"يأيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم" .. أيها الكرام رمضان هو تجارتكم الصادقة، هو تجارتكم الرابحة، هو تجارتكم الباقية,فإذا كان التلميذ يوم الامتحان يخشى الرسوب ويخاف الفشل بين أصحابه ,فإن الامتحان الأكبر أمامنا وذلك امتحان تعلن النتائج فيه على رؤوس الخلائق فيسمعها الجن والإنس، ينادي المنادي أن قد نجح فلان بن فلان, فتتلقاه ملائكة الرحمة بالرعاية والإكرام إلى دار النعيم المقيم، وقد رسب فلان بن فلان، فتتسلمه زبانية النار بالشدة والهوان إلى دار العذاب الدائم .. فأي الفريقين نرجوا؟!.
إذن لا بد أن نسعف أنفسنا في هذه التجارة الربانية التي لن يكون بها خاسر ومقدار ربحه بمقدار اجتهاده فيها وبذل الرخيص والنفيس من أجلها، فبماذا نجتهد؟ أولا: بالقرآن الكريم فرمضان الذي أنزل فيه القرآن أحق الشهور بتلاوته والإقبال عليه , وفي الحديث الصحيح المشهور: "ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملأئكة وذكرهم الله فيمن عنده" أفلا تحبون أن تتنزل السكينة على قلوبكم وأن تستشعروا الطمأنينة وتتخلصوا من الهم والغم؟ فالقرآن هو الملاذ, أفلا تحبون أن تغشاكم رحمة من الله؟ ومن غشيته رحمة الله فقد نال الخير فعليكم بالقرآن .. أفلا تحبون أن يكزن جلساؤكم الملائكة وهل أشرف منهم أحد؟ فعليكم بتدارس القرآن .. ألا ترون أن الناس يسارعون إلى الشهرة ليعرفهم أهل الأرض, والذين يتلون كتاب الله ويتدارسونه يعرفهم أهل الملأ الأعلى ويذكرهم الله فيمن عنده أفلا تريدون أن تنالوا هذا الشرف؟ فعليكم بالقرآن، ثانيا: ليالي رمضان أيها المؤمنون هي الصفقة المجزية الرابحة ، هي مواسم الزرع لمن أراد أن يورع للأخرة ، هي مواسم للاستعداد للامتحان لمن أراد أن ينجح في الامتحان الأعظم في الأخرة، ثالثا: علينا بذكر الأخرة كثيرا ولا نجعل الدنيا بين أيدينا بل وراءنا ، فكم من الغافلين المساكين يحسبون أن الدنيا هي هذه الأيام بين أيديهم فقد أصيبوا بقصر النظر ولو رأيناها بمنظور الشرع لرأينا أن الطريق طويل وأن السفر بعيد وأن هذه الحياة الدنيا مرحلة من مراحل العمر ليست هي العمر.
فلنتخذ من رمضان موسما للرجوع إلى الله عزوجل ، ونتلو آياته الكريمة، فهما طرقان للتذكير بالآخرة التي نسأل الله أن يوصلنا بها إلى جنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين.

اعداد ـ عائشة بنت يوسف السرحنية