[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/kazemalmosawy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]كاظم الموسوي[/author]
” يواصل الاتحاد الأوروبي مواقفه في تحميل الكيان مسؤولية تدمير وقصف بنى تحتية مخصصة وممولة من الاتحاد الأوروبي أو من دول أعضاء في فلسطين المحتلة. حيث يتحدث نواب أوروبيون عن «فاتورة» بقيمة 1٫2 مليون يورو لمدارس وخزانات مياه وأنظمة كهربائية ومنشآت أخرى «دمرتها إسرائيل عمدا أو صادرتها خارج إطار الأعمال العدائية العسكرية وفي انتهاك للحق الإنساني الدولي». ”
ــــــــــــــــــ
يتميز الموقف الأوروبي من القضية الفلسطينية عن الموقف الأميركي عموما في أكثر من مجال، فاعترف عدد من أبرز أعضائه بالدولة الفلسطينية وأجرى التبادل الدبلوماسي معها رسميا، وقدم الاتحاد دعما واضحا للشعب الفلسطيني عبر مؤسسات وهيئات متعددة. كما تعرض إلى مناكفات وتجاذبات سياسية مع الكيان بسببه. ويأتي الموقف الحالي من قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب من القدس عاصمة الكيان الإسرائيلي ونقل السفارة الأميركية رسميا فيها تأكيدا للمواقف السابقة، وتصريحا بكل وضوح لرفض الاعتراف بالقرار. حيث أكد العديد من وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي مجددا موقف الاتحاد القائل بأن الأراضي التي احتلتها "إسرائيل" في حرب عدوان عام 1967، ومنها الضفة الغربية والقدس الشرقية وهضبة الجولان، ليست جزءا من الحدود الدولية المعترف بها لكيان "إسرائيل". وحتى أقرب حلفاء إسرائيل الأوروبيين رفضوا القرار الأميركي، قائلين إن الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل من جانب واحد يهدد بإثارة العنف ويزيد من تقويض فرص السلام، كما يقولون أو يعبرون.
حسب وكالات الأخبار طلب بنيامين نيتنياهو، رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي، اللقاء بوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي وحثهم على الاعتراف بالقرار الأميركي. لكنه شهد استقبالا فاترا في بروكسل. وسبق له واتهم الاتحاد بـ«النفاق» و«ازدواجية المعايير»، لاسيما وأن فيديريكا موجيريني، المفوضة العليا لشؤون السياسة الخارجية، رفضت محاولات نيتنياهو علنا. وأحرجته في أول زيارة لرئيس وزراء الكيان الإسرائيلي منذ 22 عاما، حيث أكدت أن الاتحاد الأوروبي يدعم حل دولتين إسرائيلية وفلسطينية تعيشان جنبا إلى جنب، عاصمتهما القدس كحل أوحد للنزاع. وهذا هو المشروع الأوروبي الذي يردده المسؤولون الأوروبيون حول القضية الفلسطينية والصراع في المنطقة.
وضحت مارغوت ولستروم، وزيرة خارجية السويد، إن ما من أوروبي واحد في الاجتماع المغلق أبدى تأييده لقرار ترامب، وما من دولة يرجح أن تحذو حذو الولايات المتحدة في إعلان اعتزامها نقل سفارتها. وقالت الوزيرة للصحفيين "لا أعتقد أن أيا من دول الاتحاد الأوروبي ستفعل ذلك". من جهتها أكدت موجيريني إن الاتحاد الأوروبي سيبذل جهودا مع الجانبين والشركاء الإقليميين مثل مصر والأردن لإعادة إطلاق مفاوضات السلام. وأضافت : «كشركاء وأصدقاء لإسرائيل، نعتقد أن المصالح الأمنية لإسرائيل تقتضي إيجاد حل قابل للاستمرار وشامل» بين "إسرائيل" والفلسطينيين، وفق مفرداتها. ودعت محمود عباس، الرئيس الفلسطيني، للقاء في الاجتماع القادم للوزراء كإشارة سياسية من الاتحاد وموقفه من القرار الأميركي. وهي تحدد الموقف الأوروبي الواضح من القدس.
تصريحات المسؤولة الأوروبية رد صريح على تصريحات رئيس وزراء الكيان التى قال فيها إن اعتراف ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل «يجعل السلام ممكنا» فى الشرق الأوسط، على حد قوله. وقال نيتنياهو إن الدول الأوروبية عليها أن تحذو حذو خطوة ترامب، التى أدانها الفلسطينيون وحكومات أوروبية. وأضاف: «أعتقد رغم أننا لم نصل لاتفاق بعد، فإن ذلك سيحدث في المستقبل. أعتقد أن جميع، أو بعض، الدول الأوروبية ستنقل سفاراتها إلى القدس وتعترف بها عاصمة لإسرائيل وتتعاون معنا بقوة من أجل الأمن والرخاء والسلام». وشدد نيتنياهو على شراكة بلاده مع أوروبا، زاعما أن تعاون المخابرات الإسرائيلية ساعد على منع هجمات للإرهابيين، كما أن دورها الأمني في الشرق الأوسط كبح تمدد تنظيم «داعش» الإرهابي في المنطقة.
