[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/fayzrasheed.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]د. فايز رشيد[/author]
في تعقيب وسؤال لكاتب هذه السطور, تضمن الأول ملاحظة الكاتب عن الرئيس الأسد المتمثلة في تهيئته للمواقف السياسية التي يتخذها بإيضاحات فكرية عميقة تؤسس للموقف السياسي, وهو ما يدلل على عمق تفكير الرئيس الأسد واهتمامه بالفكر, هذا أولا. والقراءة العميقة للرئيس الأسد لحقيقة الصهيونية ووليدها السياسي الإسرائيلي. الرئيس عبدالناصر ـ رحمه الله ـ كان يولي للفكر اهتمامه الأول.

جرى الاجتماع الأول للملتقى العربي لمجابهة الحلف الأميركي ـ الصهيوني وأعوانهما في الإقليم, الذي ضم وفودا من كافة الدول العربية, في العاصمة السورية دمشق على مدى يومين 14 -15 نوفمبر الحالي. جرى الملتقى برعاية الرئيس بشار الأسد, الذي استقبل المدعوين إليه في قصره. حقيقة الأمر, أن رعاية الرئيس السوري للمؤتمر هي دليل سياسي على توافق السياسة السورية مع الشعارات التي رفعها المؤتمر. من زاوية ثانية وضع الرئيس الحضور في صورة الأوضاع السورية الراهنة, مؤكدا على الانتصار الذي حققته سوريا بمساعدة حلفائها في محور المقاومة على المخطط الأميركي ـ الصهيوني ـ وبعض العربي لتقسيم سوريا, مشددا على أنه وبعد الانتهاء من تحرير المناطق التابعة لسيطرة "داعش" و"النصرة" وأعوانهما, سيجري التعامل مع كل المناطق التي تحتلها كافة القوات الأجنبية كقوات احتلال. أيضا, أكد الرئيس الأسد على وحدة سوريا والحفاظ على أراضيها كاملة.
تحدث الرئيس عن أهمية الجمع بين الإسلام والقومية, فلا تناقض بينهما وبما يعزز الأسس لكل منهما بمنظار إنساني يعزز القيم الجميلة التي دعوَا إليها. وبيّن الرئيس الأسد أن الانتماء العربي هو المستهدف ليس كمفهوم فحسب, وإنما كمضمون وجوهر توحيدي بين أبناء الأمة الواحدة, ضمن تعايش سلمي حقيقي مع الأقليات الإثنية المتواجدة في العالم العربي وتحقيق المساواة الكاملة للأقليات مع إخوتهم العرب, وإعطائهم كافة حقوقهم الدينية والحفاظ على تراثهم ولغاتهم, وضرب مثلا, في أن الإخوة الأرمن لم يجدوا أفضل من سوريا ليعقدوا مؤتمرهم الأول فيها. كما تحدث عن المخططات الجارية لاستهداف الهوية العربية الجامعة ومحاولات تفتيتها إلى هويات متعددة تبعا للقطرية, فبدلا من تحديد الهوية بالعروبة, يجري التركيز على الجنسية القطرية: (أنا سوري, أنا تونسي, أنا يمني... الخ.. أيضا يجري استهداف اللغة العربية كلغة جامعة, ووسيلة تخاطب وتراث وإرث مجتمعي. تحدث الرئيس مطولا عن قضايا كثيرة أخرى لا يتسع المجال لذكرها في مقالة صحفية.
اللافت للنظر في الرئيس الأسد عشقه للحوار, الذي استمر مع الحاضرين ما يقارب الثلاث ساعات دون كلل أو ملل, وكلما نبّه رئيس المؤتمر الأستاذ نجاح واكيم الحاضرين بضرورة عدم إثقال الرئيس بالمزيد من توجيه الأسئلة إليه, كان الرئيس يعترض ويطالب بتوجيه المزيد من الأسئلة. وفي تعقيب وسؤال لكاتب هذه السطور, تضمن الأول ملاحظة الكاتب عن الرئيس الأسد المتمثلة في تهيئته للمواقف السياسية التي يتخذها بإيضاحات فكرية عميقة تؤسس للموقف السياسي, وهو ما يدلل على عمق تفكير الرئيس الأسد واهتمامه بالفكر, هذا أولا. والقراءة العميقة للرئيس الأسد لحقيقة الصهيونية ووليدها السياسي الإسرائيلي. الرئيس عبدالناصر ـ رحمه الله ـ كان يولي للفكر اهتمامه الأول. وعن سؤال الكاتب حول مستقبل الديمقراطية في سوريا, قال الرئيس: "إنني أؤمن بالحوار مع الآخر ولا مواقف تتخذ إلا بعد الحوار", مؤكدا حرصه على تعزيز الديمقراطية في سوريا, مشددا على أهمية تطوير فكر حزب البعث العربي الاشتراكي, لأن بعض مفاهيمه شاخت. الرئيس الأسد قائد إنساني متواضع, بطريقة تجعلك لا تتحرج في طرح أية أسئلة قد تعتقدها محرّمة, وكأن إيمانه يشي بأن أي سؤال ممكن وحلال. ما يلفت النظر في الرئيس, إصغاؤه الشديد لكل من يتحدث أمامه.
بالنسبة للملتقى, فبعد الاستماع لخطاب الرئيس الأسد, استأنف أعماله, ثم جرى تشكيل عدة لجان, توزع الحاضرون عليها. ثم أصدرت كل لجنة توصياتها, وجرى التصويت على التوصيات في الاجتماع الموسع الذي جرى بعد اجتماع اللجان. وصدر البيان الختامي وخطة الملتقى للعام القادم بما يخدم الشعار الذي انعقد المؤتمر تحت لوائه.