[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/zohair.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]زهير ماجد [/author]
في كل يوم عربي تتدخل يد لتضيف على اللوحة السريالية العربية لغزا جديدا أو شطحة لون له معنى، او لامعنى له في بعض الاحيان.
لا اعرف لو كان سلفادور دالي حيا ماالذي سيفجره الواقع العربي من افكار تجسدها ريشته .. او ربما اندريه بريتون ليضيف الى المشهد الذي يتجاوز السريالية فكرة لم تخطر على بال ولم تقل في الماضي .
انها الدهشة من عالمنا الذي يعيش دقائقه والثواني كأنها مرحلة لابد لها من ان تتحول الى عبرة. والناس في بلادنا باتوا يتطلعون في ساعاتهم كل دقيقة كي لاينسوا عنصر الزمن العربي المتغير المتبدل، وكأنه يستعجل الوصول الى مالايمكن توقعه، وتلك هي النقطة الممحية في اللوحة السريالية.
كفرد من افراد العرب عايشت ازماتنا، بالجملة كانت تهبط على رؤوسنا، وبالجملة كانت تجري امام اعيننا فلا نستطيع التقاط أي منها، لأن دحرجة الازمات لايقوى احد على الامساك باي منها.
من المؤكد ان الغربي لايعرف ماذا يجري عندنا بالتفصيل، هو يسمع بان عالما سرياليا يعيش على هذا الكوكب يمر بازمات، نقطة اول السطر. هو لايسعى للمعرفة اكثر، احيانا من شدة كوابيس السريالية يصاب المرء بوجع في الرأس، وغبش في العينين .. لكن مالايصدق، ان السريالية العربية لها رائحة احيانا، هي خليط بين النفط المحترق والغبار المتطاير.
شاهدت لوحات تشكيلية سريالية، وقرأت عن هذه المدرسة التي تفتقت في مرحلة الرد على حرب كبرى وعلى ظلم الانسان، ارادت ان تجسد قيما فزادت في التعقيد .. العرب على مايبدو سبقوا انفجارها، واعتقد انهم وضعوا اسسها امام اهل الغرب ومفكريه الذين انتجوها لاحقا. لكن السريالية العربية لم تولد في الدماغ نتيجة التفكير بالانسان، بل الانسان العربي عاش السريالية كما لو انها من يومياته، حتى وصلتنا بهذه الصورة التي تحمل تواقيعنا دون ان نوقعها، جميعنا ساهمنا في رسم اللوحة تلك، كل بريشته الخاصة، لكنها (اللوحة) لن تنتهي ابدا، ففي اليوميات العربية مجريات بمشاهد تتجاوز ، بل هي مابعد السريالية.
لا ادري من اين اتى اندريه بريتون بفكرته ان كل مدهش هو جميل ولا جميل الا المدهش، يبدو انه لم تصل اليه اخبار العرب ليغير الفكرة، فقد تصبح " دهشته " صدمة توقف عن التفكير، ودخولا في نعاس طاريء يتحول الى دائم.
مؤلم ان تكتب عن المشهد العربي وفي حضرته بعض منه يسعى لأن يغيره ليكون واقعيا مشدودا الى تبديله بانسنة متفوقة. فهل يعني سورية والعراق ولبنان وغيرها ان الرصاصة التي تمحو اثر هذا المشهد، وروح الكارثة، سوف يولد صورة لعالم مبهر في تكوينه الجديد.
انها حقيقة الرصاصة التي ترمم اللوحة بواقعها المختلف وبروح ماتحمله من ابداعات مقاتلين هم في ثياب فنانين يطرز رصاصهم لوحة التغيير المجلجل في آفاق امة كفاها تخبطا ودفاعا عن ارث انتهى عهده ويجب ابادته باي طريقة كانت.
يقول بعضهم ان السريالية حلم جميل في تعقيدات المشهد وانقاذ من براثنه .. لكن فلسطين مثلا هي الحالة التي مهما غالبت الازمان العربية، تظل الحقيقة التي كيفما مر المشهد العربي فلسوف يتوقف عندها بانحناءة واحترام وصبر.