[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/zohair.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]زهير ماجد [/author]
لا توجد منطقة في العالم شبيهة بالمنطقة العربية .. فهي أولا تاريخية المقاومة منذ مئات السنين، نظرا لما تعرضت له من غزوات واحتلالات وصراعات ـ أدت إلى نشوء مقاومات ظلت خمائر لعصرنا الحالي ..
وهي ثانيا، أبرز محطة للوجود الأميركي في العالم، وكما يقول الراحل محمد حسنين هيكل ، تكون أميركا بعظمتها عندما تكون في الشرق الأوسط ، اميركا ليست اميركا ان لم تكن في تلك المنطقة.
وهي ثالثا، منطقة الخير العميم، كانت اهراءات روما في انتاج القمح وكل حاجاتها الاساسية .. فهي بالتالي مركز غذاء العالم لو تم لها وسائل تنمية واعادة ترتيب التربة بالشكل المناسب .. ومن سوء طالعها، وليس من حظها، ان اكتشف النفط في اراضيها، فصارت ملتقى قبلة الاستعمار من كل لون.
لا نتفاجأ اذن بالثورات التي اندلعت في فلسطين، وصولا الى قمتها في السبعينات من القرن الماضي .. يومها كانت الرقم الاصعب، ولولا قلة النفس عند بعض قيادييها الاساسيين ، لتمكنت من تحقيق مآلاتها، الا ان احلام هؤلاء البعض السريعة ادت الى تراجع المقاومة واسدال الستارة على تجربة كان لها لو عمرت لغيرت وجه المنطقة بكل تأكيد.
لكن المسألة لاتحتاج الى يأس في النفوس، ولا لإحباط وتراجع، ولا ندم على ما فات، هنا لك دائما ما قلناه في مطلع المقال من خمائر تتوالد باستمرار .. هي من مكونات سبقت، الثورة التي تندلع ليست وليدة ساعتها، بقدر ما هي ابنة زمن متراكم .. ليس هنالك ثورات بدون زمنية متراكمة مثلما هو الدواء الذي يفعل بعد تراكمه في الجسم، او الحضارة التي ليست بناء ساعتها بقدر ما هي تعبير عن تراكمات وعهود وممارسات دؤوبة.
لا اخاف على المنطقة سوى انها تعبر عن نفسها في اللحظة التي تعنيها .. واخال ان مرحلة التفجر الثوري في السبعينات كانت مطابقة لحاجة الجسم العربي الى قوة ترفعه من هزيمة نكراء حدثت في يونيه 1967 ، ولولا المقاومة الفلسطينية لدخلت المنطقة في حالة احباط لا نعرف مداها، جاءت المقاومة لتمتص النكوص العربي، وتخرجه من أي تعبير خاطيء.
هنا فقط نكتشف ان نبض المقاومة متأصل في روح شعوب المنطقة العربية، ليست المسلسلات السورية مثل " باب الحارة " وغيره سوى عينات من العمل الوطني السوري، ومثله في فلسطين، وفي لبنان، وفي مصر، وفي الجزائر، وتونس والمغرب، وفي كل بلد ينطق بالضاد. انه التاريخ الذي يفصح عن وجود خلية مقاومة لم تتمكن كل وسائل القتل الذي تعرضت له من القضاء عليها ، ولسوف يظل بقاؤها املا منقولا من جيل الى جيل ومن راية إلى راية ..
ليس من تاريخ مزيج من الصراع مثلما هو حال الشرق الأوسط الذي تعرف الولايات المتحدة الاميركية كم هو غال على قلبها كونه مكان سطوع قوتها امام العالم الآخر. أليس احتلال العراق من قبلها إلا لأنه جزء هام من هذا الشرق حلمت من خلاله تلك القوة الغاشمة على اعادة ضبط المنطقة ضمن مفهوم المصالح الجديدة مضاف اليها القديمة منها .. لكن خمائر المقاومة التي نتحدث عنها، سيطرت تماما فخرج الاميركي ذليلا جل تفكيره كيف يحمي قواه التي حولها المقاوم العراقي الى جثث على الطريق.
في المنطقة العربية نبض ليس له شبيه لاتعرفه الا المنطقة ذاتها وهو يترجم حالها منذ التكوين والى الان.