[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/zohair.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]زهير ماجد [/author]
يوم أصدر الشاعر الفلسطيني محمود درويش أول دواوينه " آخر الليل نهار"ثم عاد وسماه في طبعته اللاحقة "آخر الليل"، كان العمل الفلسطيني المقاوم يتقدم على إيقاع الكلمات السريعة .. ذلك أن الأمة العربية كلها، أصابتها نكبة جديدة أفرزت إحباطا شعبيا عربيا لامثيل له وهي عبارة عن هزيمة عسكرية مروعة، وكان ذلك في السادس من يونيو عام 1967 .
نكتب اليوم كأننا نحفر في الكلمات حيث خلاصات ذلك العصر لاتزال ماثلة أمام جيلنا على الأقل .. فالأجيال اللاحقة عرفت أحداثا جديدة، هي المنطقة العربية التي تحبل بالأحداث منذ أن قامت إسرائيل، وكان الزعيم السوفياتي جوزيف ستالين قد قال بفكره النير إن إقامة هذا الكيان في فلسطين سيؤدي إلى حروب دائمة، وهانحن نعيشها، وسيعيشها جيل وراء جيل ، إلى أن يقضي الله أمر الكيان المزعوم.
اليوم إرهاص انتفاضة، يحتاجها عالمنا العربي مثلما حاجة فلسطين إليها .. أنبل الظواهر العربية هي، قيمة لها فعل التحدي، إعادة التذكير باستحالة استمرار كيان مازال يسيطر على جزء من الوطن العربي ويقيم فيه بالقوة وبمساعدة الغرب، يستمر بهذه الأنفاس، وبمقاييس الحقيقة فهو الآن على محك الصراع الوجودي ، إما أن يكون أو يكون لنا نكبة هي الأكبر في تاريخنا.
دائما نكتب عن الغضب الذي يجب أن يستمر، كان ستالين يستعمل كلمة " يجب "في كل الحالات، كما أخبرنا أحد الدبلوماسيين السوفيات ذات تاريخ .. لابد من وجود كلمات لها صفة الأمر وإن كان الأمر غير محبب في حياة الناس والشعوب لكونه خارج مفهوم الحرية والديمقراطية .. إنه هنا نصيب من الضرورة الواجبة لإتمام تاريخ.
لكن الغضب المستمر لايكفي، مع أن كل الثورات تبدأ به وإذا ماعرفت تفاصيل النفس الطويل للوصول إلى الأهداف، فلسوف تعيش وتصل حيث ماتريد، تماما مثل الثورة الجزائرية التي مرت بمنعطفات عديدة، وفيتنام كذلك، والثورة الصينية بقيادة ماوتسي تونغ، .. بعضهم يقول إن خطأ عرفات لم يضع في حسبانه هدفا نهائيا بقدر مااشتغل على المراحل، أي لكل مرحلة محققاتها .. ولهذا قبل أوسلو، ثم أراد أن يستمر بلعبة البندقية فأنشأ " كتائب شهداء الأقصى " ، لكن من يتنازل تكر سبحة تنازله إلى أن يصل القاع ... وفي قضية كبرى وعظيمة مثل القضية الفلسطينية، تصبح المناورات حول أهداف سريعة مقتلا لها.
الآن فلسطين على المحك، ثمة إعادة لمنحها حياة إضافية نرجو أن يتعلم منها من حبس أنفاس الشعب الفلسطيني ووضع لها طرق تعبير ثابتة في معادلة خاسرة. أقل الإيمان أنها إذا رفضت كل الاستجابات العسكرية، أطلقوا الأغنية الوطنية المقاومة كي يعاد تسليح الأنفس الفلسطينية وتثويرها إيذانا بما يجب أن يتم الوصول إليه ميدانيا ضمن مفهوم التعبئة الوطنية.
أيها الفلسطينيون إياكم أن تعتمدوا على العرب كما قال أحد السياسيين اللبنانيين، وأصر على كلامه.. أنتم من يصنع نهاركم الذي قاله محمود درويش في ذاك الديوان الذي شكل في وقته أولى الرصاصات التي أصابت النفس الفلسطينية وزرعت فيها ماسيكون عليه واقعها بعد حين، فكان التجاوب الهائل لحملة البندقية، وكان المشوار النضالي الذي من المؤسف أنه فرغ من الرصاصات العسكرية فيما ظلت كلمات درويش تتردد على مسامعه لوحده كي لاتسمعه أذن لها هاتف يرن في أمكنة عديدة.