يشهد نهضة سياحية
ــ الرمان والمشمش والخوخ والتين والعنب والتفاح والكمثرى أبرز مزروعات الجبل
الجبل الأخضر ـ العمانية: في مثل هذا الصيف الساخن يكون الجبل الأخضر جنة ظليلة بأشجاره الوارفة وفواكهه دانية الثمر، واعتدال درجة الحرارة فيه، حيث يشعر الزائر وكأنه في مناخ خارج المناخ المعتاد للسلطنة وشبه الجزيرة العربية، إذ يحقق الجبل الأخضر هذه المشاعر لمن يزوره هذه الأيام هرباً من لفح الحر واستمتاعاً بالطبيعة الجبلية والأشجار الخضراء التي تنمو في تلك المرتفعات البعيدة عن سطح البحر حتى ليشعر وكأنه حقا معلق في السماء إنه الجبل فردوس عمان الأخضر.
والطريق إلى الجبل يبدأ من نيابة بركة الموز بولاية نزوى بمحافظة الداخلية والواقعة تحت سفح الجبل العالي، حيث لا يوجد طريق آخر تقطعه السيارة، ولا يمكن الوصول إليه، إلا من خلاله ويبغ طول الطريق 32 كم من بركة الموز إلى سيح قطنة المركز الإداري في الجبل، حيث يمر الزائر على بيت الرديدة الأثري، ويقف عند فلج الخطمين، الذي يعد أحد الأفلاج العمانية الخمسة المدرجة في سجل التراث العالمي بتاريخ 16 يوليو 2006م تعبيراً عن المكانة الدولية والإنسانية لهذا الانجاز الحضاري، والمتمثل في أقدم نظام تقليدي عماني منفرد للري.. ويشكل إرثاً إنسانياً تاريخياً، أبدعه العمانيون وبجانبه مسجد أثري صغير يقع بجوار ساقية الفلج يسمى "مسجد اليعاربة"، شيد في عهد الإمام سلطان بن سيف بن مالك اليعربي عام 1059هـ ـ 1649م وتم ترميمه في عام 1998م، ثم يمر على قرى ووادي المعيدن الغائصة في عمق الوادي.
ثم يسلك الزائر الطريق المرصوف المؤدي إلى الجبل ليلمس اهتمام الحكومة بشبكة الشوارع الحديثة التي تصل إلى المدن والقرى وبين السهول والجبال.. كما هو الحال في شارع الجبل الأخضر والذي تم رصفه وتمهيد عقباته الكؤودة، كان الشارع ترابياً وعالياً ويمر بأودية سحيقة ومرتفعات شاهقة والسير فيه بعربات الدفع الرباعي يعتبر مجازفة بسبب تعرضه للتصدع وانجراف التربة أوان هطول الأمطار ولكن بعد أن تم رصفه تغير الوضع إلى حال آخر وأصبح هذا الشارع يقود السالك إلى هضاب وسهول يتنزه فيها وهو لا يبرح سيارته، حيث تلوح له من بعيد.
ولأنه شارع حديث فهو يمر بالكثير من اللوحات الإرشادية التي تتطلب منه أن يتوخى الحيطة والحذر وأن عليه أن يستخدم نظام الدفع الرباعي ليبطئ من حركة السير صعوداً وهبوطاً من بينها لوحة نصبت على ارتفاع 1685 متراً عن مستوى سطح البحر وهناك ثمة مواقف يمكن من خلالها مشاهدة طرق ولايتي منح ونزوى تقع في جهة الجنوب من الجبل ثمة استراحات مخصصة للزوار وهنا تتجلى جهود البلدية الواضحة في الاهتمام بالمنظر العام وإبقاء الأماكن نظيفة حيث تتوفر ملاعب للاطفال في الحدائق والمتنزهات وارشادات بالتزام نظام السير.
وحالما يصل الزائر إلى سيح قطنة يمكنه من هناك التوجه إلى باقي قرى الجبل الأخضر من بينها مصيرة الرواجح والمناخر والعين والشريجة وسيق والعقر والقشع ووادي بني حبيب والفياضية وحلة الشرف.. ولو توجه إلى السفوح البعيدة الجهة التي تعرف بحيل المسبت فأنه سيمر على قرى شنوت وكهف المعاول والغليل وغيرها.
