الإبتسامة في حد ذاتها صدقة، والصدقة جزاؤها الاحسان، والبشاشة مرتبطة بالإبتسامة، ولها ايضا صدقة ولها حسنات كما يقال:(بشاشه المرء خير من عطائه، فكيف اذا حاز البشاشه والعطاء) اما اذا كانت الابتسامة تخفي وراءها ما تخفيه من اقنعة بداخلها ـ والعياذ بالله ـ مكر وخداع ونفاق فهذا نوع من انواع الابتسامة الساخرة والتي تخبئ وراءها أصنافاً من الحقد والغل ولا عجب أن نرى هذا في وجوه بعض شبابنا فقد أصبحت المسلسلات والافلام والمسرحيات أحد العوامل التي تصب دمها في عروق الشباب وبعضهم يعتبرها ميزة يفتجر بها كما يفتخر بالكثير من الاعمال الخارجة عن النطاق الاخلاقي والاجتماعي، وفي مجتمعنا نرى الكثير من هؤلاء يلبسون أقنعة يخفون وراءها تدابير ودسائس ويحيكون المؤامرات وفي ظاهرهم عندما تقابلهم يستقبلونك بالاحضان والابتسامات العريضة ويفرشون لك أكاليل من الورد لتمشي عليها يشعرونك بأنهم أحباؤك وأصحابك ويخافون عليك حتى من الهواء العابر، ولكن الحقيقة غير ذلك ففي قلوبهم الغل وينتظرون فرصاً للانتقام ولحظة الخلاص منك متشوقين أن يروك في اسوأ حالاتك حتى تحلو لهم الشماتة ويكونون قد أراحوا ضمائرهم الميتة، وفي المقابل هناك فئة تحب أن تنشر الغسيل أمام الآخرين وليس المهم ان يكون هذا واقعاً ولا يهمهم أن يشوهوا السمعة ويزرعوا في عقول الآخرين أنك اسوأ خلق الله وان الخصال السيئة سمتك ولا يتركون مجالاً للعقل أن يفكر لما يبثونه من أقاويل مصطنعة وأكاذيب ملفقة مع إختيارهم للعناصر التي ترى أنك تلازمهم ويكنّون لك الاحترام والتقدير بهدف أن يبعدوك عنهم وأن تتلاشى ثقتهم بك وهذا النوع من السلاح أحياناً يصيب واحياناً يفقد عياره ويتبخر في الهواء الطلق دون أن يخدش الابرياء بأية خدوش وهذا بالطبع يعود لعقلانية المخاطب الذي يفكر بعقله لا بقلبه، وكما يقال:(إذا كان المتحدث مجنوناً فليكن المستمع عاقل ويدرك ما يقال له) وعلى غرار ذلك نجد أن واحداً ربما يدخل عقول المحرومين من التفكير ويمثل لهم المصلحة العامة ويصنع منهم أرجوحة يحركها متى يشاء وكيفما يشاء مقابل أغراض دنيئة تلحق بالبرئ الاتهامات، لاسيما أن هناك فئة من البشر لديها الحنكة في الاسلوب، والتلاعب بالعقول، وتأويل الحكايات، وإختيار الوقت المناسب، والعجب العجاب هناك فئة متخصصة همها التفرقة، وعدم الألفة، خصوصاً إذا وجدت أسراً ومحبين تسودهم المحبة والإخاء، يعيشون بسلام وأمان.
إذن يأتي هنا دور العقل الذي خلقه الله تعالى وزرعه في جمجمه الانسان، فهو لم يُخلق عبثاً أو سدى، وإنما أعماله أساس تحريك الانسان وبإمكانه ان يصل الى قلوب الناس بالمحبة والرضا أو يقع في شر أعماله، وعلى المستوى الأخروي فإما جنة عرضها السماوات والارض أو جهنم التي تطالب المزيد كل ما طلب منها، والمولى عزوجل يقول:(يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأٍ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين) .. نسأل الله أن يجنبنا هذه الفئة وهذا المرض الخبيث الذي إذا توغل في قلب الانسان الضعيف فتك به، وأن يجعلنا من المحبين في الدنيا والآخرة، وحرياً بنا أن نحكم العقل قبل العاطفة، وأن لاندع هذه النوعية من البشر أن تهدم أسرنا وأقاربنا، وعلاقاتنا مع الآخرين ، وما نعايشه من تداعيات يطول شرحها يجعلنا اكثر تركيزاً لما يسمى بـ (القيل والقال).

أحمد بن موسى الخروصي