[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/zohair.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]زهير ماجد [/author]
كلما اقترب موعد رأس السنة الميلادية والأعياد التي تسبقه وتليه، يحدث أن أوروبا بأسرها تصاب بالقلق وبعضها بالهلع، إذ لم يخف " داعش " ومشتقاته من توجيه الإنذار إليها بأنهم قادمون، مايعني حضروا انفسكم للعمليات الانتحارية وغير الانتحارية.
لكن تهديد الإرهاب إرهاب حتى ولو كان من باب القول بأنه مازال على قيد الحياة رغم الضربات التي تتالت عليه، بل إنه في سوريا أصبح خارج السمع وليس له وجود على الأرض، وهو في العراق ملاحق من صحراء إلى أخرى ومن قضاء إلى آخر ومن مدينة أو قرية إلى آخر وجود ولو لداعشي واحد.
ستعيش أوروبا على قلق منذ اقتراب الأعياد التي بالنسبة إلى شعوبها فرصة سنوية يصل فيها الفرح والتعبير المفرح إلى منتهاه، فماذا عساها فاعلة وهي تعرف أن التهديد شبه حتمي إن لم يكن حتميا، وإن هؤلاء الأوباش لن يوفروا تلك المناسبة بدون إسالة الدماء، والقتل الجماعي، والترويع والصدمة ، فهم ولدوا لهذه الغاية ، ولن يكون لهم حضور إن لم يفعلوا مايهددونه.
أحد كبار الأمنيين أخبرني ذات مرة أن ثلاثة من الإرهابيين يمكن لهم أن يروعوا مدينة بأكملها . في العام الماضي مثلا تمكن إرهابي واحد أن يحيل ناديا ليليا في تركيا إلى مسرح للقتل ، وقف فيه العالم حائرا وخائفا في الوقت ذاته ، متسائلا عن قدرة هذا الإرهاب من شن عملياته بهذه الطريقة الذكية التي لاتخطر على بال ، وفي توقيت صالح له .
أضاف رجل الأمن المحترف، أن بإمكاننا أن ندخل إلى أي مكان إلا عقول البشر، بماذا يفكرون ، وماذا سيفعلون بعد دقائق مثلا أو غدا أو خلال الأسبوع القادم .. ليس من قدرة على اكتشاف الأفكار والنوايا، ولهذا تنجح العمليات الإرهابية لحظة تحققها في أي مكان مهما كان الأمن متربصا وجاهزا .. وهو مايعرفه كل رجال الأمن ، والعقول الأمنية المتطورة.
يضيف، أصعب مانواجهه نحن الأمنيين تلك الدقائق التي تتفتق فيها المفاجأة، رغم أننا تدربنا جيدا عليها ، وأجدنا في كل فترات التدريب الرد السريع ، لكن الإرهاب يملك ذكاء هو الآخر ، وشجاعة، وقدرة تسويق لإمكانياته العسكرية التي تظهر في لحظتها .. مدرسة هذا الإرهاب هي تقريبا مدرسة يتعلم فيها أخصامهم أيضا، فنحن نعرف أنهم سيضربون ويهربون ، الثواني الأولى هي الناجحة بالنسبة إليهم، وهي مشكلة الرد عليهم إذا كنا متواجدين بالقرب منهم . لكنهم عادة مايختارون ضرباتهم في أماكن ليس لنا فيها وجود، وأن حضورنا السريع يحتاج إلى دقائق ، هي القاتلة عادة والتي ينجحون فيها.
أخذت أوروبا علما بالتهديد فهل تسمح لمظاهر الأعياد الشعبية أن تمر كما يجب ، أم أنها ستضع شروطا ، وقد تضطر للتواجد في كل مكان وحي وشارع ومستديرة وداخل المباني التي يرتادها المحتفلون والعديد من الأماكن التي تشهد زحمة بشر حتى في الأوقات العادية وهذ صعب بل ربما مستحيل.
على أوروبا أن تصدق تماما التهديد وأن تستعد له وأن تضع في حيثياتها الأمنية مايجب فعله قبل فوات الأوان، وإلا فلا يدري أحد ماذا يخبيء الإرهاب في جعبته، وكيف يريد الثأر من الفاجعة التي أصابته في سوريا والعراق وفي أمكنة أخرى، ويسعى من خلال طلته الأوروبية للقول إنه مازال موجودا وعلى قيد الحياة وإنه من الصعب القضاء عليه مهما كانت الحملات المضادة لوجوده.