[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/tarekashkar.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]طارق أشقر [/author]
بصدور تقرير مجلة الإيكونمست البريطانية حول المؤشر العالمي للأمن الغذائي لعام 2017م الذي كشفت فيه لجنة الأمن الغذائي الوزارية عن المرتبة المتقدمة التي حصلت عليها السلطنة في هذا المؤشر العالمي أمس الأول ، يرى المراقبون بأن المرتبة الثامنة والعشرين عالميا التي تبوأتها السلطنة من بين مائة وثلاث عشرة دولة في مؤشر الأمن الغذائي تعتبر إنجازاً يشار إليه بالبنان رغم أنه أقل قليلا من تصنيف العام الماضي 2016 بدرجتين، حيث يعتبر الانخفاض مقبولا في ظل المتغيرات الاقتصادية الإقليمية السريعة في رتمها .
أن تحصل السلطنة على هذه الدرجة المتقدمة عالميا، وأن تحافظ على مرتبتها الثانية خليجيا وعربيا، في ظل ما تعانيه المنطقة العربية من تداعيات سلبية لتراجع أسعار النفط، والسلطنة جزء من هذه المنطقة المتأثرة في مستوى إنفاقها بالإجراءات والخطوات الاحترازية اللازمة، غير أن التقارير الدولية كتقرير مؤشر الغذاء العالمي يؤكد على حرص السلطنة على عدم المساس بالأمن الغذائي.
وبالنظر إلى بعض تفاصيل ذلك التقرير، نجد أن حصول السلطنة على أعلى معدل عالمي ألا وهو (100) نفطة من حيث وجود برامج لسلامة الغذاء والإنفاق العام على البحوث الزراعية والبنية التحتية للزراعة ومن حيث المعايير التغذوية، يؤكد على عمق الرؤية المستقبلية في السعي نحو توفير الأمن الغذائي، وذلك في وقت تؤكد فيه الدراسات الأكاديمية أن الزراعة المعززة عملياتها ببحوث علمية تضمن دائما مردودات كمية ونوعية في المحصولات النهائية التي يحصل عليها المزارع، مما يساعد على كسب المنتجات قدرة تنافسية أعلى ، في أسواق عالمية مفتوحة على بعضها البعض لايصمد فيها إلا ماهو عالي الجودة.
كما يحسب للبحوث الزراعية أيضا قدرتها على تجنيب المستهلك بعض الأمراض التي قد تنتج عن استخدام بعض أنواع الأسمدة والمبيدات الزراعية، الذي قد يؤدي غياب البحوث الزراعية العلمية إلى استخدامها بواسطة المزارعين دون إدراك كامل بإيجابياتها وسلبياتها، ولذلك فان حصول السلطنة على أعلى المعدلات العالمية في المجالات المتعلقة بالبحوث الزراعية يعتبر ضمانة علمية عالمية لسلامة الغذاء في عمان.
كما أن حصولها على معدل 75% من حيث التنوع في النظام الغذائي يمكن اعتباره مؤشرا مكملا للمؤشرات الصحية، حيث يتيح هذا التنوع توسيع فرص تناول المستهلك لما يتطلع إليه من منتجات غذائية متنوعة، وذلك في وقت يزداد فيه مستوى الوعي الصحي بين المستهلكين، وزيادة مستويات إدراكهم بأهمية التنويع الغذائي الذي يضمن حصول المستهلك على كل مايحتاجه من مكونات غذائية متكاملة، تضمن في نهاية الأمر عدم حاجة القطاع الصحي إلى صرف الكثير على ما تتطلبه أمراض نقص وسوء التغذية.
وعلى الجانب الآخر، وعلى الرغم من طبيعة مناخ السلطنة، وعلى الرغم من ماهو معروف عن موقف المياه الجوفية ومياه ري المزروعات الغذائية في منطقة الخليج كافة وصعوباتها، والسلطنة جزء من هذه المنطقة، إلا أن ما حققته السلطنة من مستويات في توفير المنتجات الزراعية المحلية الطازجة، تشهد له محلات البيع بالتجزئة والجملة في مواسم إنتاج الخضراوات المحلية، وهو أمر يؤكد على الحرص على توفير المنتج الغذائي المحلي مهما كانت التكلفة ومهما ارتفعت مستويات منافسة المنتجات المستوردة.
وفي هذا السياق ورغم عدم اتباع السلطنة للسياسات الحمائية لعدم اتساقها مع نهج حرية التجارة وسياسات الأبواب المفتوحة التي تنتهجها السلطنة مع الآخر، إلا أن المتابع لمواسم المنتجات الزراعية العمانية كالخضراوات وبعض الموالح، يجد أن الإنتاج الوفير منها الذي يؤدي إلى زيادة المعروض منها في ظل وجود منتجات أخرى مماثلة مستوردة من الخارج في تلك المواسم، يؤدي عمليا إلى انخفاض أسعار المنتجات المحلية بشكل ملحوظ ، قد يكون أقل في عائده من سعر التكلفة.
ورغم أن هذه الظاهرة تعتبر إيجابية في صالح المستهلك، كونها تسهم في تخفيض أسعار تلك المنتجات الغذائية الهامة والتي بينها على سبيل المثال لا الحصر الطماطم والبازنجان والقرع والكوسة والفلفل بألوانه الأخضر والأحمر والأصفر وغيره من المنتجات الزراعية العمانية الأخرى في مواسمها، إلا أن ذلك الانخفاض في الأسعار ينظر إليه المنتج بعين الاقتصادي الذي يوازن بين معدلات التكلفة ومعدلات الدخل وبالتالي حساب الربح والخسارة .. وبهذا يصبح الأمر مطروحا أمام المعنيين ويتطلب معالجة تتعلق بكيفية التعامل من الواردات المماثلة من الخارج في موسم المنتجات الزراعية المحلية.

طارق أشقر
من أسرة تحرير الوطن
[email protected]