[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/kazemalmosawy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]كاظم الموسوي[/author]

” هل نيجيريا فقيرة الى هذه الدرجة التي تؤدي الى صناعة التطرف؟ أم أنها ابتليت بثروات طائلة يسيل لها لعاب الشركات والمخططات الغربية لابتلاعها والهيمنة عليها والتحكم بادارتها وإدارة المنطقة بعدها؟. وهو ما أشارت له سرعة التحركات الغربية والالتئام بمؤتمرات والتزامات عسكرية وأمنية قبل أي شيء اخر. ”

هل انتهت قضية بوكو حرام في نيجيريا أم فتحت أرض بلادها لحروب جديدة؟. السؤال عن الجماعة التي سميت بهذا الاسم واهتمام الغرب عموما بها وفي الأفعال التي نسبت لها وتحت مسمى اسمها الذي يزعم دفاعه عن الدين الاسلامي أو دعوتها إليه، وفي معنى اسمها الحرام والحروب المفتوحة الآن منها وعليها، التي يمكن القول بأنها حلال من منطلق تسميتها نفسه. فإذا كان اسمها يعني كما يقول العارفون بها بأنه يعني في لهجة قبائل الهوسا "التعليم الغربي حرام"، وإنها تأسست سنة 2002 في الشمال الشرقي من نيجيريا كجماعة اسلامية، "من أجل تطبيق الشريعة الإسلامية والقضاء على التعليم الغربي بشكل تام، لا يهمها في ذلك سماحة الدين الإسلامي، ولا وجود أغلبيات مسيحية في ولايات الجنوب، وفي بعض المناطق من الشمال حيث تعيش أقلية مسيحية، وحيث تمّ اختطاف الطالبات المذكورات عندما كنّ يقدمن امتحانات في ثانويتهن. ورغم مقتل مؤسسها محمد يوسف سنة 2009، إلا أن الجماعة المتطرفة استمرت في التوسع، تستقطب أساسا الطلبة والتلاميذ الذين لم يكملوا دراستهم، فضلا عن عدد من التشاديين، قامت بمجموعة من العمليات ضد مصالح الجيش والأمن، كما تسبّبت في إعلان الرئيس النيجيري جودلاك جوناثان لحالة الطوارئ في شمال شرق نيجيريا دون فائدة، فقد استمرت الجماعة في مهاجمة القواعد العسكرية، بل وحتى قتل المدنيين". وإذا كانت الجماعة تقوم بكل ما أعلن عنه تحت هذا المسمى فهي تجيز الحروب عليها أيضا، او تصبح حلالا، كما تعتبر خطف الابرياء والحروب التي تشنها حلالا. ومن هنا فإن هذه الجماعة تسيء للدين الإسلامي ولشعبها وبلدها ويتطلب العمل المشترك وبالأساليب المشروعة للتخلص من أعمالها وردعها من الاستمرار بهذه الممارسات الارهابية التي لا يمكن السماح لها أو التسامح معها.
جرى الاهتمام بها من أول إعلان لها وازداد عندما اختطفت الطالبات من مدرستهن في بلدة تشيبوك بولاية بورنو، يوم 14 أبريل/الماضي. وما زالت العملية سارية ولم تجد حلا لها او مخرجا سلميا ينقذ حياة الطالبات ويرجعهن سالمات بعد. وتسابقت الدول الاستعمارية وأرسلت فرقها السرية وطائراتها وشنت حملة إعلامية وعلاقات عامة، افتتحتها السيدة الأمريكية الاولى ميشيل اوباما ورفعت مع تظاهرات كثيرة يافطات وإعلانات وشعارات تطالب بإطلاق سراح الطالبات وإعادتهن إلى أهلهن ومقاعد دراستهن. وهي إشارات واضحة لعودة اخرى لأشكال من الاستعمار الغربي واستغلال لمعاناة الناس والتسرب عبرها بوجوه او اقنعة جديدة وبقفازات ناعمة او اية مسميات اخرى تعيد المعنى وتقربه المصالح الغربية الكبيرة والشهية المفتوحة لها في بلاد ثرية الكنوز وارض مفتوحة باسم حرام.
لم يتوقف الخطف وأخباره متواصلة وكأن كل هذه العمليات ليست مرتبطة بما حصل قبل الآن. وبالتأكيد ليس آخر خبر ما نشر اخيرا وأكد على اختطاف 60 امرأة وطفلا، شمالي نيجيريا ايضا، حسب ما أفاد به مسؤولون. ويعتقد أن الاختطاف تم خلال هجمات نفذها مسلحون ينتمون لجماعة بوكو حرام على عدة قرى في ولاية بورنو. (وكالات 24 حزيران/ يونيو 2014).
يعترف توني بلير، رئيس وزراء بريطانيا السابق في مقال له: "وغالبا ما تواجه الحكومات هذا التحدي بشجاعة وثبات، وانطلاقا من هذه العزيمة تستخدم القوات الإفريقية في العديد من البلدان في محاولة للحفاظ على السلام. ولكن الحقيقة هي أن المشكلة مستمرة في النمو رغم ذلك. وهذا ليس من قبيل المصادفة. فعندما أصبحت رئيساً لوزراء المملكة المتحدة في عام 1997 كانت نيجيريا مثالا للتعاون المثمر بين المسيحيين والمسلمين. والإيديولوجية المدمرة التي تمثلها "بوكو حرام" ليست جزءا من تقاليد البلاد، فهي مستوردة من الخارج".
ويحدد في مقاله خطر المشكلة برمتها، وكيف يجد الغرب سبلا لتنفيذ خطط كانت مرسومة وبانتظار حركات مثل بوكو حرام لتضعها حجة او ذريعة. وفي الواقع انها لم تكتشف فجأة، وإذا لم توجد بعد فستصنّع، هي وأمثالها عند اللزوم، فلم تنتظر لتقوم بمثل هذه الجريمة بل قدمت لها ما قامت به ووجدت المخططات الغربية والمصالح الاستعمارية فيها ما تسعى اليه. "فمع نمو السكان تنمو المشكلة أيضا. إذ يبلغ عدد سكان نيجيريا نحو 168 مليون نسمة اليوم، ومن المتوقع أن يبلغ العدد 300 مليون نسمة بحلول عام 2030 وفقا لبعض التقديرات، وسوف ينقسم هذا العدد بالتساوي تقريباً بين مسيحيين ومسلمين. وفي غياب مناخ من التعايش السلمي فإن العواقب بالنسبة لنيجيريا والعالم سوف تكون وخيمة. يلعب الفقر وانعدام التنمية دورين كبيرين في إيجاد الظروف التي تحتضن التطرف. ولكن الفقر وحده لا يفسر المشكلة. ويعد التطرف من بين العوامل الكبرى التي تعوق التنمية. فمن ذلك الذي قد يستثمر في شمالي نيجيريا في ظل الظروف الحالية؟ وكيف تحقق الاقتصادات المحلية الازدهار في مثل هذه الأجواء؟". وهنا السؤال الحقيقي، هل نيجيريا فقيرة الى هذه الدرجة التي تؤدي الى صناعة التطرف؟ ام انها ابتليت بثروات طائلة يسيل لها لعاب الشركات والمخططات الغربية لابتلاعها والهيمنة عليها والتحكم بادارتها وإدارة المنطقة بعدها؟. وهو ما أشارت له سرعة التحركات الغربية والالتئام بمؤتمرات والتزامات عسكرية وأمنية قبل أي شيء آخر.