[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/uploads/2016/04/ayman-hussien.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]أيمن حسين
مراسل الوطن[/author]

صناعة الطائرات هي الصناعة التي تدعم الطيران عن طريق بناء الطائرات وتصنيع قطع الغيار اللازمة لصيانتها. وتتضمن هذه الصناعة الطائرات وقطع الغيار المستخدمة لعمليات الطيران المدني والطيران العسكري. ويتم معظم الإنتاج حسب المواصفات التي تحددها شهادات القياس الصادرة عن طريق الكيانات الحكومية. وتندرج هذه الصناعة تحت مصطلح أكثر شمولا وهو صناعة الطيران.
منتجات الطائرات
بالإضافة إلى صنع الطائرات وهو الإنتاج الرئيسي تنتج المصانع الطائرات الشراعية والمروحية وأجزاء مركبات الفضاء. وتسيطر الولايات المتحدة على صناعة الطائرات المدنية على المستوى العالمي. فقد أنتجت شركات الطيران الأميركية في سبعينيات القرن العشرين نحو 85% من مجموع طائرات الخطوط الجوية العاملة في أنحاء العالم فيما عدا تلك الخطوط العاملة في طيران الاتحاد السوفييتي (سابقا). وفي الولايات المتحدة نحو 1,300 مصنع يقوم بصناعة أجزاء الطائرات وأكثر من مائة مصنع للتجميع. وتمتلك بعض هذه المصانع مجموعات من شركات قابضة وهي مؤسسات ضخمة تسيطر على عدد من المصانع التي تعمل في مجالات متنوعة جدًا. أما مصانع الطائرات في الاتحاد السوفييتي فقد كانت تمتلكها الدولة. وكانت هذه المصانع تنتج الطائرات والآلات لتستعمل في الاتحاد السوفييتي وفي دول الكتلة الشرقية (السابقة) وكان الاتحاد السوفييتي يصدر الطائرات الحربية على نطاق واسع.
أما صناعة الطيران البريطانية فإنها تعتمد على شركة إنتاج واحدة هي شركة الطيران البريطانية التي أنشئت نتيجة اندماج العديد من الشركات المتفرقة عبر عشرات الأعوام. والهيئة الرسمية لصناعة الطيران البريطانية هي جمعية شركات الطيران البريطانية وتنتمي إليها كل الهيئات البريطانية المنتجة للطائرات والصواريخ الموجهة ومحركات الطائرات كما تنتمي إليها الهيئات التي تنتج موادها وأجزاءها. وتنظم الجمعية معرضًا دوليًا مهمًا كل عامين في باريس بالتناوب مع نظيره الأوروبي وهو معرض فارنبورو للطيران. وأهم دول أوروبا في صناعة الطيران هي فرنسا التي تصدر الآلات الحربية لعدد من الدول مثل ألمانيا وإيطاليا. ومن الدول الأخرى ذات الأهمية في صناعة الطيران كل من أسبانيا وكندا والهند والصين والبرازيل واليابان وجنوب إفريقيا. أما أستراليا ونيوزيلندا فلديهما منشآت لأعمال صيانة الطائرات. وعلى أية حال فإن الغالبية العظمى من طائرات الخطوط الجوية الأميركية الصنع والقليل منها أوروبية.
المصانع الأولى للطائرات مثل هذا المصنع الفرنسي المنشأ عام (1908م) أنتجت عددًا محدودًا من الطائرات وعلى نطاق ضيق يكاد يكون يدويًا تمامًا. وباندلاع الحرب العالمية الأولى (1914- 1918م) بدأ إنتاج الطائرات الحربية على نطاق واسع. وقد كانت الطائرات تُستخدم قبل الحرب للأغراض الرياضية بوجه خاص.
ولدى أستراليا مصانع لها كفاءة في صنع طائرات من أنواع مختلفة وكذلك صناعة المحركات. غير أن معظم الطائرات التي صُنعت في أستراليا في الماضي كانت تصنع بترخيص. وهو نظام يعتمد على استخدام تصميم أجنبي مقابل رسوم مدفوعة. وقد تم على هذا الأساس إنتاج طائرات حربية ومحركات متقدمة. وتمتلك أستراليا ثلاثة مصانع لصناعة الطائرات اثنان في ملبورن وواحد في سيدني.
