[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/zohair.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]زهير ماجد [/author]
صحيح أن إسرائيل تعيش ربيعا مؤكدا، لكن العبرة في النهايات دائما. فهل تصدق خططها؟ وهل يتحقق ما تصبو إليه؟ وهل تجري الرياح بما تشتهي سفنها؟! ..
في هذا المخاض العربي الذي يقاتل من أجل الوقوف بوجوه الشر الزاحف من أجل عدم تقسيمه ونفتيته وإضاعته في لعبة الفوضى التي شنت عليه، ما زالت اللعبة في أولها، وما زال النزال في بداياته، وما زال عصب الأمة مشدودا ومعافى .. المؤشرات مربكة، لكن ثمة من أعطى "داعش" حجما أكبر من حقيقتها، بل خلق منها فزاعة حولت مجتمعاتنا إلى إحباط بتنا نراه في أكثر من مدينة ومن عاصمة ومن شعب، بل تناثر الخوف في العقول، كأنما هنالك هندسة إعلامية عالية النبرة تريد لهذا الوباء أن يخلق أزمة إنسانية عربية.
في المقابل، تجري الوقائع الميدانية في سوريا على خير ما يرام، وفي العراق يتقدم الجيش في مواقع، لكن العين "الداعشية" هي على لبنان، وتحديدا حزب الله. إنه الهدف النهائي الذي تختبئ وراءه كل التفاصيل الجارية في المنطقة، وهي خيار إسرائيلي مؤكد، بل إن شتى الوقائع بكل عناوينها الواضحة والمستترة هدفها هذا المنحى، الذي يثبت عجز إسرائيل عن فعل مباشر ضد حزب الله لم تعد تأمن الشروع فيه في هذا التوقيت وربما في أي توقيت آخر بعدما تغيرت المعادلات الميدانية وصار هذا الحزب صعب المنال بل مستحيلا.
نحن إذن في بدايات المرحلة التي ستطول، والتي بات معروفا أننا نقاتل إسرائيل بلغة "داعش"، ونتصدى للأميركي باعتباره الغذاء الروحي لتلك الظواهر وما شابهها. وليكن معلوما، أن تصنيع تلك الظواهر ما كان لها أن تتم لولا الخريطة الجديدة للمنطقة التي تسعى الولايات المتحدة للاستفادة منها، فتكون بالتالي الحكم والمجرم في آن معا، ويكون الصهيوني الذي تتساقط حساباته رويدا، متحولا من التفاؤل إلى التشاؤل ثم إلى تشاؤم تام.
هذا الكم من الخلوف والإحباط الشعبي العربي ليس في محله وإن كان مبررا، فتكرارا نقول لقد صنعوا من "داعش" فزاعة الهبت ليس العرب بل العالم وجعلته أسير أفكار القلق على المصير، ومن المؤسف أن بعض الإعلام العربي ساهم في اللعبة، بل حشد لها شتى التعابير المؤاتية، منه ما هو مقصود، ومنه ما سقط في فخ اللعبة.
نعتقد أن المدى الذي بلغته "داعش" سوف يتآكل مع الوقت، لقد وصلت ذروتها في التمدد، وفي الوقت الذي تعلن فيه "إمارتها" فإنما تضع الحرب ضدها الخيار الوحيد إن لم أنها قد حددت نهاية لها .. لقد أصابت الولايات المتحدة في لعبة صناعة الإرهاب ذروة تفكير استراتيجييها من أجل المزيد من الفوضى، وإراحة إسرائيل وإعطائها المزيد من الأوكسجين كي تعيش أطول مدة ممكنة .. لكن الأمر الذي يعنينا، أنها الحرب الطويلة التي يتقرر بناء عليها مستقبل بلادنا وخلاصنا، مع علمنا أن العقل الأميركي والصهيوني لديه الكثير مما في جعبته من أجل إبقاء المنطقة في هذا الطوفان من الفوضى التي يأخذ كل مرة اسما مختلفا وجديدا.