[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/zohair.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]زهير ماجد [/author]
من الصعب ان يعيش هذا العالم بمنأى عن الأزمات ورأسه المسؤول عنه تقريبا غير محمود التصرف، بل مشكوك بأن يكون واعيا لما يحكم ويتحكم.
عندما يكون رب البيت غير مدرك لدوره بل غير واع له، يخرب البيت بمن فيه، ويتوه اولاده في فوضى التربية ومقاييس العقل الأبوي الجهنمي.
تلك هي مشكلة العالم دائما.
ولذلك فهي مشكلته ايضا اليوم وغدا، كما كان في السابق. قلت مرة ان من يحكم هو رجل تنطبق عليه كل مواصفات الإنسان في تفاصيله المعاشة، من مرض وتوهان واقدام واحجام وخوف وشجاعة وندم وتبكيت ضمير وهيجان عصبي وغيره ... وبالتالي فهو محكوم بمساحة واضحة من التصرف الذي يحتاج لعقل ومراس وتجربة وتراكم خبرات .. فكيف يمكن لرجل لا يملك هذا كله، يتحكم بالمصير البشري، ويضع الإنسانية أمام اختبار ظالم، وبيده مفتاحه النووي ..
في كوريا تهديد بحرب تذكرنا بمطلع الخمسينات من القرن الماضي حين شنت الولايات المتحدة حربا طاحنة عليها قبل ان تتورط بفيتنام بعدها .. ثم ها هي القدس يخلع عليها قدر فيه مزيج من المزاج الشخصي والهمس الصهيوني، ليتحول لاحقا إلى لعنة قد لا يقدر على حملها في هذه الظروف، مع اني أؤمن ان التظاهرات التي قد تستجد من اجل المدينة المقدسة أو المواقف الصوتية التي ستتالى، قد لا تؤثر ولن تؤثر .. الحكم في النهاية لعالم مجنون فيه من القوة المفرطة ما يرضخ الجميع لهيمنته ساعة يشاء.
ليسمح لي الكاتب والمفكر السعودي عبد الله القصيمي من استعمال هذا العنوان اعلاه وهو احد عناوين كتبه القيمة ولو اننا لا نوافقه احيانا في بعضه .. لكن العالم فعلا لم يكن عاقلا في السابق فكيف عليه الآن والرأس الذي يحكمه جيء به لدور، وعليه ان يلعبه ..
ثمة من يتمنى ان يعلن ترامب موقفه الذي ردده كثيرا حول مدينة القدس، فلربما كان ذلك طريقا لوحدة مواقف بين دول متنابذة، ثم بعدها تندلع انتفاضة فلسطينية لن تقوى اسرائيل على لجمها ولا حتى امن السلطة الفلسطينية .. ثمة قوى مركبة تحمي عادة مثل هذه الانتفاضات وتحد من قدرة العاملين على اطفائها.
لكن في كل حالات التعبير ضد الخطوة الأميركية بشأن القدس، فقد لا تنفع ولا تضر. الصراخ والهياج عصبي لا يستمر طويلا .. المهم ان يتوحد الحسم الإسلامي ليفكر بفعل ليس اقله تعريض مصالح الولايات المتحدة الأميركية للخطر، هو الشيء الوحيد الذي يدفع إلى التراجع أو التفكير بالعواقب.
لم يعد ما يمر به العالم مفاجئا بالنسبة إلي وإلى كثيرين، هنالك خلف المحيط الأطلسي وفي قارة كانت جديدة وكبيرة وعظيمة، مشكلة تحكم العالم، فهل يمكن لها غير انتاج الأزمات، وهل لا يمكن لنا سوى توقع الأزمات.
مشكلة القوي أو المفرط في قوته انه لا يعتقد، بل يجزم دائما ويتصرف على اساس عضلاته الممتدة عبر القارات والمحيطات والبحار، هو لا يرى سوى خريطة اينما تقع يده فهو موجود هناك، مثل هذا الواقع، كيف له ان يتحمل الضعفاء حوله، أو الطالبين لرأفة منه، مع انه مر بعصيان عديدين عليه عبر تاريخه المعاصر، وما زال هنالك من يمارسون أدوارا فيها كل الخصومة له ولأدواره ومعتقداته وتصويباته وأوامره التي يصدرها احيانا بالفاكس واحيانا بلمسة اليد وبعض الأحيان بالهمس أو بالقول الصريح وغيره من الالتفاتات.