إعداد ـ علي بن عوض الشيباني:
أيها الصائمون القائمون:
في الواقع إن الأطفال يتفاوتون في نظرتهم لرمضان وما يحمله من معان في حياتهم وآخرتهم ، بحسب ما ينالونه من ( التعبئة ) قبل رمضان وأثناءه ، وما كان عوَّدهم عليه أهلوهم ، وبقدر ما عليه الآباء والأمهات من الثقافة والاهتمامات .
فثمةَ من الأطفال من يعتبر رمضان موسم ( تسمين ) واكتناز ( خبرات ) في أنواع
المأكولات ، وخاصةً إذا شاهد أن جلب المواد الغذائية إلى البيت في رمضان يفوق أيَّ شهرٍ آخر ، في أنواعها وكمياتها وغير ذلك .
وبات رمضان عند أطفال آخرين ذا مدلول مرتبط بما يُعرض عبر الشاشة من أفلام الأطفال (المدبلجة ) أو (المسلسلات التي يقوم عليها من تأزهم أنفسهم الآمرة بالسوء إلى أن يخصُّوا بها الشهر الفضيل .
وعند آخرين أنه تحول في مواعيد النوم ليكون الليل نهاراً والنهار ليلاً ، تبعاً لما يعيشه أهل البيت ، إلى آخر ما هنالك من القائمة .
وثمة أطفال ينظرون لرمضان على أنه فرصةٌ لتدريب النفس على المشاق ، واختبارُ مدى صبرها ، لِيُثْبِتُوا في نهاية كل يوم أنهم يَدْرُجُون في مراقي الفتوة والقوة والعزة ، ليصبحوا في مصاف الرجال الذين يُعتمد عليهم ، وليقرروا أنهم على استعداد لحمل أمانة التكاليف الشرعية بكل قوة . وقد نال هذا الصنف حظَّه وافراً من صلاة التراويح ومن قراءة القرآن وإتمامه مرةً وأكثر .
والفرق بين الفريقين :
هو ما قام في نفوس ذويهم من هَمِّ التربية والتوجيه ، أو التساهل بذلك .
وهذا الذي كان سلفنا الصالح يدركونه ، وكانوا تعظم عنايتهم به في تربية أطفالهم ، ألا وهو: التوجيه العملي والتدريب المتدرج .
وهذا ما أخبرت عنه الرُّبَيِّعُ بنتُ مُعَوذ ـ رضي الله عنها ـ من أنَّ الصحابة كانوا يصومون ـ تعني عاشوراء ـ ويصوِّمون صبيانهم الصغار ، وأنهم كانوا يجعلون للأطفال اللُّعبة من العِهْن (الصوف ) فإذا بكى أحدُهم على الطعام أعطوه إياه عند الإفطار . رواه البخاري ومسلم .
وفي لفظ عند مسلم عن خالد بن ذكوان قال : سألتُ الرُّبِيِّعَ بنت معوذ عن صوم عاشوراء ، قالت : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم رُسُلَهُ في قرى الأنصار … الحديث وفيه أنها قالت : ونصنع لهم اللعبة من العِهْن ، فنذهب به معنا ، فإذا سألونا الطعام أعطيناهم اللعبة تلهيهم حتى يتموا صومهم .
قال الإمام النووي ـ : وفي هذا الحديث : تمرين الصبيان على الطاعات ، وتعويدهم العبادات ، ولكنهم ليسوا مكلَّفين.
نسأل الله تعالى أن يَهَبَ لنا من لَدُنه رحمةَ ، إنه هو الوهاب ، وصل الله وسلم على نبينا محمد.