كان التعليم العالي ولا يزال من الأبجديات التأسيسية لخطاب النهضة العمانية المعاصرة منذ ولادتها على هذه الأرض الطيبة .. وقد تمثل ذلك الاهتمام ضمن أشياء أخرى كثيرة بإنشاء العديد من مؤسسات التعليم العالي في مختلف المجالات الفنية والصحية والمصرفية والتربوية ومجال القضاء والوعظ والإرشاد .. وغيرها، وذلك لتلبية احتياجات قطاعات العمل المختلفة من الكوادر البشرية العمانية المؤهلة، هذا إضافة إلى برامج الابتعاث الخارجي حيث تشهد هذه البعثات تحديثات مستمرة سواء فيما يخص بلدان الابتعاث أو مجالات الدراسة وفقاً للأولويات والمتطلبات.

البعثات الخارجية
تمثل دائرة البعثات الخارجية أحد الكيانات المهمة بالمديرية العامة للبعثات، حيث ينوط بها القيام بالعديد من المهام المتعلقة برفد خريجي دبلوم التعليم العام أو ما يعادله وإلحاقهم في بعثات خارجية حكومية، أو مِنَح دراسية مقدمة من بعض الدول الشقيقة والصديقة من أجل تأهيلهم للحصول على الإجازة الجامعية الأولى (البكالوريوس) في مختلف التخصصات العلمية التي يحتاجها سوق العمل بالسلطنة، ومن ثم الإشراف عليهم أكاديمياً للاطمئنان على سير دراستهم وتقديم كل ما يحتاجون إليه من رعاية وخدمات تعينهم على تحقيق أهداف ابتعاثهم للخارج.
كما تقوم الدائرة حسب الاتفاقيات المبرمة بين السلطنة وبعض الدول الشقيقة والصديقة أو بين الوزارة والمؤسسات الأكاديمية المختلفة بالتعاون مع مختلف الجامعات والمؤسسات الأكاديمية الرائدة في العديد من دول العالم وذلك لإثراء عملية الابتعاث بمخرجات البرامج العلمية النادرة، والتي من نتائجها أنه يتوقع أن تكسب خريج هذه البرامج الخبرات والمهارات المطلوبة التي ستسهم بشكل فاعل في تحقيق خطط التنمية المختلفة التي تنتهجها السلطنة، كما يتم توزيع البعثات الدراسية الخارجية على مختلف الدول المتقدمة لتحقيق أهداف الابتعاث.
وتعد الدائرة دراسات تقييم لوضع طلبة دول الابتعاث بشكل مستمر، ودراسة إمكانية الابتعاث إلى وجهات جديدة إذا اتضح بأن لديها من المقومات والبرامج التي قد تشكل إضافة نوعية لسياسة الابتعاث للسلطنة بشكل عام أو للطلبة المبتعثين من ناحية تنوع خبراتهم ومداركهم.
البعثات الداخلية
تعتبر دائرة البعثات الداخلية من الدعائم المهمة في المديرية العامة للبعثات كونها الجهة التي تشرف على عشرات الآلاف من الطلبة المبتعثين الدارسين على نفقة الوزارة بمؤسسات التعليم العالي الخاصة داخل السلطنة.
وتعمل الدائرة على مراجعة التخصصات التي يتم الابتعاث إليها سنوياً، وإضافة تخصصات جديدة ضمن خطط الابتعاث، تتماشى مع التغييرات التي تطرأ على سوق العمل، ومع الفرص الوظيفية الواعدة في السنوات المقبلة، حيث قامت الدائرة بإضافة عددٍ من البرامج ضمن خطط الابتعاث للعام الأكاديمي الحالي (2017 /2018) أهمها: الخدمات اللوجستية وإدارة سلسلة التموين وإدارة المشاريع الإنشائية والتصميم الجرافيكي لذوي الإعاقات السمعية والنطقية (للإناث) والفنون الجميلة لذوي الإعاقات السمعية والنطقية (للذكور والإناث).
وتقوم الدائرة بتنظيم العديد من حلقات العمل التوعوية والزيارات للمؤسسات التعليمية الخاصة، وتحديث بيانات الطلبة وإبلاغهم بالمستجدات من خلال المواقع الالكترونية المختلفة ومواقع التواصل الاجتماعي التابعة للوزارة وحثهم على التنسيق المستمر مع المرشد الأكاديمي في المؤسسات الملتحقين بها.
وبعد مراجعة ضوابط وإجراءات الابتعاث فقد تمت الموافقة اعتباراً من العام الأكاديمي (2016 /2017) على إتاحة المجال للطلبة الحاصلين على بعثات دراسية داخلية ضمن برامج الضمان الاجتماعي (SF) والدخل المحدود (SP) ومكرمة الفتيات (SR) باختيار المؤسسة التعليمية التي يرغبون بالالتحاق بها أو القريبة من مقر سكناهم وذلك مراعاةً لأوضاعهم الاجتماعية والمالية.