يواصل الاتحاد الأوروبي مواقفه في تحميل الكيان مسؤولية تدمير وقصف بنى تحتية مخصصة وممولة من الاتحاد الأوروبي أو من دول أعضاء في فلسطين المحتلة. حيث يتحدث نواب أوروبيون عن «فاتورة» بقيمة 1٫2 مليون يورو لمدارس وخزانات مياه وأنظمة كهربائية ومنشآت أخرى «دمرتها إسرائيل عمدا أو صادرتها خارج إطار الأعمال العدائية العسكرية وفي انتهاك للحق الإنساني الدولي». وكان قد كتب عدد من الدول الأعضاء إلى الحكومة الصهيونية مؤخرا لطلب «تعويضات» على هذا الدمار. وتعتبر هذه قضية حساسة بين الطرفين ولها تداعياتها القانونية والإنسانية والاقتصادية.
كما وصل الأمر في الرد على القرار الأميركي وتصريحات نتينياهو، بأن الاتحاد ينتظر فعلا مقترحات أخرى غير ما تقوله إدارة ترامب بانها تعمل على مقترح سلام يضعه مبعوثها للشرق الأوسط جيسون غرينبلات ومستشار ترامب وصهره غاريد كوشنر. حيث أشار الزعماء الأوروبيون إلى أن قرار القدس يزيد من الحاجة لخطوة أوسع نطاقا نحو السلام. وقال وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان "ننتظر بالفعل منذ عدة أشهر المبادرة الأميركية، وإن لم تكن هناك خطة وشيكة، فإنه سيتعين على الاتحاد الأوروبي الأخذ بزمام المبادرة".. وقد جاء القرار الأميركي محبطا للاتحاد ودافعا لحراكه السياسي وتعبيره عن قلقه العميق إزاء إعلان الرئيس الأميركي حول القدس والتداعيات التي قد تنجم عنه وأثرها على فرص السلام.
أكد بيان من وفد الاتحاد الأوروبي (2017/12/7) أن موقف الاتحاد يبقى كما هو. كما أنه يجب إيجاد حل من خلال المفاوضات لوضع القدس كعاصمة مستقبلية للدولتين. وأضاف أن الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي سيستمرون في احترام الإجماع الدولي حول القدس، كما جاء في قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 478 والقرارات الأخرى، بما في ذلك موقع الممثليات الدبلوماسية إلى أن يتم إيجاد حل لوضع القدس.
وكالعادة المعروفة دعا الاتحاد الأوروبي كافة الأطراف ذات العلاقة في المنطقة إلى ضبط النفس لمنع أي تصعيد. وينبغي أن يكون التركيز على خلق ظروف تؤدي إلى مفاوضات هادفة ومباشرة تؤدي إلى حل قضايا الوضع النهائي، كما يبقى الاتحاد الأوروبي مستعدا لدعم هذه العملية، والعمل مع الطرفين والشركاء فيها، وتمسكه بحل الدولتين وبسياساته الحالية كما جاءت في نتائج مجلس وزراء الخارجية في الاتحاد الأوروبي المتعاقبة.
استمرارا لمواقف الاتحاد الكلاسيكية أكدت مارغوت والستروم، أن الاتحاد الأوروبي جدّد موقفه الرافض لقرار الولايات المتحدة بشأن اعترافها بالقدس عاصمة لإسرائيل. وأضافت والستروم في تصريح صحفي في ختام لقاء لوزراء خارجية دول الاتحاد في بروكسل “أعتقد أن إسرائيل شعرت بقوتها من هذا القرار. ومع ذلك نلفت النظر إلى أن نتمسك بما نعتبره أكثر واقعية، حل للقضية يقوم على مبدأ الدولتين وتقديم المساعدة لطرفين بغية إجراء الحوار. إلا أنه الآن من الصعب فهم مستقبل سير هذه العملية”.!
موقف الاتحاد الأوروبي من القضية الفلسطينية والقدس بعد القرار الأميركي يسلط الضوء عليها عالميا ويفيد في الاستثمار السياسي من داخل الغرب في دعم الموقف الفلسطيني والعربي والإسلامي، الشعبي والرسمي، في الدفاع عن الحقوق والحرية والعدالة لفلسطين. وهو ما يتطلب الاستفادة منه على مختلف الصعد والمجالات وإضافته، بكل ما له وعليه، إلى قوة الموقف وكفاح الشعب الفلسطيني المشروع.

كاظم الموسوي
كاتب وصحفي عربي ـ لندن