحدة خلال معرض الدفاع الدولي "أيدكس" 31 صفقة عسكرية بلغت قيمتها 3 مليارات دولارات. أبرزها التعاقد مع شركة "إنترناشيونال جولدن جروب" لشراء ذخائر لصالح القوات الجوية والدفاع الجوي بمبلغ 19.63 مليون دولار، والتعاقد مع شركة"Cubic Simulation Systems" الأميركية لشراء وتركيب أنظمة المحاكاة للتدريب الداخلي بمبلغ 2.48 مليون دولار. وأشار إلى التعاقد مع شركة "AP AP /PUPL" لشراء طائرة إنذار مبكر من طراز "G6000 SRSS" وزيادة قطع غيار المعدات الأرضية والمواد الاستهلاكية بمبلغ 235.7 مليون دولار وكذلك التعاقد مع الشركة الروسية " ROSOBORONEXPORT " لشراء صاروخ مضاد للدروع بمبلغ 708.8 مليون دولار. كما تم التعاقد مع الشركة الألمانية "Rheinmentall Defence Electronics" لشراء أنظمة المحاكاة للتدريب القتالي بمبلغ 41.18 مليون دولار والتعاقد مع شركة "إنترناشيونال جروب" المحلية لشراء أسلحة ومعدات فنية بقيمة 136.2 مليون دولار وكذلك التعاقد مع الشركة الأميركية "Raytheon Company" على شراء صواريخ بمبلغ 166.54 مليون دولار.
//إسرائيل:
وإذا كانت معاهدة كامب ديفيد بين مصر والكيان الصهيوني مرت بمراحل مختلفة بين السلام الباهت والسلام الدافئ إلا انه منذ توقيع المعاهدة لم يعكر صفوها أي خروقات لبنودها بل على العكس الجانبان يحرصان كل الحرص على تطبيق المعاهدة وتنفيذ بنودها بشكل مطلق وخاصة في السنوات الأخيرة حدث تحول أدى إلى تناقص قدرة معظم الجيوش العربية على إثارة القلق لإسرائيل، فلغة المصالح هي فيزياء التعامل على مستوى العالم، ومصالح معظم الدول العربية (مصر والأردن وبعض دول الخليج) تتوافق حالياً مع المصالح الإسرائيلية.. ومع ذلك نشاهد صراعا على التسلح وصل لانشاء قاعدة عسكرية أميركية للدفاع الجوي في صحراء النقب داخل قاعدة “مشابيم” الجوية الإسرائيلية القائمة بالفعل، غرب بلدت يديمونة ويروشام.
وذلك من اجل استيعاب السرب الأول من المقاتلات الأميركية من طراز (إف 35)، والتي تسلمها سلاح الجو الإسرائيلي هذا العام، وهي مقاتلات يمكنها التحليق لمسافة 2200 كيلومتر، وتغطية مساحات هائلة في الشرق الأوسط، والتخفي من جميع الرادارات المعروفة حاليا لدى جيوش العالم، ولم تحصل عليها أي دولة أخرى بخلاف أميركا سوى إسرائيل وذلك بخلاف ترسانة اسرائيل من السلاح المصنع محليا والتي تقوم بتصدير الكثير منه لأوروبا وافريقيا وقد بلغت مبيعات اسرائيل من السلاح العام الجاري 6.5 مليار دولار بزيادة 800 مليون دولار عن العام الماضي.