كما تقوم الدائرة بالإشراف على البرنامج العماني للتعاون الثقافي والعلمي، والذي يعد أحد جسور التواصل بين السلطنة ودول العالم المختلفة، إذ يتم خلاله تقديم عدد من المِنَح الدراسية لطلبة الدول الصديقة والشقيقة لدراسة المرحلة الجامعية الأولى في مختلف مؤسسات التعليم العالي في السلطنة، وتشكل هذه المِنَح إحدى الدعائم لتوطيد العلاقات الدولية بين السلطنة ودول العالم الأخرى.
دائرة الدراسات العليا
تختص هذه الدائرة بكل ما يتعلق بطلبة الدراسات العليا الملتحقين ببرامج الماجستير والدكتوراه والشهادات التخصصية والزمالة داخل وخارج السلطنة سواء كان المترشحين من غير الموظفين أو من الموظفين بالقطاعات المختلفة، كما تشارك الدائرة في إعداد الدراسات حول الخطط الخاصة بالدراسات العليا لمواكبة احتياجات السلطنة من الكفاءات البشرية المؤهلة تأهيلًا عاليًا.
كما تعمل على فتح قنوات جديدة للدراسات العليا بدول عديدة حول العالم، وكذلك التواصل مع الطلبة الدارسين على نفقتهم الخاصة والرد على استفساراتهم وإرشادهم للجامعات المناسبة المعتمدة من جهة الاختصاص بالوزارة وتقديم المساعدات اللازمة لهم.
كما قامت الدائرة بإيجاد قاعدة بيانات متكاملة لطلبة الدراسات العليا الدارسين بمؤسسات التعليم العالي داخل السلطنة وخارجها وإقامة ندوات حول عدد من الجامعات بالدول الصديقة والشقيقة وذلك لتعريف الطلبة بما يستجد في الجامعات وطرق التقديم لها، وتهتم الدائرة بدراسة كافة التحديات والصعوبات التي تواجه الطلبة داخل السلطنة وخارجها للوقوف على الحلول المناسبة لها، وتقوم أيضاً بتسهيل مهمة الطلبة الراغبين في إجراء البحوث الميدانية التي تتعلق بدراستهم داخل السلطنة وخارجها وذلك بالتنسيق مع الجهات المعنية.
كما تقوم بين الحين والآخر بعمل زيارات ميدانية للجامعات والكليات الخاصة داخل السلطنة للاطلاع على الأوضاع الدراسية لطلبة الدراسات العليا، وكل ما يتعلق بدراستهم أيضا تشرف دائرة الدراسات العليا على جميع البعثات الدراسية ببرامج الماجستير والدكتوراه والشهادات التخصصية والزمالة من ضمنها البرنامج الوطني للدراسات العليا الذي يهدف لتأهيل كوادر متخصصة في التخصصات العلمية التي يحتاج إليها سوق العمل العماني، والتنسيق مع الجهات المعنية حول هذه البعثات، بالإضافة إلى المِنَح الدراسية المقدمة من الدول الشقيقة والصديقة للمرحلتين ـ آنفتي الذكر ـ كما تعمل على التنسيق مع القطاع الخاص من أجل توفير بعثات دراسية لمرحلة الماجستير وفق الإجراءات المتبعة.
كليات العلوم التطبيقية
انطلاقاً من التوجيه السامي لسلطان البلاد المفدى في العديد من خطاباته على أهمية إعطاء المزيد من الفرص لتعزيز مكتسبات الشباب وصقل مهاراتهم خلال المرحلة المقبلة ودعمهم للمشاركة في المحافل العلمية العالمية، دأبت وزارة التعليم العالي ممثلة في المديرية العامة لكليات العلوم التطبيقية على دعم المسيرة التعليمية في مختلف الاتجاهات، حيث تشرف المديرية على خمس كليات للعلوم التطبيقية تتوزع في مختلف ولايات السلطنة (صحار، نزوى، صور، عبري، صلالة،) بالإضافة إلى كلية التربية بالرستاق، وقد بلغ عدد الطلبة في العام الأكاديمي (2015 /2016م) حوالي (6655) طالباً وطالبة يدرسون في البرامج الأكاديمية الآتية:(تقنية المعلومات، وإدارة الأعمال، الاتصال الجماهيري، والتصميم، والهندسة، والتقنية الحيوية التطبيقية)، وهناك حوالي (387) طالباً وطالبة يدرسون بتخصص اللغة الانجليزية ببرنامج التربية بكلية التربية بالرستاق، ويتزايد عدد قبول الطلبة سنوياً بنسب معينة وتعمل المديرية مع الكليات بشكل فاعل في بناء وتطوير الأعمال المتعلقة بهما في ضوء أهداف الوزارة والخطة الاستراتيجية للكليات والسياسيات المحددة لذلك.
