[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/fayzrasheed.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]د. فايز رشيد[/author]
” مما لا شك فيه , أن الصحافة, باعتبارها السلطة الرابعة, مثلها مثل أية مهنة أخرى يتوجب أن تقوم على الأخلاقيات, التي تقوم بدورها على المبادئ والممارسات الإنسانية في عملها, وتطبيق رسالتها رغم التحديات المهنية التي تواجهها, وتظهر القواعد الأساسية لأخلاقيات الصحيفة في إعلان فلسفتها ومبادئها التي تعمل على أساسها. ”
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بداية, حريّ التوضيح, أن كاتب هذه السطور, وعندما يخطّ هذه المقالة تحديداً, فإنه لا يتعدى أو يتطفل على مهنة الصحافة, فهو حائز على دبلوم الصحافة من الجامعة العربية الأفريقية في القاهرة عام 1965. في الاعتقاد أن تلك المرحلة التي كان عنوانها صحفيين كبارا, كل منهم مدرسة صحفية بحد ذاته, من أمثال محمد التابعي وأحمد بهاء الدين ومحمد حسنين هيكل, كانت كافية للمهتمين بالصحافة, أن يكونوا صحفيين مبتدئين دون دراسة أكاديمية. ثم, إن الكاتب عندما تعمدّه التجربة لمدة نصف قرن من احتراف مهنة الكتابة الصحفية, سيصبح ذا تجربة جديرة بالوقوف أمامها. أذكر أن الدرس الأول في كيفية الكتابة الصحفية, كان فحواه ما يلي: لن تشد القارىء إن كتبت: عض كلبٌ رجلاً, فهذا أمر طبيعي, ويحدث في كلّ دقيقة!, ولكن حاول في التغطية الصحفية أن تقول: عضّ رجلٌ كلباً, فهذا ما يثير القاريء. بالطبع, ليس المقصود الكتابة عن الحادثة بعينها, ولكن كيف ستتناول تغطية حدث إذا كنت تعمل مراسلاً لصحيفة.
تختلف الكتابة وطرائقها, وفقاً لطبيعة ما ستكتب: تغطية صحفية, مقالة, خاطرة, مقالة يومية أو أسبوعية, تقرير صحفي..إلخ, فلكل من هذه طريقتها واشتراطاتها. تطورت الأشكال الصحفية من الجريدة (وتختلف طبيعة المقالات فيها إن كانت يومية أو أسيوعية), المجلة, كذلك الأمر أسبوعية أو شهرية أو فصلية كانت, الصحيفة الإلكترونية,, الموقع الإلكتروني ... الخ. للأسف كثير مما نراه في هذه المرحلة, هو كتابات بعيدة عن المهنية الصحفية, مكتوب على طريقة "عضّ كلبٌ رحلاً" وبخاصة عندما تتّبع هذه المواقع مشاركة قيادي في حلّه وترحاله, وحضوره النشاطات, دون مراعاة إعطاء ملخص(لمحة) عن المؤتمر الذي شارك فيه, وتتجاهل حتى المتواجدين الآخرين ممن يمثلون الجهة التي ينتمي إليها القيادي, بحيث تبدو للمراقب, وأنها قصرت مهمتها على تغطية نشاطات هذا الفرد! هذا مثل أستعرضه عن طبيعة صحافة هذه الأيام! ثم إن المبدأ المهم في الصحافة, هو مبدأ العدالة بين الجميع من خلال التعاطي مع أخبار كافة المسؤولين بنفس المقياس, وهو عكس ما يحري على أرض الواقع. ثم إن النشاط يتوجب أن يُعكس لصالح الجهة, التي أرسلت مندوبها لحضور النشاط وليس للفرد نفسه, فالمفترض أنه جزء من الجهة, وليس أكبر منها! إلا في عقول وأذهان من يرونه كذلك, وهم مخطئون بالحتم.