//مصر:
فيما لم تقف مصر موقف المتلقي فقط بل سعت هي الأخرى وبعيدا عن الأزمة الاقتصادية الكبيرة التي تعيشها في الآونة الأخيرة، إلى عقد صفقات للسلاح بمليارات الدولارات، وسط تساؤلات حول أهمية تلك الصفقات بالنسبة لمصر؛ مع زيادة وتيرة عقد تلك الصفقات خلال آخر عامين بالمقارنة بسابقيه، حسب خبراء أشاروا إلى احتمال وجود أسباب بعينها لدى القيادة السياسية؛ لعقد تلك الصفقات مرتبطة بخوض حروب مستقبلية لحل بعض القضايا المصيرية المرتبطة بالبلاد، وأبرزها سد النهضة وغيرها. واشترت مصر صفقات أسلحة مع فرنسا، آخرها صفقة حاملة المروحيات من طراز "ميسترال"، ويبلغ طولها 199 مترًا، حمولتها 21 ألف طن، تسير في البحر بسرعة تفوق 18عقدة في الساعة أي ما يعادل 36 كم، في الساعة تقريبًا، تم تصميمها بالأساس لدعم المهام البحرية الخاصة بعمليات حفظ السلام، وعمليات الإسقاط أو الإنزال البحري، يصل طاقمها إلى نحو 180 بحارًا، وتضم منظومة صاروخية للدفاع الجوي و"رشاش" عيار 12.7 ملم، قادرة على حمل 13 دبابة و110 عربات مدرعة و16 "هليكوبتر" ثقيلة، أو 35 "هليكوبتر" خفيفة، و450 جنديًا لمدة طويلة أو 900 جندي لمدة قصيرة، يبلغ سعرها 600 مليون دولار أميركي. هذا الى جانب التوقيع مع فرنسا على شراء أسلحة تشمل طائرات مقاتلة، وسفنًا حربية، ونظام اتصالات عسكري بقيمة 1.1 مليار دولار. وكانت مصر قد اشترت 24 طائرة "رافال" فرنسية وسفنًا حربية وحاملات صواريخ، بالإضافة إلى عقد صفقة لتوريد 24 طائرة من طراز "رافال" التي تبلغ سرعتها في الارتفاعات العالية 2000 كيلومتر في الساعة، ومقاتلات بحرية من طراز "جوييد" وعددها أربع وهي مزودة بمنظومة صواريخ "ميكا" الاعتراضية متعددة المهام. بالإضافة إلى تجهيزات تتعلق بالملاحة الجوية، والحرب الآلية، وأجهزة رادار محسنة في صفقة تتراوح قيمتها بين 2.5 مليار دولار.
وعلى الجانب الروسي أنفقت مصر على التسليح خلال العامين الماضيين ما يزيد على 10 مليارات دوﻻر لشراء بطاريات صواريخ مضادة للطائرات روسية من طراز "إس300"، وبلغت قيمة الصفقة نصف مليار دولار، بالإضافة إلى سربي طائرات "ميج 35"، وهي طائرة حديثة لا يلتقطها الرادار. وصفقة طائرات "ميج 29"، وطائرات عمودية من نوع "إم.آي 35"، وأنواع ذخائر أخرى، ذلك بتكلفه ثلاثة مليارات دولار. الى جانب توقيع مصر وروسيا على اتفاقية توريد منظومات "بريزيدنت-إس" الروسية لحماية الطائرات والمروحيات من صواريخ "أرض -جو" و"جو-جو"، ويجري نصب تلك المنظومة بصورة خاصة على مروحيات "مي - 28" و"مي -26" و"كا – 52" الحربية الروسية. واستوردت مصر أسلحة روسية بقيمة 3.5 مليار دولار، كما عقدت صفقة الصواريخ المضادة للطائرات "أنتي – 2500"، وتقدر تكلفتها بـ500 مليون دولار، وكذا صواريخ الـ "S-300" وطائرات "ميغ 29 إم"، و"ميغ 35"، ومقاتلات "سو 30"، وزوارق صواريخ وقاذفات "آر بي جي"، ودبابات "تي 90". وتسعى مصر لإتمام صفقة شراء 50 مروحية من طراز "تمساح"؛ للتمركز على الحاملة "ميسترال"، وهي نسخة بحرية من الطائرات الهليكوبتر الروسية الجديدة المصنعة، وستكون الطائرات الجديدة قادرة على الطيران ليل نهار. كما وقعت القاهرة عقدًا لتوريد 46 مقاتلة روسية من طراز "ميغ 29"، قيمتها 2 مليار دولار. كما عقدت مصر عدة صفقات عسكرية مع أميركا أبرزها، تسلم 5 أبراج لدبابات من طراز "أبرامز إم 1 إيه 1"، والتي يتم تصنيعها في المصانع الحربية بمصر بتعاون أميركي مشترك، ومن ثم مروحيات أباتشي التي تسلمت مصر 10 منها، وطائرات F16 ونظام المراقبة المتحركة لمراقبة الأوضاع على الحدود المصرية الليبية. واستطاعت مصر، التوقيع على صفقة ألمانية تتيح لها الحصول على 4 غواصات من طراز "دولفين"، وتتميز بقدرتها على حمل صواريخ ذات رءوس نووية، واصطياد السفن والغواصات المعادية، وحماية خطوط المواصلات والقواعد البحرية، كما تعمل كمنصات لإطلاق الصواريخ الموجهة بدقة، ومزودة بصواريخ كروز. وتبلغ حمولتها 1550طنًا، بالإضافة إلى مداها البحري الذي يصل إلى 4500 ميل بحري وتعمل بالديزل، بالإضافة إلى قدرتها على التخفي لعدة أسابيع.
