عزيزي الصائم .. في هذه الحلقة نستطلع معا الواجبات الظاهرة والتي تتكون من ستة أقسام ، وتجدر الاشارة الى أن مراقبة أول شهر رمضان ، وذلك برؤية الهلال ، فإن غم فاستكمال ثلاثين يوما من شعبان . ونعني بالرؤية العلم ، ويحصل ذلك بقول عدل واحد ، ولا يثبت هلال شوال إلا بقول عدلين احتياطا للعبادة ، ومن سمع عدلا ووثق بقوله وغلب على ظنه صدقه لزمه الصوم وإن لم يقض القاضي به ، فليتبع كل عبد في عبادته موجب ظنه . وإذا رؤي الهلال ببلدة ولم ير بأخرى وكان بينهما أقل من مرحلتين وجب الصوم على الكل وإن كان أكثر كان لكل بلدة حكمها ، ولا يتعدى الوجوب ، ولا بد لكل ليلة من نية مبيتة معينة جازمة ، فلو نوى أن يصوم شهر رمضان دفعة واحدة لم يكفه ، وهو الذي عنينا بقولنا كل ليلة ،ولو نوى بالنهار لم يجزه صوم رمضان ولا صوم الفرض إلا التطوع ، وهو الذي عنينا بقولنا مبيته ، ولو نوى الصوم مطلقا او الفرض مطلقا لم يجزه حتى ينوي فريضة الله عز وجل صوم رمضان ، ولو نوى ليلة الشك أن يصوم غدا إن كان من رمضان لم يجزه فإنها ليست جازمة إلا أن تستند نيته إلى قول شاهد عدل ، واحتمال غلط العدل أو كذبه لا يبطل الجزم ، أو يستند إلى اصطحاب حال كالشك في الليلة الأخيرة من رمضان ، فذلك لا يمنع جزم النية ، أو يستند إلى اجتهاد كالمحبوس في المطمورة إذا غلب على ظنه دخول رمضان باجتهاده فشكه لا يمنعه من النية ، ومهما كان شاكا ليلة الشك لم ينفعه جزمه النية باللسان فإن النية محلها القلب ، ولا يتصور فيه جزم القصد مع الشك ، كما لو قال في وسط رمضان : أصوم غدا إن كان من رمضان . ومن نوى ليلا ثم أكل لم تفسده نيته . ولو نوت امرأة في الحيض ثم طهرت قبل الفجر صح صومها .
الثالث : الإمساك عن إيصال شيء إلى الجوف عمدا مع ذكر الصوم ، فيفسد صومه بالأكل ، والشرب ، والسعوط ، والحقنة . ولا يفسد بالفصد ، والحجامة ، والأكتحال ، وإدخال الميل في الأذن والإحليل ، إلا أن يقطر فيه ما يبلغ المثانة . وما يصل بغير قصد من غبار الطريق أو ذبابة تسبق إلى جوفه ، أو ما يسبق إلى جوفه في المضمضة في يفطر ، إلا إذا بالغ في المضمضة فيفطر لأنه مقصر ، وهو الذي أردنا بقولنا : عمدا . فأما ذكر الصوم فأردنا به الإحتراز عن الناسي فإنه لا يفطر ، أما من أكل عمدا في طرفي النهار ثم ظهر له أنمه أكل نهارا بالتحقيق فعليه القضاء ، وإن بقي على حكم ظنه واجتهاده فلا قضاء عليه . ولا ينبغي أن يأكل في طرفي النهار إلا بنظر واجتهاد .
الرابع : الإمساك عن الجماع ، وحده مغيب الحشفة ، وإن جامع ناسيا لم يفطر ، وإن جامع ليلا أو احتلم فأصبح جنبا لم يفطر ، وإن طلع الفجر وهو مخالط أهله فنزع في الحال صح صومه ، فإن صبر فسد ولزمته الكفارة .
الخامس : الإمساك عن الاستمناء ، وهو إخراج المني قصدا بجماع أو بغير جماع فإن ذلك يفطر . ولا يفطر بقبلة زوجته ولا بمضاجعتها ما لم ينزل ، لكن يكره ذلك إلا أن يكون شيخا أو مالك لإربه ، فلا بأس بالتقبيل ، وتركه أولى . وإذا كان يخاف من التقبيل أن ينزل فقبل وسبق المني أفطر لتقصيره . صومه . وإذا ابتلع نخامه من حلقه أو صدره لم يفسد صومه رخصة لعموم البلوى به ، إلا أن يبتلعه بعد وصوله إلى فيه ، فإنه يفطر عند ذلك.

أحمد بن موسى الخروصي