إن كان علم الادارة كما يعتقد البعض بعيدا بنظرياته ونماذجه عن واقع مؤسسات القطاع العام، فإن الامر لا ينعقد بهكذا تصور، لان الخلل يكمن في التطبيق وليس في علم الادارة، فهذا العلم ليس وليد اللحظة او الصدفة، فقد مر بمراحل ومدارس ونظريات عديدة عبر عدة قرون، حتى وصل الى ما وصل اليه. وما يعنينا هو علم ادارة التغيير الذي ظهر وتطور حديثا في العقدين الاخيرين من القرن الماضي ليصبح من اهم العلوم الادارية، حتى إن رجالات الادارة افضوا الى نتيجة أن ادارة التغيير في القرن الحالي اصبحت جزءا لا يتجزأ من مهام المسؤول او المدير، بل اضيفت إلى وظائف الادارة التقليدية المعروفة من تخطيط وتوجيه وتنسيق وقيادة ورقابة.
والسؤال الذي يمكن طرحه على مؤسساتنا الحكومية هل تعيش هذه المؤسسات حالة التغير أم التغيير..؟. فهناك بون شاسع بين التغير والتغيير وكثير من مؤسساتنا للأسف تعيش في حالة التغير المزمن والذي يدخل المؤسسة في حالة من السبات والموت السريري البطيء فهي تعمل بصورة تلقائية وفق مبدأ ردة الفعل، وتعتقد جازمة بأن هذا الافضل والاسلم لها وبهذا هي تسير العمل فقط وبدون أن يلوح في الافق بوادر التطوير أو الابداع او حتى لزمام المبادرات الذكية التي اصبحت محركا إداريا لا غنى عنه. متناسية ما تعارف عليه قديما من لا يتجدد يتبدد ومن لا يتقدم يتقادم.
اما حالة التغيير التي تنشد فهي حالة قائمة على رصد المتغيرات وعلى تنفيذ الخطط والاستراتيجيات المدروسة مدفوعة بدعم ومتابعة من الادارة العليا واحداث المبادرات والابتكارات لتكون ضمن سياسة المؤسسة مما يكسبها الحيوية الدائمة ويقلص من البيروقراطية والفساد الاداري وتعمل كذلك على تحسين الاداء الوظيفي وتقلل من معدلات الدوران الوظيفي وتعمل على ادخال التكنولوجيا في العمل، واخيرا تشجع الموظفين على تحقيق اهداف المؤسسة وتساهم في تحقيق الرضا الوظيفي لهم ناهيك عن الاتقاء بمستوى الخدمة.

خالد بن عبدالله العبري
باحث وكاتب
[email protected]