ومن جانبها سعت الجزائر الى شراء أنظمة متطورة فقد اشترت طائرات مقاتلة حديثة، وزوارق صواريخ وغواصات، فقد بلغت وارداتها من العتاد الروسي نصف مليار دولار. اشتمل على أربع غواصات هجومية ومن ضمن الأسلحة المشتراه الدبابة القتالية الشهيرة "تي. 90 أس أي"، (بجانب سفن حربية ألمانية)، لتنضم بذلك إلى غواصات متطورة. والعراق ايضا اشترى أسلحة بقيمة ملياري دولار. تتضمن دبابات متطورة من طراز M-1. واشترت الكويت بنصف مليار والأردن بما يزيد عن 200 مليون دولار.
فيما سوف يشتري الإيرانيون من روسيا أسلحة بقيمة 10 مليارات دولار. تشمل طائرات ودبابات وصواريخ. ويتوقع أن يزيد المبلغ في إطار صفقات سلاح أخرى بعضها وُقّع في الماضي، والبعض الآخر لا يزال على جدول الأعمال.
ان هذا التهافت الكبير على اقتناء احدث الأسلحة التقليدية في منطقة لطالما كانت فوق فوهة بركان نتيجة لاطماع دول أو لمصالح دول تحتم ان تظل المنطقة مابين الحرب والسلم يغذيها عمولات ضخمة يجنيها سماسرة الحروب وتجار السلاح تتلاقى مصالحهم مع دول مصدرة يهمها ان تظل مصانع السلاح لديها تعمل بكامل طاقتها لتجنى المزيد من الأرباح، ورغم اتفاقية السلام الموقعة بين الكيان الصهيوني وبعض الدول العربية وعلاقات المودة مع بعض الدول الأخرى التي يحكمها المصالح الا ان كل هذا لم يشفع بتخفيف وطأة صفقات السلاح التي يأمل شعوب المنطقة ان توجه أموالها الى التنمية وتحقيق مستوى معيشي افضل يكون السلام اهم ملامحه.
إن نوعية هذه الأسلحة لاتصلح الا للحروب ولايمكن استخدامها لمحاربة العمليات الارهابية التي تقع وسط التجمعات السكنية تكدس الأسلحة في نطاق اقليمي ضيق تثير القلق فاذا كان البعض يهدف من ابرام، كما ان هذه الصفقات ان كانت من اجل استخدامها كسلاح لحماية حدود الوطن والدفاع عنه، فان الأسلحة ايضا تستخدم في الهجوم، واستعراض القوة والتأثير السياسى، خاصة وإننا لم ننجح للان في جعل المنطقة خالية من السلاح النووي باجبار العدو الصهيوني بالتوقيع على معاهدة حظر السلاح النووي، مما يحبط أمنية بعيدة المنال بجعل الشرق الأوسط منطقة منزوعة السلاح سواء النووي أو التقليدي.