فيما رأت روسيا أن (الاتفاق) مع أوروبا سيكون له (عواقب وخيمة)
كييف ـ عواصم ـ وكالات:
أفادت تقارير صادرة عن طرفي الصراع في أوكرانيا مجددا بتواصل العنف شرق الجمهورية السوفيتية السابقة وذلك على الرغم من تمديد وقف إطلاق النار. وبحسب وكالة الأنباء الروسية (إنترفاكس) امس السبت ، اشار ميروسلاف رودينكو زعيم الانفصاليين إلى تواصل العمليات العسكرية في مدينة كراماتورسك. واتهم دميتري تيمتشوك الخبير العسكري البارز في كييف الانفصاليين بإطلاق النار على جنود أوكرانيين في مطار مدينة كراماتورسك لكنه أشار إلى عدم سقوط ضحايا بين الجنود جراء إطلاق النار.وفي مدينة لوجانسك واصل الانفصاليون استعدادهم تحسبا لوقوع هجمات جديدة وأعلنوا عن إنشاء أكثر من 60 مخبأ للوقاية من الهجمات بالقنابل. ومدد الرئيس الاوكراني بترو بوروشنكو امس السبت ولـ72 ساعة وقف اطلاق النار مع الانفصاليين بعد ساعات من التوصل الى اتفاق شراكة تاريخي مع الاتحاد الاوروبي في بروكسل اثار غضب موسكو. واتخذت اوكرانيا قرار تمديد وقف اطلاق النار الذي انتهت مهلته ، بعد مشاورات عاجلة اجراها بوروشنكو مع كبار المسؤولين في وزارة الدفاع فور وصوله الى كييف وبعد مشاركته في قمة الاتحاد الاوروبي في بروكسل. وفي بروكسل طالب الرئيس الاوكراني بالافراج عن رهائن بينهم مراقبون في منظمة الامن والتعاون في اوروبا ووقف "تسلل" الاسلحة والمقاتلين. واعلن الكسندر بوروداي احد قادة التمرد الانفصالي المعلن من طرف واحد في دونيتسك ان الانفصاليين موافقون على تمديد الهدنة "للفترة التي عرضها بوروشنكو". وكان بوروداي يتحدث بعد مشاورات مع ممثلين لكييف. وقد وعد باطلاق سراح المراقبين المحتجزين منذ 29 مايو فورا. وامهل قادة الاتحاد الاوروبي المجتمعون في بروكسل روسيا ثلاثة ايام للقيام باعمال ملموسة من اجل خفض التوتر في شرق اوكرانيا تحت طائلة فرض عقوبات جديدة. وحدد الاتحاد الاوروبي اربعة شروط يتعين تلبيتها حتى منتصف الاثنين المقبل من بينها "بدء مفاوضات جوهرية حول تطبيق خطة السلام التي طرحها الرئيس بوروشنكو". وكان الرئيس الاوكراني صرح في بروكسل عقب توقيع اتفاق الشراكة مع الاتحاد الاوروبي "انه يوم تاريخي وربما الاهم منذ استقلال" اوكرانيا. وقال ان "لا مفر من التطور في التاريخ"، مشددا على ان الاتفاق يشمل "اوكرانيا كلها بما فيها القرم". ويهدف اتفاق الشراكة اساسا الى الغاء الحواجز الجمركية بين دول الاتحاد الاوروبي واوكرانيا التي يبلغ عدد سكانها 45 مليون نسمة وتملك صناعات معدنية ومعروفة بصادراتها الزراعية. وكان امتناع اوكرانيا عن توقيع الاتفاق في نوفمبر الماضي ادى الى حركة احتجاجية اطاحت السلطات الموالية لروسيا والى تمرد في الشرق اسفر عن سقوط اكثر من 400 قتيل. ولم تخل ردود الفعل الروسية من التهديد بعد اسبوعين على وقف امدادت الغاز الروسي الى اوكرانيا لعدم تسديد الديون المترتبة عليها. وفي تصريح للتلفزيون الروسي، قال الرئيس فلاديمير بوتين ان "الانقلاب غير الدستوري في كييف ومحاولات فرض خيار مصطنع على الشعب الاوكراني بين اوروبا وروسيا دفع المجتمع نحو الانقسام ومواجهة داخلية مؤلمة". واشار الى انه ما زال لا يعترف بشرعية السلطات الموالية لاوروبا في كييف. وبتوقيع الاتفاق في بروكسل تتبدد امال بوتين بانضمام اوكرانيا الى الاتحاد الاقتصادي الذي اقامه مع دولتين اخريين من الاتحاد السوفيتي السابق هما بيلاروس وكازاخستان بينما يسعى الى اعادة نفوذ موسكو في المنطقة. وحذر نائب وزير الخارجية الروسي جريجوري كاراسين من ان الاتفاق سيكون له "عواقب خطيرة". وتخشى موسكو وصول سلع من انتاج الاتحاد الاوروبي الى اسواقها عن طريق اوكرانيا مما يمكن ان يؤثر على انتاجها المحلي. وتقول انه لا يمكن لكييف ان تستفيد في الوقت ذاته من امتيازات تجارية تقدمها كل بروكسل وموسكو. وبعد اسبوعين تقريبا من قطع الغاز الروسي عن اوكرانيا بسبب عدم التوصل الى اتفاق حول تسديد الدين، هددت مجموعة الغاز الروسية العملاقة جازبروم مجددا بخفض شحناتها الى الشركات الاوروبية التي تمد اوكرانيا بالغاز "باتجاه معاكس" للتعويض عن توقف الشحنات الروسية. وانتخب بوروشنكو رجل الاعمال الثري البالغ من العمر 48 عاما في 25 مايو بناء على وعد بتقرب اوكرانيا الجمهورية السوفيتية السابقة التي حصلت على استقلالها في 1991، من الغرب.
