[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/fayzrasheed.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]د. فايز رشيد[/author]
” في يوم ذكرى التضامن الدولي مع شعبنا, لو توجهنا بأسئلتنا إلى قيادة السلطتين في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة: هل هما متضامنتان مع نفسيهما؟ أليس من المفروض, وقبل أن ندعو العالم إلى التضامن مع قضيتنا أن نتضامن نحن مع أنفسنا وننهي الانقسام؟ أليس من المفروض وقبل أن ندعو أمتنا العربية إلى بناء استراتيجية جديدة للصراع مع العدو الصهيوني,”
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

29 نوفمبرمن كل عام هو ذكرى قرار الأمم المتحدة بتقسيم فلسطين, حوّله العالم إلى يوم للتضامن مع قضية الشعب الفلسطيني وحقوقه الوطنية المشروعة. بالنسبة لقرار التقسيم, رفضه شعبنا آنذاك. يلوم البعض منا ذلك الرفض, ولو كنّا في موقعهم لمارسنا الرفض نفسه. نعم , فلن يوافق فلسطيني واحد (سوى الأقلية) على زرع الدولة المغتصبة في أرضنا, وفي قلب الوطن العربي, حتى لو وافقت القيادات الفلسطينية عام 1947 على قرارالتقسيم, ما كانت إسرائيل ستسمح بإقامة هذه الدولة. ومن يعتقد عكس ذلك فليقرأ الأدبيات الإسرائيلية ومذكرات القادة الصهاينة, ووثائق الأرشيف الإسرائيلي حول هذه القضية, التي تم الإفراج عنها بعد 40 – 50 سنة. نقول ذلك مستشهدين بقرار الأمم المتحدة رقم 194الذي نص على حق عودة اللاجئين الفلسطينيين, ولم يجر تنفيذه, لأن لا إسرائيل ولا الولايات المتحدة أرادتا يوم ذاك تنفيذه.
موافقة القيادات الفلسطينية آنذاك, كانت ستعني تنازلاً مجانياً واعترافاً رسمياً بحق إسرائيل في الوجود على الأرض الفلسطينية. صحيح أن القيادة الفلسطينية الرسمية اعترفت بإسرائيل وحل الدولتين, لكن إسرائيل كانت وما زالت وستظل ضد إقامة هذه الدولة المستقلة ذات السيادة، ,لذا كان التنازل بالفعل في اتفاقيات أوسلو المشؤومة وبعدها, مجانياً, وتم الاعتراف بإسرائيل دون ثمن, تماما كما يجري التطبيع الرسمي العربي حاليا معها دون ثمن.. قيادة منظمة التحرير أوهمت نفسها بإمكانية جنوح إسرائيل للسلام, وإمكانية إقامة دولة فلسطينية. هذه القيادة لم تحسن قراءة إسرائيل ولا الحركة الصهيونية, المجتمع الدولي غير قادرعلى فرض إقامة الدولة الفلسطينية, حتى لو جرى انتزاع قرار من الجمعية العامة بذلك.
لم تنطلق القيادة الفلسطينية في اعترافها بإسرائيل, كثمن لإقامة الدولة العتيدة, إنها تقع في المطب نفسه. وقّعت اتفاقيات أوسلو المشؤومة دون ثمن. لا تنطلق في استراتيجيتها وسياستها حاليا من خلال موازين قوى تفرض على إسرائيل: الاعتراف بالدولة الفلسطينية. بعد 22 عاماً من المفاوضات مع إسرائيل ماذا حصدت هذه القيادة؟ لم تحصد سوى استمرار المشروع الصهيوني في فرض حقائقه وتنكره المطلق للحقوق الفلسطينية وفرض المزيد من الاشتراطات .الغريب أن القيادة الفلسطينية لم تستوعب الدرس ولا معطيات الواقع, لذا فهي تمعن في أخطائها من خلال الوهم بإمكانية موافقة إسرائيل على إقامة دولة مستقلة على كامل حدود 67, دولة كاملة السيادة، لذا قامت السلطة بالتخلي طوعاً ومجانا عن الحق في المقاومة بكافة أشكالها ووسائلها (وهي الأخيرة ) الطريقة الوحيدة لإجبار إسرائيل على الاعتراف بالحقوق الفلسطينية.
كافة التنازلات التي قدمتها القيادة الفلسطينية تمت بعكس إرادة الشعب الفلسطيني, الذي يرى ويريد حقه كاملاً وغير منقوص في كل أرض فلسطين التاريخية. ندرك صعوبة تحقيق هذا الهدف من خلال الظروف وموازين القوى الحالية لكن, هل ستنسحب هذه الظروف على المستقبل بشكل دائم؟ ألا يمكن أن تتغير الظروف مستقبلاً وكذلك موازين القوى؟ من كان يعتقد بانهيار القطب الثاني في العالم وهو الاتحاد السوفييتي في غضون سنوات قليلة؟القيادة الفلسطينية الحالية ممعنة أيضاً في أخطائها بالمراهنة على موقف الولايات المتحدة والرئيس ترامب. لم تستوعب درس الفعل الأمريكي الضاغط في مجلس الأمن قبل بضعة أعوام لتعطيل قبول فلسطين دولةً كاملة العضوية في الأمم المتحدة.
في يوم ذكرى التضامن الدولي مع شعبنا, لو توجهنا بأسئلتنا إلى قيادة السلطتين في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة: هل هما متضامنتان مع نفسيهما؟ أليس من المفروض, وقبل أن ندعو العالم إلى التضامن مع قضيتنا أن نتضامن نحن مع أنفسنا وننهي الانقسام؟ أليس من المفروض وقبل أن ندعو أمتنا العربية إلى بناء استراتيجية جديدة للصراع مع العدو الصهيوني,أن تقوم السلطة ببناء هذه الاستراتيجية وليست استراتيجية لمفاوضات؟ وأن تحرص قيادة سلطة غزة بألا تكون هناك هدنة دائمة مع إسرائيل؟ وتمارس السلطة الرسمية أيضا التكتيك السياسي الصحيح الذي يخدم الاستراتيجية الحقيقية الكفيلة بإجبار الكيان على الاعتراف بحقوق شعبنا؟ ثم نقوم في ما بعد بمطالبة الأمة العربية بأن تتحشد حولها؟ أسئلة كثيرة من هذا القبيل,في صميمها هي مؤلمة ومحزنة كثيراً.أليس من الضرورة بمكان إلغاء التنسيق الأمني مع هذا العدو؟ المطلوب إحياء المقاومة بكافة أشكالها ووسائلها. المطلوب التشبث بالثوابت الفلسطينية وإعادة الاعتبار لمنظمة التحرير الفلسطينية لتكون مجالاً للجمع بين كافة الفصائل وألوان الطيف السياسي الفلسطيني,وكل ذكرى للتضامن, وقضيتنا الوطنية د حققت مزيدا من الإنجازات والنجاحات على طريق تحرير أرضنا ,ولنستفد من دروس الماضي وعبره.