فهل بعد هذه الأدلة يبقى شكٌ بوجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟؟
مراتب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر :
قال تعالى في سورة لقمان:"يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ"
سيدنا لقمان في وصيته لابنه قال: (أَقِمِ ٱلصَّلاَةَ.. ) لأن الصلاة أول اكتمال لمنهج الله، وبها يكتمل إيمان الإنسان في ذاته.
ثم يقول له: (وَأْمُرْ بِٱلْمَعْرُوفِ وَٱنْهَ عَنِ ٱلْمُنْكَرِ) أي: فانشغل بعد كمالك بإقامة الصلاة، بأنْ تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر،
فبالصلاة كَمُلْتَ في ذاتك، وبالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تنقل الكمال إلى الغير،وفي ذلك كمال الإيمان،(أنْ تحب لأخيك ما تحب لنفسك)، ثم يقول لقمان لولده: (وَٱصْبِرْ عَلَىٰ مَآ أَصَابَكَ).
*الصبر: حَمْل النفس على التجلُّد للأحداث ،وأوصى بالصبر بعد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛لأن الذي يتعرض لهذين الأمرين لا بُدَّ أن يصيبه سوء من جراء أمره بالمعروف أو نَهْيه عن المنكر،فإنْ تعرضتْ للإيذاء فاصبر؛ لأن هذا الصبر يعطيك جزاءً واسعاً.
ولتغيير المنكر مراتب وضحها النبي (صلى الله عليه وسلم) في قوله:(مَنْ رأى منكم منكراً فليُغيِّره بيده، فإنْ لم يستطع فبلسانه، فإنْ لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان)
(1)الإنكار باليد: فلك أنْ تُغيِّر المنكر بيدكَ فتضرب وتمنع إذا كان لك ولاية على صاحب المنكر، كأن يكون ولدك أو أخاك أو أحد من أهلك.
* مثال للأب :له أن يضرب ابنه حين يأمره للصلاة وسائر الواجبات،وحين ينهاه عما حرم الله كأن رآه يدخن وفي فمه سيجارة .‏
(2) الإنكار باللسان :فإنْ لم تكُنْ لك استطاعة الانكار باليد، فيكفي أنْ تُغيِّر بلسانك إنْ كانت لديك الكلمة الطيبة التي تداوي دون أن تجرح الآخرين، ودون أنْ يؤدي النصح إلى فتنة، فيكون ضرره أكثر من نفعه.
*مثال للمعلمة في المدرسة :تستخدم العظة والتذكير والمعاملة بالأسلوب الحسن مع الرفق، وتستعمل الألفاظ الطيبة والكلمات المناسبة لكي تكسب الطالبة في صفها، حتى لو قوبلت بالسوء فهي لا تقابل إلا بالتي هي أحسن.‏
(3)الإنكار بالقلب :فإنْ لم يكُنْ في استطاعتك أن تنكر بلسانك، فليكُنْ تغيير المنكر بالقلب،فإنْ رأيتَ منكراً لا تملك إلا أنَّ تقول: "اللهم إنَّ هذا منكر لا يرضيك"، يقول تعالى:"وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره ، إنكم إذاً مثلهم"، ففي الآية نهي صريح عن مجالسة أصحاب المنكر حال مواقعته، حتى يتحولوا عنه، وإلا كانوا مثلهم في الإثم، لرضاهم بذلك!!
(فالتغيير بالقلب ليس كلمة تقال إنما فعل وموقف)
* مثال للشاب عند اصدقائه :
مفارقة أهل المعصية حال معصيتهم، فلا تهنئه في فرح، ولا تعزيه في حزن، وإنْ كان صاحب المعصية صاحب تجارة، فلا تَبِعْ له ولا تشتر منه..الخ.
(فلا يكون التغيير بالقلب إلا إذا أحسَّ صاحب المنكر أنه في عزلة!!)
ولكن للأسف ما انتشر الباطل وتَبجح أهل الفساد وأهل المنكر في واقعنا، إلا لأن الناس يحترمونهم ويعاملونهم على هذه الحال، بل ربما زاد احترام الناس لهم خوفاً من باطلهم ومن ظلمهم !.

اعداد ـ جوخة بنت علي الحارثية
قسم الارشاد النسوي