[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/waleedzubidy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]وليد الزبيدي[/author]

يذكر بعض المؤرخين، أن في تلك الفترة قد لحق اذى كبير باليهود بسبب الحروب التي كانت تحدث بين الرومانيين والساسانيين ولا ندري لماذا يلحق مثل ذلك الأذى باليهود دون غيرهم، ونعتقد أن تلك الأحداث يتناولها العديد من الباحثين والدارسين دون تمحيصها بدقة، فيذكر أنه في عهد بهرام الخامس (جور) (420-438م) لاقى اليهود اضطهاداً عنيفاً، وواجه اليهود في مملكة فارس موجة شديدة من الاضطهاد في عهد خلافة يزدجرد الثاني وهرمز الثالث وفيروز الاول (438-484م).
وشهد اليهود ذات الشيء في عهد كسرى الثاني (590-628م) وغير ذلك من الروايات.
ويرجع الباحثون سبب ما يحصل لليهود لوقوفهم إلى جانب احد الاطراف، أو لتهربهم من دفع الضرائب وفي أغلب الأحيان، نجد أن اليهود يحققون في النهاية أهدافهم ويتمكنون من الوصول إلى مراكز القرار والحصول على مساندتها ودعمها، وتتردد هذه القصص وحكايات عن اليهود عبر التاريخ دون غيرهم من الأقوام والشعوب، وفي تقديرنا أن هذا الأمر يحتاج الى انتباه الدارسين والباحثين في التاريخ اليهودي، مع الأخذ بالاعتبار أن المصادر المتوفرة والتي تناولت نشاطات اليهود ومجتمعاتهم وما عاشوه من أحداث، المظلم منها والمضيء، ظلت تردد تلك القصص، معتمدة على ما أورده التلمود بصورة خاصة، ومعروف أن التلمود قد تمت كتابته من قبل الأحبار في بابل (انظر يعقوب يوسف كوريه، يهود العراق ص10).
ويذكر (H.Gunkle في كتابه Israel and Babylon p12) أن علم الآثار قد برهن على أن المقومات الأساسية للتوراة هي بابلية صرف ويقول د.أحمد سوسة: في بابل كتب التلمود البابلي، ولهذا الكتاب أهمية خاصة بالنسبة لتاريخ العراق، ففيه بحوث عن مدن وقرى وانهر العراق، ومن خلال ما ورد فيه، تم فهم جغرافية العراق في عصور ما قبل الميلاد وما بعده. (انظر ملامح من التاريخ ليهود العراق ص173) وظلت المراحل التاريخية ليهود العرق تكتب من خلال تلك الزاوية واعتماداً على مصادر محددة.
ازدهرت دراسة التوراة في بابل منذ القرن الثالث الميلادي ازدهاراً كبيراً على يد اثنين من الأمورائيين هما الرباني وشموئيل حيث ولد كلاهما في العراق، وذهبا الى فلسطين وسمعا التوراة من عند يهودا هناسي (ربي) وعادا في الربع الاول من القرن الثالث الى بابل، وفتح لكل منهما (يشيبة او سيدرا) ونشرا التوراة من هناك (ابراهام بن يعقوب، مصدر سابق ص15).
وعندما عاد الرباني إلى بابل سنة 219م اصبح مراقباً ومشرفاً على المقاييس والأوزان والأسعار في الأسواق، واتجه بعد عمله ذلك إلى تأسيس (يشيبة) في مدينة سورا، وبدأت اعداد التلاميذ بالتدفق اليها من بابل ومناطق أخرى، وبعد حوالي ثمانمائة سنة، أي حتى نهاية عهد الجاؤونيين، بلغ عدد تلامذتها الدائميين حوالي 12.000 تلميذ، كما كان هناك عدد من التلاميذ غير الدائمين والذين يمارسون بعض الحرف أثناء اشهر السنة، ثم يأتون للدراسة خلال شهري امارس وسبتمبر لسماع التوراة، وسميت هذه الاجتماعات باسم (المظلة) وسمي التلاميذ الذين يجلسون وسط البيدر الدائري بابناء (المظلة) ودُعي الشهران المذكوران (مارس وسبتمبر) بشهري المظلة، ويسمى الرباني الذي يعظ امام المجتمعين " رئيس المظلة ".