[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/zohair.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]زهير ماجد [/author]
في الجنوب اللبناني متحف للتراث الفلسطيني قام بجمعه احد سكان المنطقة من الفلسطينيين ويدعى محمود دكور .. سوف نشاهد الكثير من فلسطين ابان حضورها كدولة وككيان وكأنسنة ... من الجنيه الفلسطيني الى حبات التراب من المسجد الاقصى الى الثوب الرجالي والنسائي الى الاستعمالات اليومية في المطبخ والبيوت وادوات الحراثة وشتى انواع الفولولكلور القديم وغيره وحتى الدفاتر التي كان يكتب عليها طلاب المدارس ....
كلما مررت من هناك يأخذني الشوق إلى زيارة المتحف والتمتع بدلالات تاريخ من الصعب ان يسقط، لا بل هو قابل دائما للعودة الى الحياة بعدما تآمر كثيرون عليه واخرجوه قصرا من استمرار وجوده الشرعي.
ستظل فلسطين عصية على كل من لديه حتى مجرد نوايا بإقفال ملفها باية طريقة كانت. خلال العام القادم يكون قد مر على النكبة الظالمة سبعين عاما، ورفض وجود اسرائيل كان ولا يزال كأنه حدث لتوه، بل هو على تزايد، والذين ظنوا ان بالامكان شطب القضية الفلسطينية بالسهولة التي يفكرون بها، انما يحرثون البحر .. والكلام عن صفقة القرن السريالية، تبرز سلبياتها اولى محطات الرئيس ترامب بنقل السفارة الاميركية الى القدس، وهو امر بالغ الخطورة، وقفزة في المجهول، علما ان من يعتقد حدوث أي ردة فعل عنيفة ضد الولايات المتحدة سيكون مخطئا، فالرجل فاز بناء على هذه الفكرة والآن يطرحها في الاعلام بشكل يومي لكي يقلل من اية ردة فعل عند حصولها.
خطوة ترامب لن تؤدي الى التقليل من الغضب الفلسطيني والعربي والاسلامي بل ستزيده اصرارا .. لقد ارادت الولايات المتحدة ان تضيف الى المعارك من اجل فلسطين معركة اخرى لا تقل اهمية عن كل ما سبق من معارك .. بل سوف تزيد من حجم الحراك الفلسطيني والعربي .. ويعتقد ترامب ونتنياهو ان للعرب والمسلمين ردة فعل لساعات او ايام قليلة سرعان ما تقف عند حدود اعتاد عليها الاسرائيلي وحفظها الاميركي عن ظهر قلب.
ستزيد مسألة نقل السفارة الاميركية الى القدس الخطايا الاميركية تجاه القضية المركزية والعرب اجمعين، والمؤكد ان السلطة الفلسطينية في مواقفها الرخوة لن تعلي حتى صوتها .. سيقول الرئيس محمود عباس ماذا نفعل امام امر واقع لا يمكن مقاومته، وهو الذي يملك قوة سحرية لو آمن بها وحركها لصنع تاريخا جديدا لقضيته، وهي المقاومة المسلحة التي لا اعرف ما اذا كان الراحل ياسر عرفات قد اوصى بأن تظل رايتها مرفوعة وانه تم شطب فكرته من الأساس.
ستظل فلسطين كابوسا في العقل الاسرائيلي والاميركي ، مرة يطرحون سيناء كمكان للفلسطينيين، ومرة ان يكون الاردن الوطن البديل، ولا ادري ماذا سيتفتق عن هذا العقل من اماكن اخرى، وهذه بأجمعها هروب من الحقيقة التاريخية المؤكدة بأن فلسطين هي المكان الوحيد الذي يرضاه الفلسطينيون، وان قانون عودتهم قائم إلى ابد الدهر ، وان القدس لن تكون الا عاصمتهم.
سخرنا جميعا من جملة احمد الشقيري برمي اليهود في البحر، لكن الواقع يؤكد انهم سيرمون بأنفسهم في لجته .. كل الاشارات تقول مهما تم طمسها، ان الثورة الفلسطينية الحقيقية والنهائية قادمة لا محالة، نكرر ان ماشهدناه من ماض مقاوم للفلسطينيين كان ارهاصا لما سيأتي وهو الاعظم، والذي سيبنى عليه قيام دولة فلسطين من الناقورة وحتى رفح .. هو وعد لن يكون ظرفيا كما كان بلفور بالنسبة لليهود، الوعد الإلهي للفلسطينيين ثابت ودائم وهو المحقق الذي يتم توقيته.