[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/ahmedsabry.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]احمد صبري[/author]

أفرزت السنوات التي أعقبت غزو العراق واحتلاله واقعا لا يمت بصلة لواقع العراق الذي نعرفه خصوصا العلاقة بين القائمين على إدارة شؤون العراق، سواء أكانوا في الحكومة ومؤسساتها أم في البرلمان. لا نبالغ إذا قلنا إنها لا تستند إلى معايير الثقة المتبادلة بين شركاء الحكم التي ينبغي أن تكون هذه السمة عنوانها.
وما أزمة الثقة التي تتكرس في الحياة السياسية بين رموز الطبقة السياسية كتعبير عن حالة عدم التوافق بينهم إلا الدليل على إخفاقات القائمين على أمور العراق في تلبية حاجات المواطن خصوصا الأمن والكهرباء والرعاية الصحية وحماية المال العام.
وعندما نتحدث عن توصيف الحالة التي تطبع علاقة السياسيين ببعضهم فإننا نلاحظ أن هؤلاء تحولوا من شركاء في الحكم إلى أعداء من فرط الخلافات التي تأصلت بينهم وأزمة الثقة وعقدة الخوف والارتياب بين مكوناتهم.
وما يجري في العراق لا سيما بعد سيطرة المسلحين على محافظتي نينوى وصلاح الدين وامتداد دورة العنف إلى جنوب العراق بفعل المعارك بين أتباع عالم الدين الشيعي محمود الصرخي والقوات العراقية هو الدليل على فشل الطبقة السياسية في مواجهة حركة احتجاج انطلقت شرارتها من شمال العراق وامتدت إلى جنوبه.
فالسياسيون ليس همهم حل مشاكل ومعضلات الأوضاع السياسية والأمنية وإيجاد المخارج التوافقية لها لتقرب المواطن من العيش بأمان ورفاهية، وإنما فضل هؤلاء مصالحهم الشخصية والحزبية على سواها، متناسين أن الذين أوصلوهم إلى هذا الموقع أو ذلك هو الناخب الذي كان يأمل من الذي انتخبه أن يكون وسيلة لحل مشاكله وتلبية حاجاته الحياتية.
الواقع الحالي وطبقًا لما نلمسه ونعيشه يتجه إلى مزيد من التعقيد وتعميق الخلافات من دون أمل في أي جهد حقيقي لمواجهة الحقائق بإرادة وطنية تلبي مشاغل المواطن والوطن، وما جرى في أول جلسة للبرلمان الجديد يؤكد ما ذهبنا إليه.
إن فشل وإخفاق الطبقة السياسية في إيجاد قواسم مشتركة في العمل السياسي لإخراج الوطن من أزمته من دون أمل للحل هو الذي أدى أن يبقى العراق يتخبط في أزماته على مدى السنوات الماضية.
إن العراق الذي نتطلع إليه كخيمة لجميع المكونات العراقية بدأت أركانه تهتز وتتصدع، وقد يتشكل من جديد استنادا للوقائع الجديدة على الأرض خلال الأسبوعين الماضيين، الأمر الذي أصبح يقلق المتمسكين بوحدته وكيانه أمام دعوات الاستقلال والفيدراليات والأقاليم.
لقد آن الأوان أن تعترف الأطراف السياسية التي تدير شؤون العراق بفشلها في الحفاظ على وحدة العراق بسبب إخفاقها في إنجاز مشروع المصالحة الوطنية، ووأد دعوات الأقاليم والفيدراليات وتعديل الدستور وتحقيق التوازن، والإقلاع عن سياسة التهميش والإبعاد وإنكار حق الآخرين في صنع القرار السياسي، وقبل ذلك الحفاظ على أموال العراق وتكريسها لسعادة العراقيين.
وأدت هذا الإخفاقات إلى تحويل العراق إلى ساحة للتدخل الخارجي وتقرير مصيره بالضد من إرادة شعبه وتطلعاته في الوحدة والعدالة والحفاظ على السيادة الوطنية عبر مشروع وطني جامع وعابر للتخندق الطائفي والعرقي غير المنقوصة.