[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/ahmedalkadedy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]د.أحمد القديدي[/author]
” .. صدق الخبراء الاستراتيجيون حين خلصوا إلى استنتاج وضع الاتحاد الأوروبي على الهامش لسبب بسيط وهو استحالة استقلال القرار الأوروبي دون الاعتماد على الغطاء النووي الأميركي واستحالة إنشاء قوة عسكرية أوروبية كان دعا إليها في السبعينات وزير الخارجية الفرنسي (ميشال جوبير) الذي حدثني عنها شخصيا جوبير نفسه حين كنا صديقين أيام منفاي الباريسي.”
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قام الرئيس الأميركي ترامب منذ 3 نوفمبر الجاري بجولته الآسيوية التي توجها بزيارة رسمية للصين الشعبية يومي 8 و 9 و محادثات مع الرئيس بوتين على هامش مؤتمر قمة التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادي في مدينة (داننغ) بجمهورية فيتنام واللافت للنظر هو أن الأسبوع الأول من الشهر كان حاسما للغاية في توجيه السياسات الدولية وتحديد مصير أغلب أمم الأرض بفضل تقاسمها بين العمالقة الثلاثة الحقيقيين بعد قرن بالتمام والكمال على معاهدة (سايكس بيكو) الشهيرة بين بريطانيا و فرنسا سنة 1916. وصدق الخبراء الاستراتيجيون حين خلصوا إلى استنتاج وضع الاتحاد الأوروبي على الهامش لسبب بسيط وهو استحالة استقلال القرار الأوروبي دون الإعتماد على الغطاء النووي الأميركي واستحالة إنشاء قوة عسكرية أوروبية كان دعا اليها في السبعينات وزير الخارجية الفرنسي (ميشال جوبير) الذي حدثني عنها شخصيا جوبير نفسه حين كنا صديقين أيام منفاي الباريسي. ومن جهة ثانية سجل الخبراء الاتفاق التام والنهائي بين القادة الثلاث (ترامب) و(بوتين) و(شي جين بينغ) على تجاوز خلافاتهم الثانوية من أجل التعاون لمواجهة التحديات الكبرى ذات الأولوية و التي تهدد مصالح الأمم الثلاثة بدرجات مختلفة مثل تفاقم بؤر التوتر والإرهاب ومخاطر الانهيار المالي والإقتصادي الذي بدأ منذ 2008 و ما تزال تداعياته حية واندلاع حروب إقليمية سوف تجر الثلاثة الكبار للمواجهة والتدخل ثم الى حرب عالمية لا تبقي و لا تذر. و تقول النشرية الأميركية (ستراتيجيك ألرت) في عددها 44 الصادر في 2 نوفمبر الجاري بأن القادة الثلاث يواجهون حملات عديدة لتشويههم مثلما وقع من مبادرة عزل الرئيس ترامب قام بها عمليا خمسة أعضاء من الكونجرس الأميركي هذا الأسبوع يتزعمهم العضو الديمقراطي ستيف كوهين، وهو الراعي للقرار، وهو الذي قال خلال عرض اللائحة على المجلس "نظرًا إلى حجم الأزمة الدستورية التي تعيشها بلادنا، لا يوجد سبب لتأخير صدور قرار عزل ترامب" وانضمّ إلى كوهين في تأييد لائحة الاتهام، الأعضاء لويس غوتييريز، آل غرين، مارسيا فودج، جون يارموث، وأدريانو إسبايلات، وجميعهم من الديمقراطيين. وقال هؤلاء إنهم اكتفوا فقط بتوجيه خمس تهم، من بين أخرى كثيرة، كلها ترتقي لاتخاذ قرار عزل الرئيس. ومن جهته يتعرض بوتين الى حملة داخلية روسية تتهمه بالتدخل في الانتخابات الرئاسية الأميركية و قمع منافسيه وخصومه بافتعال القضايا العدلية لتصفيتهم أما الرئيس الصيني فهو منعوت بالدكتاتور حتى لدى بعض تيارات الحزب الشيوعي الصيني خلال مؤتمر الحزب الشيوعي الصيني التاسع عشر المنعقد 18 اكتوبر الأول 2017 و الذي يعدُّ الحدث الأهم في السياسية الصينية خلال خمس سنوات. ومن المنتظر أن يتم تحديث قيادة الحزب بصورة ملحوظة مع بقاء شي جين بينغ زعيما للحزب. ومع ذلك، لا يمكن اعتبار هذا الأمر عاديا، لأن الصين اصطدمت خلال السنوات الأخيرة بتحديات مختلفة، مثل تطور التكنولوجيا، الذي يهدد باختراق حائط الرقابة الصينية، وبطء النمو الاقتصادي وتفاقم الخلافات الداخلية. ولذا، فإنه سيكون على قيادة الحزب صياغة استراتيجية جديدة، تتضمن كيفية مواجهة هذه التحديات التي تحدد سياسة الصين للسنوات الخمس المقبلة. ونخلص نحن من جهتنا إلى أن القادة الثلاث مضطرون للتعاون فيما بينهم حول كل الملفات الساخنة المطروحة على العالم ولكن عن طريق التنازل المشترك والمتزامن عن المواقف المتصلبة التي تروج لها الدبلوماسيات الثلاثة قولا لا فعلا. ولنأخذ مثلا ملف الأزمات السورية والعراقية والليبية واليمنية بالذات لندرك أن كلا من الولايات المتحدة واتحاد الجمهوريات الروسية والصين الشعبية تحولت الى موقف الحياد الإيجابي أي إلى الدعوات المتعاقبة من واشنطن وموسكو وبيجين الموجهة الى الدول العربية ومختلف الأطراف الفاعلة في صلبها لتوخي الحوار وتنسيق الجهود لمقاومة الإرهاب والتطرف وهو ما يمكن اعتباره أملا دوليا لتجاوز هذه الأزمات دون تعريض الإقليم لمواجهات عربية لاقدر الله مع إيران وتركيا في وقت تحتاج فيه القوى العظمى الثلاثة لفترة سلام طويلة وهي لم تحل بعد قضية التسلح النووي الكوري الشمالي. ولا بد من الإشارة إلى أن البيان الختامي لمؤتمر الحزب الصيني الذي اختتم أشغاله يوم 25 أكتوبر أضاف للدستور الصيني بنودا تتعلق بإعادة تفعيل طريق الحرير وتحميل الصين مسؤولية تحسين ظروف عيش البشرية قاطبة بالتضامن مع الأمم الأخرى فاقرأوا معي البند المتعلق بتحديد مصير النظام الصيني و الذي جاء فيه حرفيا :" من 2020 الى 2035 ستطور الصين مقدراتها لتصبح دولة إشتراكية حديثة أمنة قوية ديمقراطية عادلة عظمى" ورحبت التيارات الأميركية بهذه التحولات فصرح (مايكل ستيجير) رئيس معهد شيلر لمدينة سان فرنسيسكو يقول للصحيفة الصينية (شاينا دايلي) يوم 25 أكتوبر:" إننا نرحب بتأثير الصين على السلام والتقدم في العالم" ثم إننا لا نستبعد أن يكون الثلاثة الكبار اتفقوا مثلا على حلحلة الأزمة اللبنانية. فالتنسيق بين العمالقة الثلاث والدبلوماسية الأوروبية معروف وتم في عديد الأزمات كانتقال سعد الحريري الى باريس ولقائه بالرئيس الفرنسي يوم السبت 18 وهو ما حدث باتفاق واشنطن و موسكو و بيجين و طبعا باريس بلا ريب.