[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/adelsaad.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]عادل سعد[/author]
”.. تقرير الأمم المتحددة بشأن حادثة خان شيخون يندرج ضمن قائمة التزوير والفبركة الإعلامية؛ لأنه استند إلى شهادات من هذا النوع، ولم تؤخذ بنظر الاهتمام تشخيصات الدولة السورية وتوضيحات روسيا، مع العلم أن دمشق سلمت مخزونها من هذا السلاح ضمن صفقة معروفة، وهي أيضا ليست بحاجة إلى استخدام الكيماوي وقت حادثة خان شيخون...”

ثمة فرق جوهري قاطع بين مفهومي التبشير والترويج, فالتبشير من البشارة والفرح الغامر والرؤية السعيدة, بينما الترويج لا يخرج عن كونه تسويقا لأفكار قد يكون بعضها إيجابيا اقتضته مصالح عامة, وبعضها الآخر بنوايا سيئة مبيتة، يراد بها التشويش على الحقائق والدفع بضياع البوصلة للتعتيم على الاتجاه الصحيح الذي ينبغي أن يكون سالكا.
في العراق, وربما في بلدان أخرى ما زالت تستخدم الشهادات الميدانية المأجورة أسلوبا للتصديق على ما يجري, إذ يمكنك أن ترى العديد من الأشخاص يترزقون بتأجير أقوالهم لصالح هذا الموضوع أو ذاك, تستطيع أن تجدهم أمام المحاكم أو في واجهات بعض الدوائر الرسمية يتقنون أدوارهم ويستثمرون مهاراتهم من أجل الإقناع على الرغم من الفساد الذي يحركها, وبعضهم متطوعون أساسا لأنهم يعانون من الشعور بفقر مواقفهم ويسدونه بهذه التوجهات, هناك آخرون تصنعهم إرادات سياسية معينة لتغيير الاتجاهات بما يرضي أهدافا مغشوشة على حساب حقائق دامغة.
لقد استوقفني تقرير أصدرته الأمم المتحدة بداية الأسبوع الحالي بشأن حادثة (الكيماوي) في خان شيخون المنطقة السورية، فقد تبنت المنظمة الدولية شهادات مأجورة غير نزيهة بالمرة، هدفت مع سبق الإصرار إلى إلصاق تهمة استخدام هذا السلاح المحرم بالدولة السورية رغم الكثير من المعلومات التي أفادت أن الجماعات الإرهابية قد تخصصت بتلك الأسلحة لإلصاق التهمة بدمشق في إطار أن الحرب خدعة وتزوير وبيع وشراء, وهي بالنسخة على الأرض السورية قد امتلكت براءات اختراع باعترافات لا تحصى كان آخرها اعترافين متتاليين لا يفصل بينهما زمن طويل على لسان رئيس الوزراء القطري السابق حمد بن جاسم في معلومات موثقة كيف كان التآمر على دمشق لتشويه صورتها.
إن تقرير الأمم المتحددة بشأن حادثة خان شيخون يندرج ضمن قائمة التزوير والفبركة الإعلامية؛ لأنه استند إلى شهادات من هذا النوع ولم تؤخذ بنظر الاهتمام تشخيصات الدولة السورية وتوضيحات روسيا، مع العلم أن دمشق سلمت مخزونها من هذا السلاح ضمن صفقة معروفة وهي أيضا ليست بحاجة إلى استخدام الكيماوي وقت حادثة خان شيخون؛ لأنها في موقع النصر والسيطرة العسكرية وليس من مصلحتها مطلقا استخدام الكيماوي إلا إذا كانت تريد الانتحار السياسي ضمن عنوان (عليّ وعلى أعدائي) وهي ـ أعني دمشق ـ ليست من هذا الصنف.
ومن العينات المعروفة عن الشهادات المأجورة, ما تم ترتيبه على واقعة اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري, كيف أن مصالح سياسية لبنانية وإقليمية ودولية جيرت الحادث من أجل إلصاق التهمة بدمشق، ومن ثم بحزب الله اللبناني في عملية طبخ إعلامي وترتيب كشوفات موقعية وهاتفية مزورة، وتم اعتقال أربعة ضباط لبنانيين كبار من أجل إيجاد مسوغات لإلصاق تلك التهمة بهما، وعملت على تقويض بعض الحقائق باستخدام شاهد زور اختفى بعد ذلك، ولكن كل هذه المقاربات سقطت جملة وتفصيلا، فقد تم الإفراج عن العسكريين اللبنانيين الأربعة بدون أية كفالات وما زال موضوع الاغتيال يراوح في المحكمة الدولية بعد تراجع الاتهامات المذكورة الواحد تلو الآخر.
وتحضرني أيضا شهادات مأجورة أخرى لصالح تصنيع نكايات ضد كوبا من خلال ما أسمته إدارة الرئيس الأميركي ترامب (الهجمات الصوتية) على السفارة الأميركية في هافانا, وللأسف الشديد أن ما يجري ضد اليمن تحرك أغلبه شهادات مأجورة ليس بعيدا عنها ما يزعمه أحيانا المبعوث الأممي ولد الشيخ أحمد.
على أي حال، نحن الآن نعاني في المنطقة العربية من سطوة الشهادات المأجورة، ولكن لا بد من مواجهتها بالوقوف مع الحقيقة, إنها مهمة صعبة جدا, غير أنها حتمية إذا أرادت الضمائر السياسية أن تنتصر لشرفها.