[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/fayzrasheed.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]د. فايز رشيد[/author]
” الحسد ديدن الفاشلين والتافهين.. يستعملونه مبرراً.. لخستهم.. ويعتبرونه.. مزية فريدة! يعتقدون أن أبواب السماء وآذان الآخرين لا تُفتح إلا لسرائرهم المريضة... ودناءتهم...فردا كانوا أم جماعة! هؤلاء يعيشون حيواتهم ... دون تركِ...حتى أثرٍ وحيد.. إلا لقذارتهم في تثبيط همم الآخرين!... ومحو... من كان وجوده ... سبباً في كشف أرواحهم ونفسياتهم المريضة!”
ـــــــــــــــــــــــــــــــ

الخير والشر ملازمان لبدء الخليقة. لكلّ منهما أشكاله ومظاهره التي يتجسّد فيها. لا نعتقد أن هناك ضرورة للمقارنة بينهما, فالخير هو الحياة بعظمتها وإنسانيتها وجوهرها. الشر هو الاستثناء, هكذا هو المفروض! لكن للأسف تتزايد وتائر الأخير في حياتنا, بدليل القصص الكثيرة التي يسمعها كلّ منا في يومه. الأديان والمبادىء الأخلاقية كلها تدعو إلى الخير, والابتعاد عن كلّ ما يسبب الأذى للآخرين. لو انصاع الإنسان إلى القيم الخلقية، لما حصلت مشكلة لمطلق إنسان. يقولون عن فلان بأنه إنسان ناجح. بالتأكيد لم ينجح إلاّ لأنه يستحق, وإن لم يستحق, فإنه سينزلق عند أوّل منعطف. الإنسان يهيىء أسباب نجاحه إن أتقن عمله وأخلص فيه. بالمقابل هناك الإنسان الفاشل, الذي أيضاً يهيىء أسباب فشله. الظروف واحدة على كلّ الناس , لكن الجوهر الإنساني هو القادر على التحكم بالمسلكية التي يقتضيها النجاح , وتهيئة عوامله بشكل صحيح لا يظلم فيه أحداً. قد تعاكس الظروف إنسانا ما لفترة, لكن لن تعاكسه مدى الحياة. لذلك فإن الفشل, هو عملية إسقاط عوامله على الظروف . قديما قيل : من جدّ وجد. وبالطبع من لا يجّد، لن يجد.
صاحب هذه السطور يكتب هذا الموضوع على غير عادته في المجال السياسي, لا في محاولة لإعطاء محاضرة في الأخلاق, بل لتوضيح مسلك إنساني يجابهه كلّ منّا في حياته. مسلك يربط بين ظاهرتيه شعرة رفيعة, وأقصد به ظاهرة الغبطة ونقيضتها ظاهرة الحسد. نقول ذلك, لأن في حياتنا أعداء لكل نجاح! عداوة النجاحات هي الاسم الحركي لظاهرة الحسد, الموجودة في الحياة, والتي يلمسها مطلق إنسان. إن المسلكية الإنسانية تجاه ظاهرة ما ,تكون بين خيارين لا ثالث لهما، إما الغبطة أو الحسد. بمعنى أن تغبّط الآخر على ما هو فيه , ويكون بالنسبة إليك مثالاً وقدوةً، أو تحسده على الموقع الذي هو فيه أو ما يمتلكه على سبيل المثال وليس الحصر, فتبدأ بالنبش عنه وتحفر له حفرة وراء أخرى، في محاولة تحطيمه. أسأل القرّاء الكرام: من منكم لم يتعرض لظاهرة الحسد في مكان عمله أو موقعه؟ . من منكم لم يأته الغدر من أناسٍ لم يتوقع منهم غدراً؟.
معروف أن الناس متفاوتون في كل شيء، من المال والعلم والمكانة وغيرها، فمن رأى من هو أعلى أو أوسع منه في النعمة، وتمنى أن يكون له مثله من غير تمني زوالها عنه، فهذا هو معنى "الغبطة". يقول شهاب الدين القرافي ,إن الغبطة: هي "تمني حصول مثل نعمة الغير، لنفسك، من غير تعرض لطلب زوالها عن صاحبها، بل تشتهي مثلها لنفسك مع بقائها لذويها". أما الحسد فوفقا للعلماء: هو شعور عاطفي بتمني زوال قوة أو إنجاز أو ملك أو ميزة من شخص آخر، والحصول عليها أو يكتفي الحاسد بالرغبة في زوالها من الآخرين. وهو بخلاف الغبطة فإنها تمنّي مثلها، من غير حب زوالها عن المغبوط. يقول تعالى في محكم كتابه الكريم في سورة الفلق (ومن شرّ حاسدٍ إذا حسد)، فالحسد موجود في مجتمعنا، وأصبح ظاهرةً بدأت تستشري، وصارت لها فنونها وألوانها. الحسد هو خُلقٌ ذميم لأنّه إذا وصل إلى القلوب أفسدها، وهو نتيجة من نتائج الحقد، حيث إنّ من يحقد على إنسان يتمنّى زوال النعمة عنه. أسباب الحسد هي العداوة والبغضاء بين الناس، وتنتج عن: التعزز: وهو أن لا يرى الحاسد من هو أرفع منه. العجب: وهو استحقار وانتقاص الناس. حب الرئاسة وطلب الجاه: لأنّ بعض الناس يحبّون أن يُمدحوا.
الحسد ديدن الفاشلين والتافهين.. يستعملونه مبرراً.. لخستهم.. ويعتبرونه.. مزية فريدة! يعتقدون أن أبواب السماء وآذان الآخرين لا تُفتح إلا لسرائرهم المريضة... ودناءتهم...فردا كانوا أم جماعة! هؤلاء يعيشون حيواتهم ... دون تركِ...حتى أثرٍ وحيد.. إلا لقذارتهم في تثبيط همم الآخرين!... ومحو... من كان وجوده ... سبباً في كشف أرواحهم ونفسياتهم المريضة! وعقولهم الفارغة... وقلوبهم الدنيئة. طوبى لمن يضع هؤلاء الحمقى خلف ظهره! ولا ينساق إلى تفاهتهم وفظاظتهم... ويمضي مشواره... كزهرة العبّاد... التي لا تتطلع ... إلا إلى الشمس, والكبرياء... والأصالة.... والمواقف الوطنية والإنسانية النبيلة... دون نظرٍ لمصلحة ذاتية انتهازية في حقيقتها... غمرت تكوينهم الجسدي والسيكولوجي... والتعاملي....هذه لغتي المهذبة كثيراً... في التعامل مع هؤلاء وأمثالهم. كفاكم وكفانا الله شرّ الحسد والحاسدين.