عبري ـ من سعيد بن علي الغافري ومحمود زمزم :
مقعودة الفلج عرف قديم ونظام تقليدي تعارف عليه الناس في قرانا العمانية وهي عبارة عن سوق مصغرة وحلقة مناداة لبيع حصص مياه الفلج وكيفية توزيعها وأوقاتها بين المشترين أصحاب الضواحي والمزارع وكانت أوقات مياه الفلج تحسب بطريقة تقليدية في السابق فكان لها وحدة قياس وهي المزولة ومسميات للقياس وهي ( الأثر ) ويعني نصف ساعة ومسمى آخر متعارف عليه وهو (القامة) وتعني أيضا نصف الساعة و(الربيع) 4 ساعات ، و( البادة ) 12 ساعة أما في وقتنا الحالي فيتم احتساب مدة الأثر أو الربيع أو البادة من مياه الفلج عن طريق الوحدة الزمنية ( الساعة ).
والمقعودة يتم انعقادها في العام مرتين كل ستة أشهر وتباع فيها حصص الماء بواقع 24 أثرا تدور بين المشترين خلال فترتي الصباح والمساء وعند مغيب الشمس وكان في الماضي يتم معرفة دوران تقسيم مياه الفلج بواسطة المزولة وهو نظام متبع توارثته الأجيال في أنصبة مياه الأفلاج يقاس بحركة الظل وفي الليل عن طريق حركة النجوم ويتم الاعتماد على ذلك عن طريق أحد الأهالي ذوي الخبرة والمعرفة بالتوقيت وتختلف مابين فصل الشتاء والصيف ، والمقعودة يتم عقدها بعد الإعلان من عريف الفلج بموعدها حيث يتجمع الأهالي في موقع متعارف عليه في سبلة البلدة أو تحت ظل شجرة تتم خلالها المناداة من عريف الفلج مع وجود كاتب ويعود ريعها لصالح صيانة ثقاب أو سواقي الفلج أو إزالة أي عائق لمجرى الفلج الوطن حرصت على حضور إحدى حلقات مناداة بيع مياه فلج الدريز بعبري أو بما هو متعارف عليه مقعودة الفلج لتنقل المشهد التراثي والعرف التقليدي الجميل وعادات وتقاليد الآباء والأجداد وما يتبعه من نظام اجتماعي في بيع حصص مياه الفلج .

أنظمة وأعراف ..

الشيخ حمد بن سيف بن حمد الغافري أحد المشايخ المسؤولين عن فلج البلدة أوضح أن المقعودة مسمى قديم تعارف عليه الآباء والأجداد في بيع مياه الفلج وبسعر يتناسب مع أصحاب المزارع والبساتين وهذه المبالغ كأمانة يتم رصدها تعود للفلج وصيانته من شق القنوات وإزالة المشوهات أو ما يعيق مجاري الفلج من أشجار أو مخلفات وتعديل الطرقات لمسار الفلج للتسهيل أمام الأهالي لسقي الضواحي والمزارع وصيانة قنوات الفلج بالأسمنت والطابوق لتعبر المياه بكل مرونة في سواقيه .
وأضاف المقعودة نظام وعرف اجتماعي تم التعارف عليه لدى الأهالي ولدينا في بلدة الدريز بعبري مقعودتان مقعودة حصن العالي والأخرى مقعودة حصن السافل ولكل منها 24 أثرا وتشمل هاتين المقعودتين 48 أثرا وقد تم دمجها للبيع في جلسة واحدة ويدور فيها توقيت وأيام ري المزروعات بحسابات ومدة متعارف عليها وتقام في العام مرتين في شهري أبريل وأكتوبر.
ويتم من خلال ملاك وأهالي الفلج اختيار أحد الأهالي من ذوي الخبرة والدراية بأعمال الفلج بأن يكون عريفا أو وكيلا للفلج وهو المسئول عن موعد انعقاد المقعودة والأمين لأعمال الفلج حيث يتم إشعار الأهالي بانعقاد المقعودة وتتم عملية المناداة بتقسيم الحصص والمتعارف عليها الأثر ونصف الربيع والربيع وغيرها من المصطلحات المتعارف عليها منذ القدم وتكون بداية المناداة في بيع مياه الفلج بتقسيم ساعاته منذ طلوع الشمس وحتى غروب الشمس وبالنسبة لساعات الليل مخصصة لمن يرغب من الأهالي في زيادة حصص الماء لري مزروعاتهم وأيضا المزارع الأخرى حسب الأعراف المتبعة في نظام تقسيم مياه الفلج عند الأهالي .
ويتابع قائلا : يتم اختيار عريف الفلج بحسب خبرته ودرايته بالتوقيت ونظام الفلج وأن يكون أمينا للمسئولية الملقاة عليه لنظام الفلج ومتابعته وصيانة ماهو ضروري لتسهيل مجاري مياه الفلج وسرعة وصوله للمزارع والضواحي وهناك سجل لدى عريف الفلج يدون عليه مايتم من مجريات في مقعودة الفلج من حصص المياه والمبالغ العائدة من المقعودة وهذه العادة الحميدة حافظ عليها الأهالي وأصبحت عرفا لديهم لصون حقوق الأفلاج.
هندسة الاباء
ويختتم قائلا : نظام الأفلاج في عمان وما يتبعه من هندسة بديعة في شق قنواته يعد رمزا من رموز حضارة بلادنا العريقة وسجلا عريقا يبرز ملحمة بطولات وأعمال الآباء والأجداد فقد قاموا بشق القنوات وحفر الآبار المساعدة ولمسافات بعيدة لإيصالها إلى القرية لسقي مزروعاتهم واستحداث أنظمة المنزفة لجلب المياه من الآبار وبهذه الأفلاج ومياهها الرقراقة التي تنساب في سواقيها تعمرت الديار وانتشرت الرقعة الزراعية والواحات الخضراء بمختلف المزروعات ولله الحمد حكومتنا الرشيدة لم تال جهدا في تبنيها لمشاريع صيانة الأفلاج ومساعدة الأهالي في إيصال المياه إلى الضواحي فعملت على تطوير آلية أنظمة الأفلاج وإدارتها كعرف تقليدي ينبع بالخير في ربوع القرى العمانية.