[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/zohair.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]زهير ماجد [/author]
لم يبق غير التحية لعالم ما بعد منتصف القرن الماضي وصاعدا .. فحين نحتفل بمرور سنة على وفاة ابرز قيادات تلك المرحلة فيدل كاسترو، نستعيد من كان في مرحلته من قيادات لم يسبق ان مرت في اية مرحلة اخرى.
وهنا نطرح مفهوما جرى حوله سجال وحوار، وجوهره من يصنع الآخر الاحداث ام الفرد، وارى ان القادة هم الصناع للتاريخ، ودليلي في يدي .. فلا يمكن لنا سوى ان نضع جلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله واطال عمره ـ في قمة أولئك الذين صنعوا المجد لأوطانهم .. المجد الذي اوصل فيه سلطنة عمان، وبرغم الجانب الديكتاتوري في ستالين مثلا الا انه صنع بلدا عملاقا، واما جوزيه بروز تيتو فقد وحد يوغوسلافيا التي تمكنت لعقله الوقاد من تسيير ذاتها دون اعتماد على اية قوة اخرى .. وهل ننسى ماوتسي تونغ الذي رفع الصين إلى مصاف الدول المحترمة وها هي اليوم مفخرة المرحلة اقتصاديا .. ثم كيف لنا ان لا نقترب من فرنسا التي اعطاها ديجول عملقته، وهل غير ديجول من له هذا التاريخ . . وحكمة كوبا ان توأم فيدل تشي غيفارا لبى نداء الضعفاء والفقراء في العالم واراد ان يحي قيما انسانية مفقودة، فدفع ثمن خيانات من روح الفكرة التي قادها. وهل ننسى جمال عبد الناصر ومصر المتطورة في عهده وتجليات افكاره الوطنية والقومية وعروبته المنفتحة. ثم ها هم قادة افريقيا يلمعون في تاريخ واحد، من احمد سيكوتوري إلى لومومبا إلى نلسون مانديلا ثم كوامي نكروما وحتى هيلا سيلاسي وغيره .. وان الرئيس حافظ الأسد الذي صنع من سوريا دولة يحسب لها الف حساب فجاء تمكنها في السياسة الإقليمية ضرورة لا بد منها، وكيف لنا ان لا نتذكر الجزائر وابرز قيادييها احمد بن بلله وهواري بومدين.
كان عالما متمايزا فيه روحية التغيير والاعتماد على الذات وخلق الفرص لشعوبه .. كأنما كان قدر المرحلة تلك ان تسمو بهذا الكم من القادة التاريخيين الذين حاولوا ان يجعلوا من الارض صوتا لوطنيات متجاوزة، لكن الاستعمار ظل في مكمنه وفي محاولته ان يقيم فوق انفاس تلك الشعوب وان يضرب ضرباته في تغيير القادة واعادة اوطانهم إلى دائرتها.
حدث هذا كله في وقت لم يكن فيه الصراع متوقفا، بقدر ما كانت الحرب الباردة قائمة، والولايات المتحدة المنتصرة بعد الحرب العالمية الثانية تتقدم إلى اهدافها التي رأيناها فيما بعد، وكنا نحن العرب قد انشغلنا بقيام الكيان الصهيوني، حتى وصل ببعض دولنا المطاف إلى ان تكون ميزانية السلاح مثلا اكثر من 64 بالمائة كما هي حال سوريا، وكذلك الواقع المصري الناصري، ووضع العراق بعد العام 1968 حين تسلم حزب البعث الحكم وغيره.
ومع ذلك ظلت المرحلة التي تمتعت بهذا القدر من الوطنيات التي ارادت استقلالا ناجزا، عبر تلك القيادات وانجازاتها، متمايزة إلى التاريخ الذي بدأت فيه تنهار أو تتغير أو تتبدل أو تشن عليها الحروب أو تحاصر ...
اليوم نقرأ جوابا لهذا كله ويكاد ان يكون اسئلة في متن اجوبة. لم يتم الاكتفاء بمحاصرة الدول والضغط عليها، بل شنت عليها حروب مباشرة من اجل تغييرها، وفيما تحقق بعض النتائج ، ظل هنالك من يقاوم رغم الخراب والقتل بالجملة.
لكن الأمل كبير بما جرى من خلق ديناميات جديدة عبر مقاومات بدأت تسلك طريق قلب تلك المعادلات الجهنمية، ولنا في حزب الله والحشود الشعبية بكل اشكالها في اقطار عربية ما يجعلنا نرتاح إلى عصر جديد، تبدو فيه الأحداث وكأنها صنعت قادة سرعان ما أثروا جدا في صيرورتها.