[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/zohair.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]زهير ماجد [/author]
يتسبب الألم المصري بكثير من إحساس اللوعة للعرب الذين يعيشون في عقل مصر وفي روحها، ويفكرون معها في كيفية الخلاص من أي شيء ومن كل شيء يقف عثرة في طريق عزتها. فمصر حين تنوح، تتغير أصواتنا نحن، وحين يقتل الأبالسة أبناءها، يصبح لدمائهم قصة مكتوبة بحزننا نحن. عزيزة يامصر، وقد أصبح لك في كل يوم شهداء يسألون عن موتهم المفاجيء، وكانوا جميعا يتمنون الشهادة في معارك مصير وطنهم التي لن تنتهي إلا إذا حققت الكنانة غايات هي في أمس الحاجة إليها، وأولها أن يتوحد الصراع العربي ضد الإرهاب، وأن تتوحد كلمة العرب في هذه الظروف لمواجهة المصير الواحد. ماأصعب الكلمات في حضرة المواساة وأن تقول للملايين من المصرين مايقال في هذه المناسبة الحزينة، أن لا أمل للإرهاب في تحقيق غاياته، سوى نشر المزيد من شروره، وستبقى الدولة دولة، والشعب يفكر بغده ويلاقيه، وستبقى القوات المسلحة المسيطرة على الهواء والماء والأرض ومن عليها قوية وعزيزة. مثير للسخرية أن يفكر الإرهابيون بأبعد من لحظات ممارستهم لعنفهم أن بإمكانهم قلب الصورة في بلد كبير وقوي لصالحهم ,,
خيار الإرهاب أن يظل مثل الثعالب يعيش في جحوره ليخرج في لحظات كي يصطاد وطنا كما يظن، فإذا به يقتل آدميا فقيرا شاء أن يذهب كعادته إلى المسجد كي يقابل ربه، ويناجيه، ويحلم أن يصله دعاءه، كي يرجع له صداه. لو فسرنا الآن مافعله الإرهابيون في مسجد الروضة، وقبله في أماكن كثيرة، ولربما خططهم للآتي ، لقلنا للإرهابيين فتشوا عن محرككم وعما يأمل من إدارة معركة القتل ضد الشعب المصري الذي سوف تنتصر رايته في النهاية، ولسوف تربح الدولة صراعها معكم ، فهي من تملك النفس الطويل كما ملكته في السابق وأراحت المصريين سنينا من وجوده.
المذبحة التي وقعت في مسجد الروضة وماقبلها، عمليات من فبركة أجهزة استخبارات كبرى، فعندما تكون الدولة قوية ومنيعة، وعندما يكون جيشها في كامل عافيته، وشعبها متجانسا، لايملك الإرهاب سوى فكرته الدائمة أن أضرب وأهرب وصولا إلى خطط أخرى مماثلة، فليس مايملكه الإرهاب سوى اللعب على الأمان والاطمئنان ، وحالات الاسترخاء الشعبي.
مزيد من الجنون في هذه المنطقة العربية التي باتت مهددة وليس تملك وحدة دفاع عن الذات، ولو من باب ماهو مرسوم في أدبيات جامعة الدول العربية من فكرة العمل العربي المشترك، وهو خيار من خيارات التلاقي بين ميادين يجب أن تكون وحدتها مصانة ومهابة وفاعلة إزاء إرهاب متنقل، عماده الضرب في أي مكان على سطح الأرض يعنيه ايصال برقياته الدموية إلى هذا البلد أو ذاك، وكثير من الأحيان، صارت عملياته مجرد تعبير عن حضور ووجود، يرسم من خلالها تحدياته بأن الخلاص منه مستحيل.
قدر مصر هو قدر أمة بأسرها تدافع عن وجودها في مواجهة هجمة عاتية تريد اقتلاعها من جذورها المركبة منذ أمد التاريخ .. وما وجود إسرائيل في المنطقة سوى دلالة على أن الصراع لن يتوقف، ومحاولة إلغاء الشكل القائم للأمة سيظل الهدف الثابت في الخطط الماضية والحالية وفي تلك المستقبلية. لن يتوقف الصراع إلا إذا تم اجتثاث إسرائيل، عندها ستتغير المعادلات، وسيكون للوطن العربي صورة جديدة فيها كل آماله التي لم تتحقق.