[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/zohair.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]زهير ماجد [/author]
كيفما تطلعنا في المنطقة العربية نجد الموت بالجملة ثم هو متربص بالناس، موت من كل الأطراف، كأنما وهب الناس له وكأنهم ولدوا كي يموتوا فقط. ما ابشعها من منطقة تتزين باحلى ماعندها فاذا هو الموت، لم تعد ماتقدمه للعالم سوى النفط وصور القتلى والمقابر.
لم يعد مؤلما مشهد الذين يقتلون وترمى جثثهم من عل، او أولئك الذين يتم جرح اجسادهم ثم رش الملح فوق الجروح قبل ان يطلق النار عليهم، او اولئك الذين يتم ذبحهم او رميهم من الشبابيك .. صارت الصور عادية، رغم انها صامتة، فكيف هي على طبيعتها من اصوات وصراخ وعويل واستغاثات ..
هذا العنف المستشري ما الذي فجره بهذه الطريقة ام هي المنطقة التي لاتنام على تاريخ هاديء. لسنا هنا في موقع التقييم التاريخي، لكننا نؤكد ان ظواهر القتل اليومية ان لم تكن كل ساعة وربما كل دقيقة، ليست من تلقاء نفسها او هو امر عادي .. هي غايات يريد بلوغها من صنعها، ومن اراد لها ان تتحول الى ظاهرة عامة، فالفكرة المعروفة ان العنف يولد العنف، والدم لايغسل الا بالدم كما يؤكد فرانز فانون، تعيشها الشعوب المشكوك بصحة وضعها، لكنها عندنا أمر بات معروفا، سيظل الاميركي يقاتل بالعرب الى ان ينهي وجودهم، بل سيظل يقاتل بالداعشيين ايضا حتى آخر فرد منهم .. لم يعد الاميركي يصدر قيمه حتى وان كانت كاذبة، صار صانعا لأفكار هدامة اسس عليها علاقته بالعرب ، منذ ان صنعت اسرائيل ومنذ ان فكر احدهم بالعروبة كجامعة، بل منذ ان فكر هذا ايضا بالطريق الى الوحدة العربية وكرسها مثلا بين مصر وسورية.
هي موافقة بين الاميركي والاسرائيلي بان افضل العربي هو الميت ، واجمل بلاد العرب ان تكون خرابا وعندما تتقاتل فيما بينها طالما ان النفط مؤمن ضخه ، وطالما ان المجتمعات تستهلك ماتحتاجه. لقد صنع الصهيوني الكبير برنار هنري ليفي مفاهيم الحرب في ليبيا ، بل يقال انه احد الذين وضعوا اسس الفوضى الخلاقة في هذا البلد وفي غيره من البلدان العربية ، وانه اقام في لواء اسكندرون السليب الذي احتلته تركيا من الارض السورية ليشرف على مايجري من قتال في سورية. هذا الغرب صاحب الدم الحامي الذي يزداد تألقا كلما شاهد العرب على تناحر وتباغض وتقاتل ، وكلما ازدادوا قسمة وتجزئة وتفتيتا .. فرحهم يزداد كلما ازددنا حزنا، ولعهم بالحياة يزيد كلما رأونا جثثا محمولة على اكتاف عالم سيتحول هو الآخر الى جثث عن قريب.
ألم يتمنى رابين ان يبتلع البحر غزة، لو عممنا الفكرة لوجدناها أمنية عند الاميركي والصهيوني بأن يأتي اليوم الذي تبتلع الارض بلاد العرب مقابل ان يظل النفط وحده ظاهرا للعيان. هم يشمون المنطقة فقط، فتؤنسهم رائحة البترول والغاز، وأما مشهد من تواجد على ارضها فتلك هي المشكلة التي يريدون الخلاص منها. لهذا يفرحون لمشهد العربي اليوم، يسعدون برؤية مايؤلمنا .. مشهد سيطول وأعتقد انه الى اللحظة التي يفيق فيها الجميع من سباتهم الحالي، ولن يفيقوا.