وفي هذا الإطار تعمل المديرية بالتعاون مع الكليات على تحقيق أعلى معدلات النمو والتطوير في مجالات العمل المرتبطة بها.
التعليم العالي الخاص
شهد قطاع التعليم العالي الخاص نمواً مطرداً، فقد تطورت مؤسسات التعليم العالي الخاصة كمّاً ونوعاً، ففي العام الحالي وصل عدد المؤسسات إلى عشرين كلية وثماني جامعات خاصة موزعة على مختلف محافظات السلطنة، وتقدم تخصصات وبرامج مختلفة على مستوى الدبلوم والبكالوريوس والماجستير ليصبح عدد هذه المؤسسات ثماني وعشرين مؤسسة.
وقد توج اهتمام الحكومة الرشيدة بتطوير التعليم العالي الخاص وضمان جودته وتأكيد استمراره لمواكبة عملية التنمية في البلاد بتقديم العديد من أوجه الدعم المادي والعيني المباشر وغير المباشر لمؤسسات هذا القطاع إيماناً منها بأن هذا الدعم هو آلية من آليات تطوير التعليم والارتقاء بمستواه ومستوى الخدمات المقدمة للطلبة المنتسبين إليه، ويتمثل هذا الدعم من خلال توفير الأراضي المناسبة لإنشاء هذه المؤسسات.
وقد باشرت عدد من مؤسسات التعليم العالي الخاصة في إقامة مبانيها الدائمة في الأراضي المخصصة من قبل الحكومة، حيث بلغ عدد المؤسسات التي استلمت الأراضي الحكومية (23) مؤسسة، وهناك (20) مؤسسة انتقلت إلى مبانيها الدائمة، في حين بقيت (8) مؤسسات لم تنتقل إلى مبانيهما الدائمة، بالإضافة إلى ذلك دعمت الجامعات الخاصة بنسبة (50 %) من رأس المال وبما لا يتجاوز ثلاثة ملايين ريال عماني، علاوة على المكرمة السامية التي تفضل بها حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس المعظم لعدد من الجامعات الخاصة (جامعة صحار، وجامعة ظفار، وجامعة نزوى، وجامعة البريمي، وجامعة الشرقية، وجامعة مسقط) بمنحها 17 مليون ريال لكل جامعة، كذلك حظيت مؤسسات التعليم العالي الخاصة بالعديد من الإعفاءات الضريبية والجمركية المفروضة على المؤسسات والشركات الأخرى.
وتعد البعثات والمنح الممولة من قبل الحكومة لمؤسسات التعليم العالي الخاصة نوعاً آخر من الدعم الحكومي، وفي ضوء تطبيق المديرية للآلية الجديدة في ترخيص البرامج الأكاديمية بمؤسسات التعليم العالي الخاصة، التي تقوم على دراسة تلك البرامج من قبل مختصين ذوي كفاءات وخبرات متميزة بمؤسسات التعليم العالي المحلية والإقليمية والعالمية بهدف ضمان جودتها والتأكد من مدى تحقيقها للمعايير الأكاديمية ومواكبتها للتقدم المعرفي والتكنولوجي وملاءمتها للبيئة العمانية، والتأكد من تضمين تلك البرامج للمهارات والمعارف اللازمة لإعداد خريج قادر على المنافسة في سوق العمل، فقد تمت الموافقة على ترخيص (25) برنامجاً أكاديمياً جديداً خلال عام 2016م في مؤسسات التعليم العالي الخاصة منها (10) برامج لمستوى الماجستير و(15) برنامجاً للبكالوريوس.
الارتباط مع المؤسسات الحكومية
تم العمل في الوزارة على الربط والتكامل مع المؤسسات الحكومية وذلك لتكامل الأنظمة التي تساعد في اتخاذ القرارات بأسرع وقت وبأقل التكاليف وإدخال الشفافية الكاملة، ومن الفوائد الأخرى التي نتجت عن التكامل بين هذه المؤسسات الحكومية السرعة في إنجاز العمل والمساعدة في اتخاذ القرار بالتوفير الدائم للمعلومات بين يدي متخذي القرار وخفض تكاليف العمل الإداري مع رفع مستوى الأداء وتطوير آلية العمل ومواكبة التطورات وتحسين الخدمات من ناحية خفض التنقل والتوصيل في أي وقت وأي مكان وسهولة الوصول للمعلومات والتقرب من المواطنين والمستفيدين من الخدمات التي تقدمها الجهات الحكومية المختلفة، لذلك فقد تم الربط بين الوزارة و7 جهات حكومية حيث أسهم هذا الربط في سهولة الحصول على المعلومات.
