هذا شهر رمضان المبارك : فيه من الخيرات ما جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لنا ( لو تعلم أمتي ما في رمضان من الخير ، لتمنت أن تكون السنة كلها رمضان ) نعم أخا الإسلام : من أول الفوائد التي نذكرها هنا ، فعل الحسنات وترك السيئات ، وهذا أعظم عمل نقوم به لأن العلماء قالوا لنا : إن الدين شطران أحدهما ترك المناهي . والآخر فعل الطاعات وترك ما نهى الله تعالى عنه هو الأشد فإن الطاعات يقدر عليها كل واحد من المسلمين ، وترك الشهوات لا يقدر عليها إلا الصدّيقون ، ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( المهاجر من هجر ما نهى الله عنه ) ومن يترك الشهوات ابتغاء وجه الله تعالى ، فإنه يُسمى مجاهداً لأنه جاهد نفسه وهواها ،
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما رجع ذات مرة من المعركة ( رجعنا من الجهاد الأصغر ، إلى الجهاد الأكبر، وهو: جهاد النفس ) ونقول للمسلم الذي يعصي الله تعالى : إنك إنما تعصي الله تعالى بجوارحك وهي نعمة من الله تعالى عليك ، وهي أيضاً أمانة عندك ، فاستعانتك بنعمة الله علي معصيته هي كفر للنعمة وخيانة في أمانة أودعك الله إياها فأعضائك تحت رعايتك فانظر كيف ترعاها فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( كلكم راعٍ وكلكم مسئول عن رعيته ) فعلى كل مسلم أن يعلم : أن أعضاؤه ستشهد عليه يوم القيامة . وإذا كان الصيام من فوائده : أنه يُعوًد المسلم علي أن يتقي الله ويخشاه فإن هناك تعريف للتقوى نذكره ، حتى نراجع أنفسنا ونعرض أنفسنا عليه وهو( التقوى أن لا يفتقدك الله حيث أمرك وألا يجدك حيث نهاك ) والمعنى واضح جلي فإذا كنت حقيقة ، تتقي الله تعالى فإن الله يُحب أن يراك في أماكن العبادة ، وفي دروس العلم ، ولا يُحب أن يراك في أماكن اللهو والفجور ، وطبيعة المؤمن أنه يتحرى الحلال ، ومرضاة الله رب العالمين ، في كل شئون حياته ، قال تعالى في كتابه العزيز ( وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى ) أخي المسلم : وكما أن الله تعالى أعطانا من فضله الخير الكثير ، فإن الواجب عليك ، أن تسارع في مرضاة الله تعالى بعمل الحسنة تلو الحسنة قال تعالى ( إن الحسنات يُذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين ).
ثانياً في شهر رمضان تذكير لكل مسلم ومسلمة بأن يتمسك بمكارم الأخلاق فإن سبًه أحدُُ أو شتمه قال ( اللهم إني صائم ) وروي أن لقمان الحكيم أوصى ابنه بأربع حكم اختارها من حكمه الكثيرة والمشهورة فقال له ( يا بني : تذكًر اثنتين ، وانس اثنتين . تذكًر الذنب والموت ، وانس إحسانك إلى الناس ، وإساءة الناس إليك ، ومن فوائد شهر رمضان الكريم أيضاً : أن الصائم يُمسك لسانه عن الكلام الفاحش البذيء ، ويُطلق للسانه العنان في قراءة القرآن الكريم والأمر بالمعروف والنهي المنكر وقد قال العلماء الكرام احفظ لسانك من ثمانية : ( الأول) : الكذب في الجد والهزل ،( الثاني) الخُلف في الوعد ، لأن المؤمن صادق في قوله ، وفي وعده لغيره من الناس ( الثالث) حفظ اللسان من الغيبة وهي : ذكرك أخاك بما يكرهه ، (الرابع) حفظ اللسان من المراء والجدال ومناقشة الناس في الكلام لأن فيه إيذاءُ للمخاطب وإظهار جهله ، ( الخامس) حفظ اللسان من تزكية النفس لأن الله تعالى يقول ( فلا تزكّوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى ). قيل لبعض الحكماء : ما هو الذكر القبيح ؟ قال هو ثناء المرء على نفسه .( السادس ) حفظ اللسان من اللعن : فإياك أن تلعن شيئاً من مخلوقات الله أو أي إنسان بعينه ، فإن الله تعالى هو المطلع على السرائر ولا يعلم الغيب إلا الله تعالى ( السابع ) احفظ لسانك من الدعاء على الخلق : وإن ظلمك أحدُ من الناس فاجعل أمره إلى الله تعالى واحتسب الأجر عند الله العلي القدير ، ( فمن عفي وأصلح فأجره على الله ) ( الثامن ) احفظ لسانك من المزاح وكذلك من السخرية بالناس والاستهزاء بهم ، ولا تجالس من يجلسون في مثل هذه المجالس ، وأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره . هذه أخي الصائم بعض الأمور التي يقع فيها الكثير. أردنا أن ننبه لها حتى لا نقع فيها ، فنسأل الله السلامة في الدنيا والآخرة وأن يتقبل منا خالص الأعمال . اللهم أمين (( إبراهيم السيد العربي ))

ابراهيم السيد العربي