[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/fawzy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]فوزي رمضان
صحفي مصري[/author]
” ازرع مرة واحدة واحصد إلى الأبد، تعلم كيفية استثمار مدخراتك وإن لم تفعل ذلك من البداية، سينفد مالك بأسرع مايمكن أن تدركه، إذا كنت تمتلك منزلا تصرف عليه نفقات صيانة وإصلاحات وضرائب البلدية فهذا ليس استثمارا، أما إذا قررت تأجير جزء منه سيتحول هذا الجزء إلى أصل مالي يدر عليك دخلا شهريا، فالأصل المالي ببساطة هو كل ما يضع المال في جيبك.”

يقول .... كنت أحصل على دخل عالٍ من إحدى أفضل الشركات التي عملت بها، ولسبب أجهله ما أن تحل نهاية الشهر إلا وتساءلت عن أوجه صرفي وضياع راتبي، وكحال كثيرين يلاحظ أن الأسواق الكبيرة مكتظة يوم تسلم الراتب، وتقرببا الكل في مراكز التسوق وتشعر كما لو أنهم ربحوا اليانصيب أو أمطرت السماء أموالا عليهم، الجميع يبدأ شهره ببحبوحة من العيش لينتهي المطاف بالتقشف أو السلف أو الدين.
فمهما انتظرت من زيادة راتب أو شغلت عملا يدر دخلا كبيرا لن تحل المشكلة، فلن يستطيع أي مبلغ من المال حل مشاكلك مالم تعرف كيفية الحفاظ عليه، وعندما تتذكر دائما أن ما يجنى من مال، لايأتي إلابشق الأنفس وقد أفنيت صحتك وعمرك من أجله، الحكمة تكمن في القدرة على إدارة الدخل بعقلانية، فمن السهل كسب المال لكن من الصعب الاحتفاظ به وتنميته، تلك قاعدة يعلمها جيدا رجال المال والأعمال.
من الأخطاء التي يرتكبها معظم الأشخاص، عندما يخال لبعضهم أن أموالهم غير قابلة للنفاد، طالما يمتلكون العمر والصحة والدخل الجيد أو عندما يبدأ غالبيتهم متأخرا ويدخر جزءا من المال ليبدأ مشروعه الخاص، ولكن كانت نهايتهم في الغالب بائسة، فقد أفلس معظمهم وغرقوا في مشكلات مالية كانت أصعب من بداية مشوار الحياة ، لكن يا ترى ما الخطأ وما المشكلة.
غالبا الأمر لايحتاج إلى شخص خارق أو ضربة حظ، المطلوب فقط إنسان يمتلك الرؤية والهدف والرغبة في تغيير الواقع، كثير من البشر يحبون المماطلة في الادخار والتوفير، إنهم يظنون أن وقتهم غير محدد في حين تتوالى الأيام إلى أن يفوت الأوان، البعض يقنع نفسه بأنه سيدخر غدا، والغد يأتي بالغد ليفاجأ بتقدم عمره وتأخر عافيته، بلا أصول مالية يعتمد عليها.
يضع لنا "كرستسن ويلث" في كتابه أيهما يأتى أولا البيضة أم الدجاجة، القواعد الذهبية وخارطة طريق تساعد البعض على إدارة دخله، وتحويل أمواله إلى أصول تدر دخلا ثابتا، ينصح الأخ كريستسن أنه إذا أردت أن تقيم مشروعا تجاريا، يجب أن ينشأ وأنت على رأس عملك، أو تضمن دخلا آخر يدعم هذا المشروع ماليا، حال حدوث أي عائق أو تعثر، تستطيع أن تكمل الطريق .
وأذا أردت أن تدير مشروعا وأنت متوسط الحال كواقع معظمنا، فلا تستثمر في شيء يحتاج إلى إطعام أو صيانة، كليهما سيكلفك مبلغا من المال، قد يعجزك تأمينه في بادئ الأمر، كما ينصح ألا تستثمر في شيء على عجلات حتى لاينتهي بك المطاف في كل مرة أن تعيش متجولا بمالك، أو تصبح مفلسا، فعجل يعني حوادث، يعني إنفاق ، يعني خراب المشروع الصغير خاصة للمبتدئين.
ازرع مرة واحدة واحصد إلى الأبد، تعلم كيفية استثمار مدخراتك وإن لم تفعل ذلك من البداية، سينفد مالك بأسرع مايمكن أن تدركه، إذا كنت تمتلك منزلا تصرف عليه نفقات صيانة وإصلاحات وضرائب البلدية فهذا ليس استثمارا، أما إذا قررت تأجير جزء منه سيتحول هذا الجزء إلى أصل مالي يدر عليك دخلا شهريا، فالأصل المالي ببساطة هو كل ما يضع المال في جيبك.
قد يظن البعض أن شراء هاتف أوسيارة أو تلفاز، أنها أصول مالية لكنها جميعا ستتطلب نفقات شهرية وكلها استقطاع من الراتب، لا أقول لاتعيش الحياة لكن سيتبدل الحال إذا قررت مثلا تكوين مشروع صغير لبيع الطعام أو الشراب أو تقديم الخدمات أو تستثمر في شراء بعض الأوراق المالية، ولكن بعد استشارة خبير في هذا الشأن، في الأغلب ستحقق دخلا سيدفعك إلى الاستثمار في مشاريع أكبر، أو تلجأ إلى شراء عقار تعرضه للايجار إلى جهة أو شخص ما ، لتجني منه دخلا شهريا وبقدر ماتستطيع إيجاد أصول مالية، يمكنك تحقيق دخل إضافي خلال مدة قصيرة، بعدها قد لاتحتاج إلى العمل مكتفيا بعوائد أصولك الشخصية من نقود.
تخيل شعورك عندما تضع مبلغا من المال في جيبك دائما، وفي نهاية اليوم تكتشف ان جيبك مثقوب، المسألة تتعلق بالاستثمار فعندما تكتشف أنك قد عملت بجد سنوات عدة دون أن تعي أنك لم تدخر مبلغا من المال لمستقبلك، أو ربما أنفقت دخلك على ماترغبه وليس فيما تحتاجه بالفعل، سيؤول المصير بكل تأكيد إلى الحاجة والعوز والكفاف، لكن عكس الموقف تماماعندما تدخر أموالك في أصول مالية وليست في جيب مثقوب سيتبدل الحال بالتأكيد.
إذا توغلت في أساطير عالم المال ورجاله ستجد معظمهم كانوا على حافة الفقر والعوز والجوع والتشرد ، بدأ الكثير منهم بمبالغ زهيدة بل لايملكون المال أصلا، لكن تملكتهم الإرادة والإصرار للوصول إلى عالم الثروة، لم تتوقف حياتهم على معاش هزيل يسد رمقهم، أو دخل بالكاد يسترهم ، لكن لجموا رغباتهم في البداية وعاشوا قسوة الحياة... لتعيش لهم الحياة وإن نفدت أموالهم...... بقدر ما تزرع تحصد.