[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/zohair.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]زهير ماجد [/author]
الخوف حالة إنسانية مقيمة في النفس والجسد ولها تعبيرات مختلفة، وهي تشكل عبر حياة الانسان واقعا له ترجمته واشكاله. لكن اما ان يكون هنالك خوف مصنّع فتلك هي المشكلة.
في المآسي الكبرى يبرز الخوف بقوة في تفاصيل الناس وفي تحركاتهم وفي عملية الدفاع عن النفس .. الكل يهرب إلى فكرة واحدة وهي البحث عن الحماية لكي لايموت. في اللاوعي الانساني دائما تقف فكرة الموت ومعها افكار الحماية منها ، ولهذا يكون الخوف مبررا من أجل النجاة في أكثر الاحيان.
حتى الابطال يخافون والجنود ايضا، ولهذا يتحول الخوف إلى ممارسة شجاعة مطلقة ، خير الدفاع عن الخوف هو الوقوع فيما يخاف منه.
في تاريخنا الفلسطيني، ان خوف الناس من الاشاعات التي تم تداولها عن مجازر اليهود كان السبب وراء الهروب الفلسطيني المنظم وغير المنظم. لاشك ان وراء الفكرة حقيقة ساطعة، خصوصا ان الفكرة الصهيونية قائمة على الصدمة والرعب، أمرين يؤديان بطبيعة الحال إلى بث الاشاعات ونجاحها عن بعد وعن قرب.
منذ أن انتصر الاسرائيلي في حرب يونيو 1967 وعلى ثلاث دول عربية، حوله من نعجة الى اسد، من مقتول لابد منه الى محترف حرب شديد البأس .. كل علامات الخوف منه رافقت المشهد الذي تلا نهاية الحرب، وزيادة في الضغط على المواطن العربي الحائر المحبط الخائف والمذعور هبطت على رأسه قيم اعلامية مدمرة اضافة الى كتب صدرت وكلها تزيد من حالة الخوف واليأس .. ولولا عودة ظهور الكلاشينكوف وهو سلاح روسي بأيدي الفلسطينيين، لما برزت من جديد القدرة على اعادة النظر بالحالة البائسة العربية.
هذا في حالات الشعوب، اما الدول فماذا تفعل حين يتم تخويفها كما كان سؤالنا في مطلع المقال .. السائد في واقع الشرق الاوسط ان الولايات المتحدة تطرح خوفا بين دوله مما يستدعي التسلح على الفور واللهاث وراء شراء الاسلحة، والمعاداة دون اثبات وجه حق في العداوة ، واستنفار الاعلام وكل مشتقات العداوة من اجل التعبير عن الحالة في صورتها المزورة.
ثم انه رغم انكسار الخوف من اسرائيل بعد حرب العام 2006 ضد حزب الله، واعتقاد راسخ بانها هزمت امام هذا الحزب اللبناني، الا ان عقدة الخوف مازالت مسيطرة على عقول كثيرين يعتقدون ان بامكان الكيان الصهيوني شن حرب في أي وقت على حزب الله والانتصار فيها او على أي دولة عربية ايضا. في الوقت الذي يتبع الامين العام لحزب الله حسن نصرالله ظاهرة مهمة وهي تكسير حاجز الخوف واحلال الشجاعة مكانه الى حد الاعتقاد الكامل بان النصر قادم لامحالة على اسرائيل. ويلقى اسلوب نصرالله هذا هوى لدى جمهوره وربما لدى البعض العربي والاسلامي.
" داعش " مثلا استعملت الاسلوب الصهيوني في الصدم والمباغتة والتخويف وتحقيق مجازر وتقديم اعلان ساهم فيه كثير من الغربيين واسرائيل طبعا يخيف الآخرين .. وعندما بدأت الحروب على جبهات مختلفة ضد هذا التنظيم وسحقه في كل المرات، هدأت نفوس كثيرة ، بل تبدد هذا الخوف عند كثيرين ، ومع الوقت صارت الحرب ضد " داعش " خارج اهتمام الكثير من الناس بعدما جاء البديل الاقوى وهي الجيوش العربية التي تنتصر وتربح المعارك وتنهي الظاهرة الداعشية ولو انها ستبقى فكرة متداولة ومؤثرة بين الاجيال، وربما الى وقت طويل.