الطقس مختلف جداً هذا ما سيلاحظه الزائر للوهلة الأولى، حيث تبدأ درجة الحرارة في الانخفاض مع بداية الصعود ومعانقة قمم الجبل حتى تتبدى له سفوح الجبل قطعة خضراء ملونة بأشجار برية ولا تزيد درجة الحرارة في مثل هذا الصيف القائظ عن 30 درجة مئوية.
وقبل الدخول إلى القرى تصادف الزائر لوحات إرشادية وضعتها وزارة السياحة تنوه أن معظم قرى الجبل الأخضر مأهولة بالسكان ولذا يرجى مراعاة الهدوء وعدم الدخول وسط الأحياء السكنية لإزعاج الأهالي وعدم الدخول وسط مزارع الأهالي وتجنب قطف الثمار وقطع أغصان الأشجار والحرص على نظافة المكان ليظل جميلاً ونظيفاً وهناك تنبيهات بضرورة الحفاظ على نظافة المكان ورمي القمامة في أماكنها المخصصة وأن لا يترك الزائر أي مخلفات.. كما يمنع الاستحمام والغسيل في مواقع الأفلاج والعيون المائية، والحرص على عدم إشعال النار تحت الأشجار الظليلة.
ولكن لماذا الزيارة إلى الجبل الأخضر؟، ثمة محفزات تجعل الزائر يقطع هذا الطريق العلوي بمسافة 30 كم حتى يصل إلى أعلى السفح من بينها درجة الحرارة المنخفضة واشتهار الجبل بزراعة أنواع من الفواكه اللذيذة كالرمان والمشمش والخوخ والتين والعنب والتفاح والكمثرى وغيرها من المنتجات الزراعية الموسمية.. كما تشمل مزروعات الجبل بعض الثمار النادرة مثل الجوز والزعفران والزيتون الذي أدخلت زراعته حديثاً قبل سنوات وحالياً يحصده الأهالي ويعصرونه لاستخراج زيت الزيتون الطبيعي والمحلي بواسطة معصرة وفرتها وزارة الزارعة والثروة السمكية، ممثلة في المديرية العامة للزراعة والثروة الحيوانية بمحافظة الداخلية، وتوجد في مقر دائرة التنمية الزراعية بالجبل.
وخلال شهر أبريل الماضي راجت في سفوح الجبل الأخضر عطر رائحة الورد حيث تتفتح زهوره، وبسببه يمتهن الأهالي حرفة تقطير ماء الورد وهي حرفة قديمة ومتوارثة، كما شهد الشهر الماضي نضج المشمس وقطفه، وينتظر الناس بشغف كبير موسم قطاف الرمان، والذي يبدأ موسمه خلال شهر أغسطس، وهو الموسم الأكثر شهرة في الجبل.
الرحلة إلى الجبل الأخضر لا تمل لأن الزائر سيمر على كثير من القرى الواقعة في السفح بمدرجاتها الخضراء كقرية الشريجة، وبعضها غائص في عمق الوادي.. وقد يصادف الزائر كائنات بحرية متحجرة ترتسم آثارها في الصخور مثلما يمر على سدود التخزين السطحي للمياه، وفي السفوح المرتفعة، سيشاهد أشجار العلعلان المعمرة، وهي أشجار مورقة، ذات أغصان كبيرة وجذوع ضخمة، ولكن عليه أن يحذر، وأن لا يوقد النار في أسفلها، حتى لا تتعرض الأشجار إلى الاحتراق.
ويشهد الجبل الأخضر نهضة سياحية واهتمام كبير من قبل الحكومة نظرا لكثافة الزوار في المواسم الحارة وأيام الإجازات لذلك تمت تهيئته لاستقبال الزوار والوفود السياحة في شقق فندقية يملكها المواطنون أو في فنادق لبعض رجال الأعمال والشركات كفندق الجبل الأخضر وفندق سحاب ومؤخرا شهد الجبل افتتاح منتجع "أليلا" السياحي، الذي يقع في المرتفعات البعيدة، وقد صرح مدير عام الترويج السياحي بوزارة السياحة بأن إقامة هذا المنتجع رفيع المستوى في الجبل الأخضر، يأتي في إطار استكمال المبادرة الحكومية الرامية، إلى دفع عجلة نمو قطاع الضيافة والفنادق في السلطنة، والارتقاء به إلى أعلى المستويات العالمية.