تنتج مصانع الطائرات ثلاثة أنواع رئيسية من الطائرات: تتضمن طائرات الطيران العام وطائرات النقل التجاري والطائرات الحربية. وتتراوح أنشطة الطيران العام بين الطيران الشخصي والطيران الترويحي وخدمات الإنقاذ. ومعظم طائرات الطيران العام صغيرة الحجم وذات محرك واحد أو محركين وبعضها مزود بمحركات نفاثة لكن الغالبية منها تُدار بالمراوح. أما طائرات النقل التجاري فكبيرة وتتسع لنقل الركاب والبضائع أو البضائع فقط. وتقوم شركات خطوط الطيران بتشغيل هذه الطائرات ويتسع أصغرها لما يتراوح بين 20 و 100 راكب على حين يتسع أكبرها لعدة مئات. ومعظم طائرات النقل التجاري طائرات نفاثة ذات محركين أو ثلاثة محركات أو أربعة. أما الطائرات الحربية فهي تشمل قاذفات القنابل والمقاتلات والناقلات الحربية التي تمتلكها حكومات الدول وتديرها قواتها المسلحة.
ازدهار صناعة الطيران
تمتلك الحكومات في دول كثيرة بعض أو كل شركات الطيران بها ملكية خالصة أو ملكية جزئية. وعلى سبيل المثال تمتلك الحكومة الكندية معظم أسهم شركة دي هافيلاند الكندية وهي أكبر شركة طيران في كندا. أما في الولايات المتحدة فإن الشركات الست الكبرى يمتلكها أفراد وهي: بوينج وجنرال دايناميكس ولوكهيد وماكدونل دوجلاس وروكويل إنترناشيونال ويونايتد تكنولوجي.
لقد ارتفعت تكاليف إنتاج الطائرات بمرور السنين. فقد دفع الأخوان رايت أقل من ألف دولار ثمنًا للخامات اللازمة لصنع أول طائرة لهما. أما الآن فإن تكاليف أي طائرة حديثة نفاثة تبلغ ملايين الدولارات. ولا تستطيع شركة صغيرة أن تتحمل نفقات صنع طائرة نفاثة. وحتى الشركات الكبيرة تواجه متاعب كثيرة في سبيل الحصول على الأموال اللازمة. وكثيرًا ما يتم دمج شركتين أو أكثر لخفض التكاليف. وقد نتج عن عمليات الدمج هذه عدد من أكبر شركات الطيران في العالم مثل شركة ماكدونل دوجلاس وروكويل إنترناشيونال وشركة الطيران البريطانية والمؤسسة الوطنية لصناعة الطيران في فرنسا.
ولقد تعاون عدد من الدول الأوروبية في مشروعات خاصة لصنع الطائرات. وعلى سبيل المثال كونت الحكومة الإنجليزية والحكومة الفرنسية شركة ليتقاسما تكاليف صناعة طائرة أسرع من الصوت وهي الكونكورد. وقد صممت هذه الطائرة لنقل الركاب بسرعة تفوق سرعة الصوت.
وركزت بعض مصانع الطائرات في الولايات المتحدة وأوروبا في أوائل سبعينيات القرن العشرين على صناعة طائرات نقل نفاثة كبيرة. وتتسع طائرات الجامبو النفاثة أو الإيرباص لضعف أو ثلاثة أضعاف عدد الركاب الذين تسعهم الطائرات النفاثة العادية. وبناءً على ذلك فإنها تساعد على خفض تكاليف التشغيل كما أنها تساعد على تخفيف حركة المرور الجوي في المطارات المزدحمة.
وفي أواسط سبعينيات القرن العشرين أنزل كل من الاتحاد السوفييتي (سابقًا) وفرنسا وبريطانيا طائرات أسرع من الصوت للخدمة التجارية غير أن الاتحاد السوفييتي أوقف هذه الخدمة بسبب الصعوبات التقنية التي واجهت الطائرات السوفييتية الصنع.


تحديات وحلول
يشكل الازدحام الجوي في المطارات المهمة إحدى الصعاب الأساسية التي تواجهها الملاحة الجوية فكثير من المطارات لا يستطيع التعامل بكفاءة مع شدة ازدحام المرور الجوي فيه ففي ساعات الذروة مثلاً تضطر الطائرات أحيانًا للانتظار لفترات طويلة حتى يُؤْذَن لها بالإقلاع أو بالهبوط. وقد روعي بناء العديد من المطارات خارج المدن في أنحاء المعمورة حيث تتوافر الأراضي وحيث لا تزعج ضوضاء النفاثات سكان المدن. ولكن نتج عن ذلك أن أصبح لزامًا على المسافرين قطع مسافات طويلة للوصول إلى المطارات علمًا بأن زيادة أعداد السيارات في الطرق تتسبب في ازدحام المرور في المقابل لتزداد صعوبات الوصول للمطارات النائية بوسائل النقل التقليدية .
