تنقسم المسؤولية المدنية الى مسؤولية عقدية ومسؤولية تقصيرية،, فإذا كان يربط المضرور والشخص المرتكب للفعل الضار عقد حينها يسأل هذا الأخير بموجب التزاماته العقدية، أما اذا لم يوجد عقد بين هؤلاء فيسأل الشخص الذي أحدث الضرر وفقا لقواعد المسؤولية التقصيرية. وحقيقة الأمر فان المشرع العماني وهو ينص على المسؤولية التقصيرية التي تقرر مسؤولية الشخص عن أفعاله الشخصية التي تصيب الغير يستند الى القاعدة الفقهية" لا ضرر ولا ضرار" حيث جرى نص الفقرة (1) من المادة (176) من قانون المعاملات المدنية بالآتي" كل اضرار بالغير يلزم فاعله ولو كان غير مميز بالتعويض". ومع أن المحامي من أهم معاوني القضاء ويمارس مهنة حرة تشارك في تحقيق العدالة بما يؤكد سيادة القانون الا أنه في المقابل غير معصوم من ارتكاب خطأ ينتج عنه ضرر يصيب الغير فتنهض حينها مسؤوليته تجاه من أصابه الضرر. والحديث هنا عن الأخطاء المهنية التي يرتكبها المحامي والتي لها علاقة بالأصول الفنية لهذه المهنة ولكن دون أن يكون هناك عقد مكتوب بين المحامي وموكله. ولكن ما يجب ملاحظته أن المحامي لا يطلب منه تحقيق نتيجة تجاه موكله وانما يكفي أن يكون قد بذل عناية الشخص العادي, حتى تبرأ ساحته. ومن أمثلة أخطاء المحامي التقصيرية التي قد يأتيها عدم ابداء الدقة المطلوبة والعناية اللازمة عند الاطلاع على الأوراق من مذكرات ومستندات، وعدم بذله المجهود العادي الذي يبذله محامي آخر في نفس مستواه وخبرته عند مراجعته المواد والقوانين التي تتطلبها الدعوى، ومن تلك الأخطاء أيضا عدم حضوره الجلسات دون مقتضى والتراخي عن ابداء الدفوع سواء أكانت دفوع شكلية أو موضوعية وعدم ايداع المذكرات في موعدها المحدد كذلك عدم مراعاته المواعيد المحددة لتقديم الطعون مما يفوت موكله فرص التقاضي الأمر الذي يضعف المركز القانوني لهذا الأخير. وتنهض مسؤولية المحامي سواء أكان الخطأ الذي أتى به عمديا أو بإهمال وسواء كان متواطئا مع الخصم أو سلمه مستندات حاسمة رجحت كفة الخصم على كفة موكله. الا أنه ما يجب التنويه اليه في هذه المقالة، أن المحامي لا تترتب مسؤوليته التقصيرية الا في نطاق ما يرتكبه من أخطاء في حق موكله وبحيث تكون هذه الأخطاء جسيمة ترقى الى مرتبة الغش والاهمال، أما الأخطاء المألوفة التي تشيع في أوساط المحامين, كشطب الدعوى، فلا يسأل عنها حيث أنها يمكن تجديدها من الشطب وغيرها من الأخطاء التي يمكن تداركها ولا تؤثر على المركز القانوني للموكل. المهم أن يكون المحامي قد بذل الجهد العادي ولم يقصر في عمله.
هذه قراءة سريعة لمسؤولية المحامي وفقا لقواعد المسؤولية التقصيرية، ولمزيد من الإيضاح يمكن للقارئ الرجوع الى قانون المعاملات المدنية رقم 209/113 وقانون المحاماة 98/96.

سالم الفليتي
محام ومستشار قانوني
كاتب وباحث في الحوكمة والقوانين التجارية والبحرية
salim-alfuliti@hotmail.com