[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/zohair.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]زهير ماجد [/author]
كل الأوطان بحاجة ماسة للأغنية الوطنية، فكيف حين يكون الوطن مهددا بمصيره وبشعبه وبقامته .. جيلنا تربى على هذا النوع من الاغنيات التي هدرت في عقله وفي قلبه وفي وجدانه.
اليوم نخسر المطربة شادية، آخر العمالقة الذين أثروا الاغنية الوطنية المصرية والعربية، تكاد اغنيتها " ياحبيبتي يامصر " ملحمة جيل يريد ان يسلم الراية لاجيال، او اغنية " ام الصابرين " في ترنيمتها بكل الخير المصري .. كان كذلك محمد عبد الوهاب الذي سما بالاغنية الوطنية والقومية من قصيدة " فلسطين " الى " دمشق " الى الوحدة بين مصر وسورية ، الى الفدائي والى " ناصر " وغيره ..
ام كلثوم الرائدة قادت سيلا من الاغنيات التي جسدت مراحل من الغضب العربي " سقط النقاب عن الوجوه الغادرة " الى فلسطين " اصبح عندي الآن بندقية " الى " والله زمان ياسلاحي " التي اصبحت لاحقا النشيد الوطني المصري، الى " مصر التي في خاطري وفي فمي " ... ومثلها عبد الحيم حافظ الذي يعتبر بحق مجسدا للمرحلة الناصرية باغانيه الوطنية والقومية، وكان ثريا في الاحاطة بكل مايعتمل في المجتمع المصري ابان حكم عبد الناصر . وهناك العديد من المغنين الذين الهبونا تعلقا بالامة وبكياناتنا الوطنية.
لعب هؤلاء وغيرهم دورا مهما جدا في كل المراحل الوطنية وخصوصا في مرحلتهم الغنية بالتحولات. ومثلهم كان الرحابنة وفيروز في تشكيلاتهم الغنائية الوطنية التي لم تترك عاصمة عربية، او قضية مثل فلسطين وجوهرتها القدس، الى الغزل بالوطن اللبناني، ثم تلك الشاميات الخالدة في تفسير روح الشام التي سأل فيها شاعرها سعيد عقل " شآم ماالمجد ؟ " فجا رده " انت المجد لم يغب " ، ثم " كأنك السيف مجد القول يختصر".
ويوم تفجرت المقاومة الفلسطينية في بقاع العرب كقوة تغيير وتعبير عن تحرير فلسطين، كانت الاغنية الجماعية الفلسطينية المرافقة لهذه الانطلاقة، بمثابة دفع معنوي للشعب الفلسطيني والعربي، وحملت دعوات إلى الارتباط بالارض وبالبيت الذي هدمه الصهاينة وبحرب التحرير وباطلاق الزغاريد في تشييع الشهداء وبحب الارض وعشقها، ومن المؤسف ان السلطة الحالية تخلت عن تلك الاغنية الهادرة في معانيها مع انها المطلوبة في هذه الظروف، بل في كل ظروف القضية الفلسطينية المظلومة.
لاشك ان الاغنيات الوطنية لها مساحاتها الفاعلة والمؤثرة في كل العالم، حتى ان القبائل القديمة التي لم تكن لتملك تعبيرا غير الموسيقى، كانت تطلقها بعنف قبل اية عملية او اثناء الاعتداء عليها.
هذا النوع من الغناء له فعل تحريضي لازم لأي مجتمع، بل انه يساهم في زيادة التعلق بالاوطان، وفي تحقيق تكاتف شعبي. وهو وصل في بلد كتشيلي مثلا، وابان الحكم الاشتراكي فيها الذي قاده في السبعينات من القرن الماضي سلفادور الليندي، الى ان اصبح على يد المغني الوطني فيكتور جارا مدرسة لتعليم سكان الريف الاميين مباديء العلم الذي استفادت منه كثيرا.
من المؤسف ان هنالك تراجعا في الاغنية الوطنية، كأنما كان ذلك النوع من الغناء حكرا على اسماء رحلت وتركت وراءها كنزا منها .. فكم سورية بحاجة اليها، وكم هو العراق ..... وكم هو اليمن ، وليبيا وغيرها.
اما في سلطنة عمان فقد تسنى لي سماع العديد من الاغنيات الوطنية، فبهرتني بموسيقاها التراثية وبكلمتها المنتقاة من روح الشعب العماني ومن خصوصيته ,, سمعت اغنيات مثل" صوت للنهضة نادى" و" قابوس " و " بلدنا " و" قابوس فخر العرب " وغيرها من الاغنيات الحميمة الى القلب والعقل، الغنية بانتمائها لتراث عماني يحكي عالمه الخاص ويعبر عن ثورة شعب متعلق بقيادته الحكيمة مرتبط بارضه المشعة خيرا على روحه.