دائرة مسح الخريجين
في ظل السعي الدائم لوزارة التعليم العالي نحو تجويد التعليم العالي وحرصاً منها على ربط المخرجات التعليمية بسوق العمل، استحدثت الوزارة دائرة مسح الخريجين في سبتمبر 2014.
وأُنيط بهذه الدائرة تخطيط وتنفيذ وتحليل ونشر النتائج الخاصة بالدراسات المسحية التتبعية للخريجين وأرباب العمل؛ من أجل توفير البيانات التي من شأنها أن تساهم في تحسين الربط بين مخرجات مؤسسات التعليم العالي واحتياجات سوق العمل، كما تعمل الدائرة على تزويد الجهات المختصة بالنتائج والاحصائيات والتقارير التفصيلية المنبثقة عن الدراسات المسحية التي تقوم بها وتضمين نشراتها بأهم التوصيات والمقترحات التي ينبغي لصانع القرار والمؤسسات التعليمية وأرباب العمل الأخذ بها لموائمة مؤهلات وتخصصات الخريجين مع احتياجات سوق العمل ومعرفة المهارات والقدرات المطلوب توفرها لدى هؤلاء الخريجين.
أصبحت نتائج مسوحات سوق العمل أو مسوحات الخريجين الوطنية من الدراسات التي يعول عليها في التخطيط الاستراتيجي وتقييم جودة التعليم العالي، حيث أن الهيئة العمانية للاعتماد الأكاديمي شجعت مؤسسات التعليم العالي على المشاركة في مثل هذه الدراسات المسحية الوطنية كإجراء للحصول على بيانات معيارية عن جودة التعليم العالي تستخدم في عملية التقويم مقابل المعايير.
ومن أهم إنجازات دائرة مسح الخريجين خلال العام 2017، هو القيام بالدراسة الثانية لمسح الخريجين بعد الدراسة الأولى التي قامت بها في العام 2015، وقد استحابة مسح الخريجين.
تنمية الموارد البشرية
تقوم وزارة التعليم العالي بدور كبير في الاستثمار في الموارد البشرية وعنايتها، وذلك عن طريق تنمية الكادر البشري لديها من خلال استراتيجية تعميق مفهوم تدريب وتأهيل الموظفين ورفع مستوى كفاءتهم في النواحي الإدارية والفنية والتنظيمية.
ففي العام المنصرم 2016م وعلى الرغم من التحديات المالية التي واجهتها الوزارة فقد تم إلحاق موظفي الوزارة بـ (134) برنامجاً تدريبياً تم فيها تدريب (742) موظفاً وموظفة بديوان عام الوزارة وكليات العلوم التطبيقية، بما فيهم الأكاديميين، منهم (733) موظفاً في برامج داخلية و(9) موظفين في برامج خارجية.
كما أنه وفقاً لخطة الموارد البشرية في الوزارة يتم تأهيل الموظفين بالوزارة وكليات العلوم التطبيقية للحصول على مؤهلات علمية بناءً على حاجة العمل، فضلاً عن وجود خطة لتأهيل أكاديميي كليات العلوم التطبيقية وذلك كله مع مراعاة الاعتمادات المالية المخصصة لذلك.
كما تم في عام 2016م تأهيل (29) موظفاً وموظفة بجميع المراحل الدراسية، منها (5) بكالوريوس داخل السلطنة و(11) ماجستير داخل وخارج السلطنة و(13) دكتوراه داخل وخارج السلطنة، علماً بأن عدد الموفدين للماجستير والدكتوراه يضم أيضاً الأكاديميين بكليات العلوم التطبيقية.
كما تقوم الوزارة بتدريب طلبة وطالبات مؤسسات التعليم العالي العمانيين بديوان عام الوزارة وكليات العلوم التطبيقية لمساعدة الطلاب على تطبيق المعرفة النظريّة التي اكتسبوها خلال فترة الدراسة تطبيقاً عملياً، ممّا يجعلهم يحصلون على فهم أكبر وأوسع لتخصصاتهم، بحيث يكونون أكثر إبداعاً وإتقاناً لها، ويتم توزيع هؤلاء على الدوائر والمراكز بديوان عام الوزارة وكليات العلوم التطبيقية، كُلاًّ حسب اختصاصه، وقد بلغ عدد المتدربين والمتدربات بالوزارة عام 2016م (111) طالباً وطالبة.