[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/haithamalaidy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]هيثم العايدي[/author]
”.. أسفرت الانتفاضة الأولى عن نتائج غير مسبوقة، إذ تم الاعتراف بوجود الشعب الفلسطيني والتحول الى الحل السياسي للصراع كما شهدت نهاية الانتفاضة انطلاق مؤتمر مدريد الذي شكل بداية للمفاوضات المباشرة التي تمخض عنها اتفاقا أوسلو وإنشاء السلطة الوطنية الفلسطينية.”
ــــــــــــــــــــــ
في الثامن من ديسمبر عام 1987 أشعل دهس شاحنة يقودها إسرائيلي لسيارة يركبها عمال فلسطينيون من جباليا البلد متوقفة في محطة وقود ـ مما أودى بحياة أربعة أشخاص ـ شرارة الانتفاضة الفلسطينية الأولى وبعدها بنحو 13 عاما اشتعلت أجج مشهد استشهاد الطفل الفلسطيني محمد الدرة بين يدي والده في قطاع غزة الانتفاضة الفلسطينية الثانية .. فهل يمثل اغتيال الفتى محمد ابو خضير الشرارة لانطلاق الانتفاضة الفلسطينية الثالثة؟
لا شك أن حادثة جباليا أو استشهاد الدرة لم يكونا هم السببان الرئيسيان وراء اندلاع الانتفاضتين لكنهما كانتا القشة التي قصمت ظهر البعير.
فقبل الانتفاضة الأولى كان الفلسطينيون على وشك الانفجار بعد الإذلال اليومي من قبل الاحتلال اضافة الى سوء الوضع الاقتصادي والامعان في بناء المستوطنات خاصة في القدس المحتلة.
وقد أسفرت الانتفاضة الأولى عن نتائج غير مسبوقة، إذ تم الاعتراف بوجود الشعب الفلسطيني والتحول الى الحل السياسي للصراع كما شهدت نهاية الانتفاضة انطلاق مؤتمر مدريد الذي شكل بداية للمفاوضات المباشرة التي تمخض عنها اتفاقا أوسلو وإنشاء السلطة الوطنية الفلسطينية.
أما الانتفاضة الثانية والتي أشعلها مشهد استشهاد الطفل محمد الدرة فقد كانت نتاجا طبيعيا لحالة الانسداد التي بدأت نهاية العام 1999 وبعدما ساد شعور عام بالإحباط لدى الفلسطينيين لانتهاء الفترة المقررة لتطبيق الحل النهائي بحسب اتفاقيات أوسلو والشعور بالإحباط بسبب المماطلة وجمود المفاوصات بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي بعد مؤتمر قمة كامب ديفيد هذا مع استمرار بناء المستوطنات والتعنت الاسرائيلي في حق العودة والانسحاب لحدود يونيو 1967 اضافة الى الزيارة الاستفزازية التي قام بها قام رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق ـ والذي كان وقتها وزيرا للاسكان ـ أرييل شارون للمسجد الأقصى.
وعلى عكس الانتفاضة الأولى التي كان لها نتائج غير مسبوقة لصالح الفلسطينيين فان الانتفاضة الثانية أسفرت عن تصفية معظم الصف الأول من القادة الفلسطينيين أمثال ياسر عرفات واحمد ياسين وعبد العزيز الرنتيسي وأبو علي مصطفى اضافة الى تدمير البنية التحتية الفلسطينية، وتدمير مؤسسات السلطة.
كما شهدت السلطة نفسها تراجعا صب في صالح حركة حماس وفصائل أخرى الأمر الذي أوصل الوضع الفلسطيني الى انقسام دام لسنوات.
ولا يختلف الوضع الحالي عن الأوضاع التي سبقت الانتفاضتين السابقتين .. فقد قام الاحتلال بعمليات قمعية في الضفة الغربية وتحديدا بمدينة الخليل متذرعا باختفاء 3 مستوطنين الشهر الماضي وتم العثور على جثثهم قبل أيام. وسقط خلال هذه العملية عدد من الشهداء اضافة الى مئات المعتقلين مع اعلان الخليل منطقة عسكرية.
وقد سبق هذه الحملة القمعية انهيار للمحادثات الثنائية الفلسطينية الاسرائيلية والتي امتدت لـ9 أشهر برعاية وزير الخارجية الأميركي جون كيري الذي حاول الضغط على الفلسطينيين لتمرير اتفاق اطار يشمل وفق ما تسرب منه اعترافا فلسطينيا بما يسمى (يهودية اسرائيل) مقابل وعد بالاعتراف بحق الفلسطينيين بإيجاد دولتهم القومية.
وسيطرة اسرائيل على 75% من المستوطنات التي تم انشاؤها في الضفة الغربية والأرض العربية المحتلة عام 1967 واجراء عمليات تبادل في الأراضي وترتيبات أمنية وحدودية تشمل التواجد العسكري الاسرائيلي في غور الاردن.
وكان انهيار المحادثات نتاجا طبيعيا لهذا الاطار الذي يلغي حق العودة مع احتمالية تهجير عرب 1948 بعد الاعتراف بيهودية اسرائيل اضافة الى شرعنة الاستيطان الذي استمر حتى خلال فترة المحادثات.
وكان رد الفعل الفلسطيني الطبيعي لانهيار هذه المحادثات هو التوجه نحو الأمم المتحدة لاستكمال مسار الاعتراف بدولة فلسطين والانضمام الى المنظمات الدولية وذلك بالتوازي مع اتمام المصالحة الفلسطينية الأمر الذي واجهه الاحتلال بمزيد من التضييق الاقتصادي على الفلسطينيين بشكل يخنق المواطن الفلسطيني.
ومع كل العوامل المهيئة لاندلاع انتفاضة ثالثة هل يكون استشهاد الفتى الفلسطيني محمد ابوخضير والذي اغتاله ارهابيون اسرائيليون حرقا هو الشرارة لاندلاع الانتفاضة الثالثة وهل ستكون نتائجها في صالح القضية الفلسطينية كالانتفاضة الأولى أم في اتجاه تصفيتها كالانتفاضة الثانية.. الأمر يتوقف على تعامل السلطات الفلسطينية معها.