[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/khamis.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]خميس التوبي[/author]
تقرير الأمم المتحدة الذي حمَّل الحكومة السورية مسؤولية الهجوم بغاز السارين في خان شيخون في أبريل الماضي، كان متوقعًا وبالتالي ليس ثمة ما يثير الدهشة والاستغراب في ثنايا التقرير، وما يجعل التقرير فاقدًا للموضوعية والمنهجية والمصداقية في إعداده أنه لم يخرج عن السياق الذي يتم وفقه إعداد التقارير المتعلقة بمخطط تدمير سوريا، سواء من حيث الأدلة التي استند عليها معدو التقرير أو الشهود وموقعهم في المخطط ومدى مصداقيتهم، فضلًا عن حيادية معدِّي التقرير والضغوط الموجهة عليهم، وعلاقتهم كذلك بالقوى المتآمرة على سوريا والمنطقة.
وما يجعل هذا التقرير اللقيط مجردًا من أخلاقيات المهنة والأمانة التي يفترض بها أن تكون الأساس عند القائمين على إعداده، وأنه تقرير مسيَّس حتى النخاع وموجَّه نحو خدمة مخطط تدمير سوريا وتحقيق الأهداف التي يسعى إليها الواقفون وراءه، أنه تجاهل تسليم سوريا لترسانتها الكيماوية وشهادة منظمة حظر الأسلحة الكيميائية أن دمشق التزمت وأوفت بذلك، ولم يستند إلى تقرير لجنة تقصي حقائق محايدة، بل إن رفض معشر المتآمرين على سوريا تشكيل هذه اللجنة للتحقيق في أحداث خان شيخون بمحافظة إدلب، والاتهامات المجهزة والمعلبة دائمًا ضد الجيش العربي السوري بأنه من استخدم السلاح الكيماوي ضد المدنيين وبما يخدم مخطط التدمير والاستهداف، يفضح هذا التقرير الأممي العتيد حقيقة هذا الرفض؛ أي أن النيات مبيتة من قبل. كما أن التقرير بهزالته التي ورد بها وفي جانبه الآخر لا يؤكد فقط أن فبركة سيناريو استخدام السلاح الكيماوي ضد المدنيين وإخراجها أمام مرأى ومسمع العالم على النحو الذي ظهر به كمسرحية هزلية، اختبار مواقف الرئيس الأميركي دونالد ترامب بعيد تنصيبه مباشرة، وإنما يعكس حالة اليأس والبؤس والانهزام والانكسار التي يبدو عليها معشر المتآمرين، وهذا يظهر جليًّا من خلال الارتباط الوثيق بين الوضع الميداني الذي يشهد يوميًّا إنجازات متوالية للجيش العربي السوري على حساب معشر المتآمرين وتنظيماته الإرهابية التي تقود مخطط التدمير نيابة عنهم. فمن يتتبع جميع التقارير الأممية الصادرة ـ منذ تفجير مخطط تدمير سوريا وحتى الآن ـ يلحظ ارتباطها الوثيق بالوضع الميداني، كمحاولة من معشر المتآمرين لتغيير اتجاه دفة الموازين على الأرض لصالحهم، عبر هذه التقارير بغية أن تشكل ضغطًا وإرباكًا وتشويشًا على الخطط الميدانية العسكرية للجيش العربي السوري وحلفائه، مع أن أي متابع منصف للمشهد لا تنطلي عليه مثل هذه التقارير التي يريد معشر المتآمرين التلطي وراءها، فكما هو معروف أن كل الجرائم والموبقات التي ارتكبت ولا تزال ترتكب بحق الشعب السوري هي من فعل التنظيمات الإرهابية وبإيعاز مباشر من القوى المتآمرة والمتأبطة لإرهاب هذه التنظيمات والمتخذة منها جيشًا بالوكالة في مخطط تدميرها للدولة السورية، والسلاح المستخدم في هذه الجرائم أيًّا كان نوعه كيماويًّا أو تقليديًّا القوى المتآمرة هي التي زودت به هذه التنظيمات الإرهابية، لذلك فإن المدنيين الذين وقعوا ضحايا لهذه الجرائم إنما يتحمل مسؤولية إبادتهم من تكفل بدعم التنظيمات الإرهابية وراهن عليها، فالمذابح التي وقعت في سوريا كالحولة ودير الزور وخان العسل والغوطة وغيرها، وما يتعرض له الشعب السوري من تشريد وتجويع وتجهيل وفتن طائفية ومذهبية هو من تدبير المتآمرين على سوريا، بدليل الحصار الاقتصادي الظالم والخانق الذي فرضوه على الشعب السوري، وتسييس أو رفض أي لجنة تحقيق دولية محايدة، وعرقلة الحل السياسي، ولو كانت لديهم النية والمصداقية للحل لما وصل عدد جولات مؤتمر أستانة إلى أكثر من ست جولات، ولما بلغ عدد جولات مؤتمر جنيف أكثر من سبع جولات؛ لأنه لو كانوا صادقين في كل ما يتفوهون به أو يرفعونه من شعارات لكانت جولة أو جولتان كافيتين للحل، هذا فضلًا عن الدعم المباشر والمفضوح لتنظيمات صنفت أمميًّا بأنها تنظيمات إرهابية كتنظيمي "داعش والنصرة".
لذلك، فإن التقرير الأممي الذي ألقى بالمسؤولية على الحكومة السورية في أحداث خان شيخون، جاء متزامنًا مع تطورات ميدانية تصب في صالح الدولة السورية، خاصة اقتراب كل من سوريا والعراق من إنهاء حقبة تنظيم "داعش" وتطهيرهما كامل التراب السوري والعراقي من الإرهاب "القاعدي"، وهو ما يعني اقترابهما (سوريا والعراق) من وضع نهاية للمشروع الصهيو ـ أميركي في المنطقة انطلاقًا منهما، بدأ يشعر بوخزاتها ولكماتها، ولهذا يسارع معشر المتآمرين إلى خلط الأوراق والتشويش والإرباك والتعطيل، وبالتالي التقرير الأممي في ميزان تحركات التعطيل والتشويش لمعشر المتآمرين لعرقلة الجيش العربي السوري لا يختلف عن عمليات تسليم الراية التي تجريها واشنطن بين تنظيم "داعش" الإرهابي وميليشيات ما يسمى "سوريا الديمقراطية" الانفصالية. وفي التقدير هي محاولات قد تؤخر بلوغ النهاية المؤلمة لكنها لن تمنع حدوثها، فميليشيات الانفصال الكردية المعروفة بـ"قسد" التي يراهن عليها الصهيو ـ أميركي لن يكون حالها أحسن من نظيرتها في شمال العراق.

[email protected]