ــ أميركا أعطت حكومة الاحتلال باعترافها القدس عاصمة لإسرائيل ضوءًا أخضر للمضي بتشريع مخططاتها الفاشية ضد الفلسطينيين
ــ إسرائيل تعمل على ضم الأحياء ذات الأغلبية الفلسطينية إلى سلطة جديدة تخضع لسيادتها
ــ 165 ألف مقدسي قد يفقدون إقامتهم ليحل مكانهم 120 ألف مستوطن
ــ ستشهد القدس المحتلة بإقرار هذا القانون مزيدًا من المشاريع الاستيطانية والتهويدية ومصادرة الأراضي وهدم للمنازل

القدس المحتلة ـ الوطن ـ وكالات:
يبدو أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أعطى بقراره الاعتراف بالقدس المحتلة عاصمة لإسرائيل ضوءًا أخضر لحكومة الاحتلال الإسرائيلية للمضي قدمًا في إقرار وتشريع مخططاتها وقراراتها الاستيطانية والتهويدية في مدينة القدس المحتلة.
ومما لا شك فيه، فإن مصادقة الكنيست الإسرائيلي بالقراءتين الثانية والثالثة على قانون "القدس الموحدة"، ومن قبلها تصويت حزب "الليكود" بالإجماع على ضم الكتل الاستيطانية في الضفة الغربية المحتلة إلى "إسرائيل" يشكل تجسيدًا واضحًا وامتدادًا عمليًا لقرار ترامب. وأثارت المصادقة على القانون اعتراضًا ورفضًا فلسطينيًا ومقدسيًا، لما له من مخاطر على مدينة القدس وعلى الوجود الفلسطيني فيها، ومحاولة لتغيير الواقع القانوني والتاريخي بالمدينة، وفرض مزيد من السيطرة الإسرائيلية عليها.

وينص القانون الذي صوت لصالحه 64 عضو كنيست وعارضه 51، على أن أي تغيير في وضع القدس أو قرار تسليم الأراضي من المدينة كجزء من اتفاق سياسي في المستقبل يتطلب موافقة أغلبية خاصة من 80 عضوًا، وليس الأغلبية العادية، ومع ذلك، يمكن إلغاء هذا المشروع بأغلبية 61 عضوًا. وأدى الضغط السياسي قبيل التصويت على القانون خلال جلسة استمرت عدة ساعات، إلى إلغاء البند الذي يقصد به السماح بتقسيم المدينة ونقل وعزل الأحياء ذات الأغلبية الفلسطينية من بلدية الاحتلال إلى سلطة بلدية جديدة تخضع للسيادة الإسرائيلية.
وتشمل هذه الأحياء مخيم شعفاط وكفر عقب الواقعين خلف جدار الفصل العنصري، ولكن ضمن حدود بلدية الاحتلال، وذلك بعد أن كان بالمقترح الأصلي تسليمها للسلطة الفلسطينية. واحتلت إسرائيل الشطر الشرقي من القدس عام 1967، وأعلنت في 1980 ضمها إلى شطرها الغربي، معتبرة "القدس عاصمة موحدة وأبدية" لها، وهو ما يرفض المجتمع الدولي الاعتراف به.

ــ تصفية القضية
ويعتبر هذا القانون الأخطر والأشد صعوبة ووطأة على المدينة المقدسة خاصةً، والقضية الفلسطينية عامةً، بحيث سيؤدي إلى تصفية القضية برمتها، والقضاء على أي حلم لإقامة دولة فلسطينية وعاصمتها القدس، وفق ما يرى المختص في شؤون القدس جمال عمرو.
ويوضح عمرو في تصريحات صحفية أنه بموجب هذا القانون، فإن نحو 165 ألف مقدسي قد يفقدون إقامتهم بالمدينة، ليحل مكانهم 120 ألف مستوطن، كي يصبح سكان القدس أقلية عربية لا يتجاوز عددهم الـ 12%، مقابل أغلبية يهودية. ويصف القانون بـ "العنصري والفاشي"، وأنه يستهدف مرحلة جديدة من الحرب الإسرائيلية على القدس وسكانها، كمقدمة فعلية لتصفية القضية الفلسطينية برمتها.

وستشهد القدس-بإقرار هذا القانون-مزيدًا من المشاريع الاستيطانية والتهويدية، ومصادرة الأراضي، وهدم للمنازل، وهنا يقول عمرو "نحن اليوم أمام حرب مفتوحة وأشد فتكًا من كل أنواع الأسلحة".ويشير إلى أن سلطات الاحتلال تمارس إجراءات عنصرية بالمدينة لم تشهدها من قبل، وتدنيس غير مسبوق للمسجد الأقصى المبارك، حيث "شاهدنا بالأمس كيف احتفل المستوطنون بمباركة زواج وعقد قران داخل الأقصى". وبحسب عمرو، فإن العام 2018 لن يكون سهلًا على القدس والمقدسيين، بل سيشهد تفشي العنصرية والنازية الإسرائيلية على أبهى صورها، خاصة في ظل الصمت العربي والإسلامي إزاء ما يجري بحق المدينة.