وقد اهتمت حكومات الدول منذ بداية صناعة الطيران بالاشتراك في أنشطتها. ذلك لأن للطائرات أهمية كبرى بوصفها أسلحة في الحروب. ولذلك فقد شجعت وموَّلت دول كثيرة تطوير تصميم الطائرات لتحقيق أغراض عسكرية. كما دعمت دول كثيرة تطوير الطيران المدني وتشغيل الطائرات لأغراض غير عسكرية.
وتنظم الحكومات ملاحة الطيران من منطلق الحرص على الأمن وبناء على ذلك فإن لأغلب الحكومات هيئات لفرض قواعد الأمن الجوي ولمواجهة القضايا الاقتصادية المتعلقة بالطيران. وبالإضافة إلى ذلك فقد انضمت كثير من الدول إلى المنظمة العالمية للطيران المدني وتعمل هذه المنظمة على تطوير الطيران المدني في كل أنحاء العالم والحفاظ على سلامة الطيران الدولي.
تاريخ الخطوط الجوية
استمر النقل الجوي في النمو خلال أوائل القرن العشرين. ومع بداية عام 1935م كان للولايات المتحدة أربعة خطوط طيران داخلية هي: الخطوط الجوية الأميركية والخطوط الجوية الشرقية والخطوط الجوية العابرة للقارات والغربية (المسماة اليوم الخطوط الجوية للنقل العالمي) والخطوط الجوية المتحدة. وشملت الخطوط الجوية الأصغر حجمًا كلاً من خطوط برانيف وخطوط دلتا وخطوط الشمال الغربي. وكانت للولايات المتحدة شركة خطوط جوية دولية رئيسية واحدة هي بان أميركان. وقد أُنشئت خطوط الطيران الأيرلندية إيرلنغاس في إيرلندا عام 1936م. ومدت بريطانيا خط خدمات شركة الخطوط الجوية الإمبريالية ليعمل عبر الهند إلى بورما والملايو وأستراليا وجنوب إفريقيا. كما أنشأت شركة الخطوط الجوية الألمانية لوفتهانزا شبكة خطوط موسعة في أوروبا وفي آسيا وأميركا الجنوبية. وتوحدت خمس شركات فرنسية لتكوّن شركة الخطوط الجوية الفرنسية إير فرانس عام 1933م. وتأسست أول شركة خطوط جوية عربية في مصر وهي شركة مصر للطيران التي أسسها طلعت حرب عام 1934م. وتأسست مؤسسة الخطوط الجوية السعودية عام 1945م وقبلها تأسست خطوط طيران الشرق الأوسط اللبنانية ثم السورية. وتوالى بعد ذلك إنشاء الخطوط الجوية في كافة الأقطار العربية واقتضى ذلك بناء العشرات من المطارات المجهزة لاستقبال وسفر ملايين الركاب سنويًا.
ووفاء بزيادة الطلب على طائرات أكثر سرعة وأكبر حجمًا بدأت مصانع الطائرات في إنتاج طائرات مثل بوينج 247 الأمريكية ودوجلاس دي سي ـ3. وما إن ظهرت الطائرة دوجلاس دي سي ـ3 عام 1935م حتى أصبحت أكثر طائرات النقل شهرة في العالم. كما بدأت عدة شركات من بينها شركة مارتن في الولايات المتحدة (المسماة الآن مؤسسة مارتن مارييتا) وشركة شورت في بريطانيا في صنع طائرات مائية وأُطلق عليها اسم قوارب طائرة. وقد استخدمتها خطوط الطيران لتسيير أولى رحلات الركاب عبر المحيط في ثلاثينيات القرن العشرين. كما بدأت شركات جديدة أخرى في الثلاثينيات أيضًا مثل شركة شمال أميركا للملاحة الجوية والشركة المتحدة للطائرات المعروفة الآن باسم شركة التقنيات المتحدة وقد تولت هذه الشركات صناعة آلات برات وويتني.
وبحلول الأعوام الأخيرة من ثلاثينيات القرن العشرين كان الطيران قد أصبح وسيلة نقل مهمة في أغلب أنحاء العالم. فقد حملت الخطوط الجوية عام 1938م نحو 3,5 مليون راكب في العالم استخدم أكثر من ثلثهم خطوط الطيران الأميركية.