وادى وصول سلطات قريبة من اوروبا الى الحكم في كييف الى نشوء حركة انفصالية موالية لروسيا في شرق اوكرانيا وازمة في العلاقات الروسية الاوروبية لا سابق لها منذ الحرب الباردة. ولم يخف الرئيس الجديد انه يعتزم جعل هذا الاتفاق خطوة اولى نحو انضمام اوكرانيا الى الاتحاد الاوروبي، لكنه احتمال يستبعده الاوروبيون حاليا. وتم توقيع الشق الاول من الاتفاق ويشمل الجانب السياسي في مارس من قبل رئيس الحكومة الاوكراني ارسين ياتسينيوك.وتأمل اوكرانيا ان تقوم روسيا امس السبت بخطوات ملموسة لتثبيت وقف اطلاق النار الهش الذي مددته كييف في شرق اوكرانيا لثلاثة ايام املا في التوصل الى حوار من اجل السلام.
وكان قادة الاتحاد الاوروبي في بروكسل امهلوا الجمعة روسيا ثلاثة ايام للقيام باعمال ملموسة من اجل خفض التوتر في شرق اوكرانيا تحت طائلة فرض عقوبات جديدة. وحذر نائب وزير الخارجية الروسي جريجوري كاراسين من ان الاتفاق سيكون له "عواقب خطيرة". وكان من المقرر ان يوقع الاتفاق في نوفمبر الماضي قبل ان يغير الرئيس انذاك فيكتور يانوكوفيتش موقفه ويطلب مساعدة اقتصادية من روسيا بينما تشهد اوكرانيا انكماشا شبه متواصل منذ اكثر من سنتين.هذا الى الحركة الاحتجاجية التي انتهت باطاحته ثم ضم القرم الى روسيا قبل نشوء الحركة الانفصالية في شرق اوكرانيا. واطلقت كييف بعد ذلك حملة عسكرية ضد الانفصاليين اسفرت منذ ابريل عن مقتل اكثر من 400 شخص. وتقول الامم المتحدة ان 54 الفا و500 شخص نزحوا داخل اوكرانيا و110 آلاف آخرين فروا الى روسيا. واخيرا، خفضت وكالة موديز للتصنيف الائتماني الجمعة من "مستقر" الى "سلبي" التقديرات المرتبطة بالافاق الاقتصادية لروسيا بسبب التأثير الاقتصادي الناتج عن الازمة في اوكرانيا. من جهتها قالت الولايات المتحدة إن الاتفاق بين أوكرانيا والاتحاد الأوروبي الذي أبرم في بروكسل أثبت فشل التدخل الروسي في أوكرانيا. وأيد البيت الأبيض الانذار الصادر عن المجلس الأوروبي يوم الاثنين للانفصاليين الأوكرانيين لنزع فتيل العنف والتوتر وطالب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مجددا بنقل القوات الروسية بعيدا عن الحدود الأوكرانية. وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية ماري هارف إن التدخل الروسي في أوكرانيا جلب لروسيا بالضبط ما كانت تحاول منعه. كما أنها ألقت بذلك بدولتين أخريين هما جورجيا ومولدافيا بصورة أسرع إلى أحضان الاتحاد الأوروبي. وتابعت هارف "أعتقد أنه من الجدير بالذكر أن ما كان الرئيس فلاديمير بوتين يحاول منعه بتدخله في أوكرانيا قد حدث الآن بالضبط" في إشارة للاتفاقات التي أبرمتها مع الاتحاد الأوروبي في بروكسل.وأضافت هارف "اعتقد أنه بالنسبة لجورجيا ومولدوفا فقد حدث بسرعة أكبر مما كان يمكن أن تكون عليه الأمور بخلاف ذلك.. إن الذي كان يحاول أن يمنع حدوثه قد حدث بالضبط اليوم". ووصف المتحدث باسم البيت الأبيض جوش ارنست مثل هذه التهديدات بأنها "غير مفيدة" وأعرب عن تأييده الكامل لمطالب المجلس الأوروبي للانفصاليين الموالين لروسيا في أوكرانيا ولموسكو نفسها.