أما الباحث في شؤون القدس فخري أبو دياب، فيقول في تصريحات صحفية إن التصويت على قانون "القدس الموحدة" يشكل تتويجًا عمليًا لإعلان ترمب القدس عاصمة لـ "إسرائيل"، وقطع الطريق على أي تسوية مستقبلية بشأن المدينة. ويهدف الاحتلال بحسب أبو دياب-إلى فرض أمر واقع على المدينة المقدسة، وترسيخ وزيادة السيطرة الإسرائيلية الكاملة عليها، وأنه لا يجوز أيضًا التنازل عن المناطق الواقعة خارج حدودها. ويشير إلى أن قرار ترامب بدأ فعليًا يتجسد على أرض الواقع، من خلال التصويت على هذا القانون، المخالف لكافة القوانين الدولية، محذرًا من خطورة هذا القانون، وكذلك قرار حزب "الليكود" ضم الضفة الغربية لـ "إسرائيل".
وكانت الرئاسة الفلسطينية اعتبرت في بيان صحفي، التصويت على القانون "يشير وبوضوح إلى أن الجانب الاسرائيلي أعلن رسميًا نهاية ما يسمى بالعملية السياسية، وبدأ بالفعل العمل على فرض سياسة الإملاءات والأمر الواقع". وأكدت أن اجتماع المجلس المركزي في 14 يناير الجاري سيدرس اتخاذ كافة الاجراءات المطلوبة وطنيا لمواجهة هذه التحديات التي تستهدف الهوية الوطنية والدينية للشعب الفلسطيني.

ــ تطهير عرقي
أما الكاتب والمحلل السياسي راسم عبيدات فيقول: "من الواضح أننا أمام مرحلة أميركية ـ إسرائيلية جديدة، مرحلة نوعية من حيث العدوان على شعبنا عامة وقدسنا خاصة، مرحلة البلطجة ومنطق فرض الحلول بالقوة، وتدمير حل الدولتين، وكل ما يسمى بالعملية التفاوضية والسلمية".
ويرى في مقالة له أن القرارات والتشريعات الإسرائيلية الأخيرة تأتي امتدادًا لقرار ترامب بشأن القدس، مبينًا أن قانون "القدس الموحدة" يفتح الطريق لفصل الأحياء والضواحي الفلسطينية عن مدينة القدس. وبحسب عبيدات، فإنه يجري الآن التحضير لقرار وقانون ما يسمى بـ "القدس الكبرى"، لكي تصبح مساحة المدينة 10% من مساحة الضفة، بعد ضم الكتل الاستيطانية الكبرى إليها، من مجمع "غوش عتصيون" في جنوبها الغربي إلى مجمع مستوطنات" معاليه ادوميم" في شرقها. وهذا الضم يعني ضخ أكثر من 150 ألف مستوطن للمدينة، ويترافق ذلك مع خطط ومشاريع للانفصال عن القرى والبلدات الفلسطينية في شرق المدينة، وفي مقدمتها خطة ما يسمى بوزير القدس وشؤون البيئة "زئيف اليكن" بإخراج سكان القدس الواقعين خلف الجدار، من تعداد السكان، بحيث يكون لهم مجالس محلية مرتبطة بطريقة ما ببلدية الاحتلال دون تلقى خدمات البلدية أو المشاركة في انتخاباتها.
ويوضح المحلل السياسي عبيدات أن هذا ما سيقلب الموازين الديمغرافية للمدينة لصالح المستوطنين، وسيدفع باتجاه تهجير المزيد من المقدسيين العرب منها، وخصوصًا أن هناك خطة لعضو الكنيست عن الليكود "عنات باركو"، بإخراج 95% من سكان القدس العرب من حدود بلديتها. ويؤكد أن الصراع والاشتباك مع الاحتلال سيتواصل، لأن المحتل لا يرى في القدس سوى عاصمة موحدة له، غير قابلة للقسمة وبأغلبية يهودية كبيرة، ويتعامل مع وجودنا وحقوقنا في هذه المدينة، بمنطق الإقصاء وعدم الاعتراف.

