[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/fayzrasheed.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]د. فايز رشيد[/author]
”.. إن كنا نكتب عن الوفاء, لأننا بالفعل أصبحنا نفتقد إليه في عصر انقلاب القيم والمفاهيم. فإن كاتب هذه السطور شاهد على حوادث مرضية, أصحابها مؤمّنون من خلال البنوك والشركات التي يعملون بها. كانت تأتي للعلاج على حساب كل منها شخصيا, وترفض الإجازة المرضية التي ينصح بها الطبيب لضرورتها للمريض, وكل ذلك من أجل أن لا تعرف إدارات العمل بمرض هؤلاء,”

اليوم الأول في السنة الجديدة, حمل معه باقات أزهار من الوفاء والود والتمنيات الحارة من فريق عمل فضائية الميادين, لزميلة لهم ومقدمة برنامج فاضلة تعاني من مرض عضال, هي المذيعة ضياء شمس, التي أسعد الحظ كاتب هذه السطور, في أنها حاورته بضع مرّات في برنامج "آخر طبعة". وللأمانة أقول, إن كل من حاورني في هذا البرنامج من المذيعات والمذيعين, كانوا أولا وأخيراً مثقفين ملتزمين بقضايا أمتنا العربية, وتحديدا قضية فلسطين ,باعتبارها القضية المركزية للجماهير العربية من المحيط إلى الخليج. تصل بك الحال في الحوار معهم إلى استنفاد كل مخزونك السياسي والفكري والمعرفي, للرد على أسئلة إن نمّت عن شيء ,فإنما عن أناس مثقفين ملتزمين قبل أن يكونوا موظفين, ولذلك أخذت الفضائية على عاتقها (كما عادتها)) تغطية الأحداث الفلسطينية أولا بأول منذ بدايتها بعد قرار ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة للدولة الصهيونية, ناسيا أو متجاهلاً أن هذه الدولة من أساسها دولة لا تملك شرعية الوجود ولا أسس البقاء, حتى لو تزنّرت بكل أسلحة العالم! دولة يشكك قادتها في إمكانية احتفالها بمرور مئة عام على إنشائها, دولة يفتقد مستوطنوها لمطلق ارتباط مادي أو روحي بذرات تراب وطننا الفلسطيني الخالد أو حتى هوائه.
وإن كنا نكتب عن الوفاء, لأننا بالفعل أصبحنا نفتقد إليه في عصر انقلاب القيم والمفاهيم. فإن كاتب هذه السطور شاهد على حوادث مرضية, أصحابها مؤمّنون من خلال البنوك والشركات التي يعملون بها. كانت تأتي للعلاج على حساب كل منها شخصيا, وترفض الإجازة المرضية التي ينصح بها الطبيب لضرورتها للمريض, وكل ذلك من أجل أن لا تعرف إدارات العمل بمرض هؤلاء, خوفاً من طردهم من أعمالهم بسبب أنهم أصبحوا
( من وجهة نظر هذه الإدارات) عاجزين عن العمل! إلى هذا الحدّ يُفتقد الأمن الوظيفي في بعض عالمنا العربي! لذلك, عندما ترى مؤسسة تؤازر أحد موظفيها المرضى, وتتكلف أثمان علاجه, وتشجعه معنويا بالدعوات والتمنيات الحارة المنطلقة حتما من قلوب ملأى بالمحبة والإخلاص والوفاء لزميل/ زميلة لهم, فإن هذا يعني, انتصاراً للقيم الجميلة على كافة المظاهر السلبية الأخرى, التي قد تجدها في العادة بين زملاء العمل.
ولأن كاتب هذه السطور مرّ بتجربة ذات المرض العضال, يدرك أهمية التضامن المعنوي مع المريض, كشرط موضوعي للانتصار على الحالة المرضية, وبالفعل كان لهذا التضامن المعنوي دوره الكبير في الانتصار على هذا العدو الشبيه بالعدو الصهوني في لؤمه وتفشيه وخسّته, ولا نشك مطلقا في قوة إرادة الزميلة العزيزة ضياء شمس, ولا في فولاذية تضامن زميلاتها وزملائها العاملين معها , ولا كل من عرف هذه الفاضلة الجميلة شكلا ومضمونا. ولعل ما أسعد كل من شاهد البرنامج كلام زميلاتها وزملائها الذين توجهوا إليها بكلمات بسيطة, لكنها نابعة من القلب والروح والإخلاص والزمالة الحقّة في العمل. كذلك وقفة مدير المؤسسة في الإشراف على البرنامج منذ بدايته حتى النهاية, وكأنه يتحقق من سيرعمل البرنامج ليس بخبرته فحسب, بل بأنفاس حرص ومودة تجمع في باقتها تمنيات الجميع.