وفي عام 1939م أنتجت الولايات المتحدة نحو 2,100 طائرة حربية حيث كان لكل من ألمانيا واليابان قوات جوية أكبر حجمًا. وقد أنتجت شركة ميتسوبيشي اليابانية طائرات حربية منها المقاتلة زيرو الشهيرة. وبعد دخول الولايات المتحدة الحرب في ديسمبر 1941م ازداد إنتاج الطائرات الأمريكية كثيرًا فقد اشتركت أكثر من 40 شركة في محاولة ضخمة لإمداد الولايات المتحدة وحلفائها بالطائرات الحربية.
وقد وسَّعت كثير من شركات الطيران مصانعها ووظفت عمالاً إضافيين ووصل الإنتاج إلى حوالي 100,000 طائرة نقل وقاذفة قنابل ومقاتلة في العام وانتجت مصانع الولايات المتحدة أكثر من 300,000 طائرة سنويا كذلك كانت دول مثل: ألمانيا وبريطانيا واليابان وروسيا تسابق لإنتاج الآلاف من الطائرات المتطورة بسبب الحروب فصارت صناعة الطائرات هي الصناعة الرائدة في العالم.

صناعة الطيران المدني
أما الطيران المدني فهو إحدى فئتين رئيسيتين للطيران التي تمثل جميع الطيران غير العسكري منها القطاعان الخاص والتجاري. ومعظم دول العالم هم أعضاء في المنظمة الدولية للطيران المدني والتي من خلالها يتم العمل على وضع معايير مشتركة وممارسات موصى بها للطيران المدني. ويتفرع الطيران المدني إلى فئتين: طيران المسافرين التجاري بما في ذلك جميع الرحلات الجوية لنقل الركاب والشحن التي تعمل على خطوط ومواعيد منتظمة . والطيران العام بما في ذلك جميع رحلات الطيران المدني الأخرى خاص أم تجاري.
لدى كل أعضاء المنظمة الدولية للطيران المدني هيئة طيران مدني والتي تشرف على منح التراخيص للأفراد وتنظيم التدريب الأساسي وإصدار التراخيص والشهادات وعمليات الطيران وإجراء مراقبة السلامة للمشغلين التجاريين. وكذلك صلاحية الطيران وإصدار شهادات التسجيل وشهادات صلاحية الطيران للطائرات المدنية والإشراف على سلامة منظمات الصيانة وأيضا وضع المطارات وتصميم وتشييد المطارات وخدمات الحركة الجوية وإدارة المرور في المجال الجوي للبلد.
تطور سريع
يتذكر العالم ذكري صناعة الطيران المدني كل عام في الأول من يناير ففي هذا اليوم عام 1914 جلس الطيار توني يانوس في مقعد قيادة طائرة ثنائية الركاب تستطيع الإقلاع والهبوط على الماء. وكان بجواره العمدة السابق لمدينة سان بيترسبورج في فلوريدا ويدعى "ابرهام فايل" الذي كسب اقتراعا على الطيران معه بتكلفة 400 دولار أميركي ليصبح أول راكب مدني في التاريخ ليعبر خليج تامبا في رحلة تستغرق 23 دقيقة . بهذا أصبح أبرهام فايل أو راكب مدني يطير بطائرة مدنية ويدفع لهذا الطيران 400 دولار . كانت تلك هي أول رحلة بالطيران المدني الذي تزايد خلال المائة سنة الماضية زيادة هائلة جعلت من الكرة الأرضية عالما صغيرا وقربت القريب والبعيد. وقد بدأ الطيران المدني عام 1913 بين نورث كارولينا في مدينة كيتي هوك ثم تبعه الجيش الإيطالي بالطيران العسكري الذي قام بإلقاء القنابل من طائراته أثناء هجومه على ليبيا في عام 1911 . والآن يطير نحو 8 ملايين راكب يوميا في طائرات توصله إلى حيثما يريد . فقد نشأت مطارات في جميع أنحاء العالم وتطورت لاستقبال جميع أنواع الطائرات ومنها ما يتسع إلى 800 راكب مثل الإيرباص . وزاد عدد الركاب إلى 3و3 مليار مقعد وقد يصل إلى 4 مليارات مقعد نهاية عام 2017. وهكذا تتطور الأمور بعد سيطرة الإنسان على الطبيعة عن طريق صناعة الطيران .