مما لا شك فيه , أن الصحافة, باعتبارها السلطة الرابعة, مثلها مثل أية مهنة أخرى يتوجب أن تقوم على الأخلاقيات, التي تقوم بدورها على المبادئ والممارسات الإنسانية في عملها ,وتطبيق رسالتها رغم التحديات المهنية التي تواجهها, وتظهر القواعد الأساسية لأخلاقيات الصحيفة في إعلان فلسفتها ومبادئها التي تعمل على أساسها. وبالفعل مثلما قال توني بورمان مدير التحرير الأسبق لـ سي. بي. سي نيوز: يتوجب على كل مؤسسة صحفية الارتكاز على الأخلاق والمصداقية في تعاملها مع كل من هم على علاقة بها, من كتّاب وجمهور. أذكر مقالة للكاتب الكبير محمد التابعي, ركّز فيها على أهمية حرص الصحيفة ليس على حرية الكاتب فقط, وإنما على حرية القارىء أيضاً. في وطننا العربي, بعض الصحف ومحرريها لا يكلفون أنفسهم إبلاغ الكتاب أنها استغنت عنهم! بل هم من يكتشفون ذلك. مسؤولو بعض الصحف, من أصحاب "الجمل الثورية" المرتفعة الأصوات عادة, وخاصة في الفضائيات, افتتحوا صحفاً أو افتتحت لهم – لا فرق- لسوء الحظ تنغش بهم, وإن صدف لسوء حظك وأن تعاملت معهم, تفاجأ بنزقهم وخوائهم وعدم إتقانهم سوى للصوت العالي!, فضلاً عن أنهم منذ البداية, يُفهمونك أن لا مردود ماديا لك من الكتابة عندهم, وفوق كل ذلك يتجمّلون عليك .. ألا فليذهبوا إلى الجحيم.
قد تختلف فلسفات المؤسسات الصحفية, إلا أنها من المفترض أن تجتمع على مبادئ: الحقيقة والدقة والموضوعية والحياد والتسامح والمسؤولية أمام القراء. ويبدأ اتباع تلك الأخلاقيات في الحصول على المعلومات ومراعاة أهميتها ثم توصيلها إلى الجمهور. وكما هو الحال بالنسبة لأنظمة احترام الأخلاقيات, فلتلتزم الصحافة هي الأخرى بمبدأ "عدم إلحاق أقل ضرر بالشخصية". وهذا يتعلق بعدم كشف بعض التفاصيل في النشر مثل اسم مصاب, أو بأخبار لا تتعلق بموضوع المقال, قد تسيء إلى سمعة الشخص المذكور. هذا بالإضافة إلى ميثاق المصداقية, إذ تعتمد المؤسسات الإعلامية على هيئة داخلية تقوم بدور المحافظ على سلامة ومصداقية العمل أمام الجمهور. وهي تتوسط عند ظهور مشكلة وضغوط من الداخل والخارج, وتعتني بالمسؤولية أمام الجمهور والعمل على تنمية النقد الذاتي وتشجع على الالتزام بأخلاق المصداقية والفضيلة والوطنية.
للعلم, على فترات متقطعة ,كتبت على صفحات العزيزة "الوطن" عن العقلية التحطيمية العربية, ومواضيع شبيهة أحرى, وبالفعل, بعض المواقع الإلكترونية تتجمل عليك, بنشر مقالاتك! هذا خطأ صحفي, فالموقع الإلكتروني هو من بحاجة إلى مقالات الكتّاب وليس العكس, غالبية هذه المواقع هي في العادة القريبة من الكتّاب! لأن لها منطلقات حسابية في عدم النشر. كتب صاحب هذه السطور أيضا عن أن القريبين من الكفاءات لا يقدرونها, وعلى الكاتب التقدم لها بالشكر والعرفان, أنها لا تعمل على تحطيمه! الكفاءات معترف بها من الأبعدين, وعشرات المواقع الأخرى تنشر مقالاتها. فلا ضير من الجهلة. فأنت "علَمْ ومعروف" رغم تجاهلهم.