الكلمات التي عبر بها رئيس مجلس الشورى، قبل أسبوعين، عن حالة التكاليف التي تتكبدها الشركة الوطنية للعبارات، تعد نموذجا لحال عديد من الشركات الحكومية التي آل اليها الفساد الإداري، نتيجة التشغيل غير المجدي الذي يكلف الحكومة مبالغ تصل الى 67 مليون ريال، هي كلفة عدم التخطيط الجيد لإدارة الشركة، بشكل ربحي مادي، كونها شركة حكومية وليست ملك فرد.
في اعتقادنا، هكذا شركات يجب الا تدار بهذه العقلية، رغم أننا تساءلنا عند تدشينها عن الجدوى منها، وادركنا ان وجودها لتسيير رحلات بين محافظة مسندم ومحافظة مسقط، تسهيلا لأبناء المحافظة الأولى للوصول الى مسقط في أي أزمة قد تعرقل تحركهم برا.
لذلك دشنت هذه العبارات لتنقل الإنسان ومركباته، وهي فكرة جيدة، لكن هل من جدوى اقتصادية ناجحة للمدى القصير، وقد يكون للمدى البعيد، لكن الى متى ننتظر البعيد في وقت نريد اقناع المراقب انها تحقق نجاحات أيضا على المدى القصير بدل حال التكاليف الباهظة التي تستنزف خزينة الدولة .
نؤكد أنه من الأهمية بمكان، اليوم أن نفكر جديا في تشغيل اقتصادي لهذه المشاريع، وان دجاجة الحكومة لن تبيض ذهبا كل يوم أو كل عام. وبالتالي يفترض من ادارة الشركة، أن تدرس خيارات تشغيلية جديدة، مثلا لرحلات بحرية قصيرة في محافظة مسقط اكثر جدوى وجذبا، وان تفعل خططها التسويقية، وبرامجها لجذب أفواج من المستخدمين، سواء عبر رحلات غداء أو عشاء بشكل أكبر لمجموعات من أفراد المؤسسات العامة والخاصة، بأسعار تنافسية وعمل حفلات زواج على متن العبارات، قد تكون مبادرات ناجحة، والتنسيق مع الفنادق وشركات الطيران والسفر والسياحة لعمل برامج ورحلات للسياح لمشاهدة محافظة مسقط من الواجهة البحرية.
كل هذه المبادرات قد تحقق بداية تشغيل ناجحة، في ظل حالة الكساد التي تعيشها العبارات، والتي تكاد تغرق في تكاليف تشغيلية نحن أحوج لإنجاح المشروع بدل وأده وهو لا يزال صغيرا يحبو نحو تحقيق نجاحات مستقبلية.
كما انه من المهم ان تفكر ادارة الشركة في حسبة ادارية مالية ناجحة لادارة الشركة، للعبور بها الى تحقيق ارباح جيدة او حالة من التوازن بين التشغيل والمصروفات، ولكن ما نؤكد عليه اهمية تفعيل البرامج التسويقية الحديثة، واغراق فكر المواطن والمقيم والزائر باهمية القيام برحلة لن تنسى على العبارات الوطنية. نريد من الحملة ان تكون فاعلة وناجحة من أول لحظة والا لن تحقق نجاحا ابدا.
وكذلك يجب على الحكومة أن تعيد هيكلة العديد من الشركات التي تكون غير مربحة ولا تضيف شيئا للاقتصاد الوطني في وقت نحن بحاجة لادارات ذات كفاءة عالية في زمن تنافسي وسوق عالمي لا يرحم وجود ادارات لا تفكر بفكر ربحي، كون مثل هذه الشركات تدفع عنها الحكومة، ولكن نريد عقلية ادارية ان هذه الشركات حينما يديرها الرئيس التنفيذي او المدير العام، بأن يديرها وكأنها جزء من املاكه وبالتالي يجب ان يفكر في الربحية.
ويجب على الحكومة اختيار الاكفاء من القيادات الادارية وان يكون الاختيار ليس ان هذا من "قبيلتي" او من "عشيرتي" او "محسوب من كوت مسؤول"، بل نريد اختيارا بناء لكفاءات عمانية لديها فكر طموح للنجاحات الوثابة. وان تعطى فترة اختبار لتقديم خطة لمدة سنة مالية ويتابع اولا باول عبر تقارير شهرية تؤكد ان العمل الاداري يسير نحو النجاحات، وان أي اخفاقات يجب أن تعالج أولا بأول والوقوف عندها بشكل حقيقي وواقعي.
بهذه المتابعات نحقق الإدارة الناجحة، وتضع الحكومة يدها بشكل صحيح على اموال الدولة لأنها مسؤولية للأجيال القادمة، وبالتالي علينا ان ندير اموال ابناء المستقبل بعيدا عن الهدر غير المبرر.

يوسف البلوشي
إعلامي
[email protected]