ــ رد فلسطيني
والمطلوب، وفق عبيدات، رسم استراتيجية ووضع خطط وبرامج تحمي وجود المقدسيين وثوابتهم وبقائهم في القدس وفوق أرضها، بعيدًا عن لغة الشعار والتنظير. ويشدد على أن قرارات وقوانين الاحتلال الأخيرة تستدعي ردًا فلسطينيًا نوعيًا لمواجهتها، فنحن بحاجة الى قرارات ترتقي لحجم الجرائم المرتكبة، ولذلك مطلوب من المجلس المركزي سحب الاعتراف بـ "إسرائيل"، وإلغاء اتفاقية أوسلو وما ترتب عليها، وإلغاء كل الاتفاقيات والعلاقات الأمنية والاقتصادية والسياسية مع الاحتلال.
ويضيف "والمطلوب أيضًا العمل على إنهاء الانقسام بشكل سريع وجدي، ورسم رؤيا واستراتيجية موحدتين تقومان على الصمود والمقاومة، والذهاب الى كل المؤسسات الدولية والانضمام إليها، وتكثيف الحركة السياسية والدبلوماسية والقانونية لجلب قادة الاحتلال ومستوطنيه الى محكمة الجنايات الدولية". كما أنه "لابد من إعادة تغيير دور السلطة الفلسطينية ووظيفتها والتزاماتها، بحيث تصبح خادمة للشعب الفلسطيني والمنظمة، التي يجب العمل على إعادة بنائها على أسس ديمقراطية تشاركية، وبما يجعلها بيت الكل الفلسطيني". يقول عبيدات.

أبرز الاعتداءات الإسرائيلية بحق الفلسطينيين في 2017

القدس المحتلة ــ الوطن : أصدر مركز عبدالله الحوراني للدراسات والتوثيق التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية تقريره السنوي (حصاد) حول انتهاكات الاحتلال الاسرائيلية في المدينة المقدسة خلال عام 2017. ورصد التقرير أبرز انتهاكات الاحتلال كأعداد الشهداء والمعتقلين والاستيطان والمشاريع التهويدية، وهدم المنازل وغيرها من جرائم الاحتلال بحق القدس والمقدسيين.
وفيما يأتي مجمل الانتهاكات الإسرائيلي خلال العام الماضي التي وثقها التقرير الذي تلقت (الوطن) نسخة منه:

ـ المشاريع التهويدية

يعرض التقرير في بدايته المشاريع الاستيطانية، حيث يوضح أن سلطات الاحتلال افتتحت أنفاقاً استيطانية تربط بين مدينة القدس المحتلة و"تل أبيب" بمدة زمنية لا تتجاوز نصف ساعة، وتم افتتاح نفق في المنطقة الجنوبية للمسجد الأقصى على مسافة (200) متر من باب المغاربة، بالإضافة الى بدء تنفيذ مشروع ربط حائط البراق بالقطار القادم من تل ابيب من خلال حفر نفق بعمق 50م ويصل طوله الى 2كم، وبناء قطار هوائي يصل حائط البراق بجبل الزيتون، ونشرت شركة "موريا" تصورا لمشروع في منطقة التلة الفرنسية تشمل شبكة انفاق بطول 4.55 كم منها انفاق ذات مسارين باتجاه معاليه ادوميم. وأبرز التقرير أيضا المصادقة على مشروع "التل الأخضر" للقطار الخفيف والذي سيربط بين التلة الفرنسية والجامعة العبرية، وقامت سلطات الاحتلال بافتتاح طريق رقم (21) الذي يربط مستوطنات رمات شلومو وبسغات زئيف وعطاروت، وبدأت سلطات الاحتلال بتنفيذ المقطع الأميركي من شارع الطوق والذي يمر من أراضي جبل المكبر ويصادر 1200 دونم من اراضي المواطنين، وشرعت سلطات الاحتلال في توسيع شارع رقم (45) الذي يربط المنطقة الصناعية عطروت بمستوطنة "كوخاف يعقوب" تمهيدا لأقامة نفق يسهل تحرك المستوطنين من شارع رقم (443) الذي يربط تل أبيب بالقدس باتجاه مستوطنات شرق رام الله والأغوار، بالإضافة إلى البدء بتوسيع معبر قلنديا، وانجزت بلدية الاحتلال تركيب (منطاد ركاب) إسرائيلي في سماء المدينة ويطلق عليه اسم "عين القدس".

ــ تهويد التعليم
وحول تهويد التعليم يقول التقرير :" لقد فرض الاحتلال عطلة الربيع على مدارس مدينة القدس في إطار محاربة المنهاج الفلسطيني، وأضربت المدارس العربية في القدس رداَ على فرض قرارات بلدية الاحتلال على المدارس العربية. ويتابع: "كما تمت المصادقة على خطة خماسية طرحتها الحكومة الاسرائيلية تتضمن بناء غرف صفية جديدة في شرقي القدس بغية زيادة عدد صفوف الأول الأساسي (الابتدائي) التي تعمل وفقاً للمنهج الاسرائيلي وزيادة نسبة الحاصلين على شهادة "البجروت" الاسرائيلية، حيث سيتم تخصيص حوافز مالية أكبر للمدارس في شرقي القدس التي ستعمل وفقا للمنهاج الاسرائيلي، فيما قامت بلدية الاحتلال باغلاق مدرسة النخبة في بلدة صور باهر بحجة أن منهاجها يعادي دولة الاحتلال. وأضاف: "واقتحمت قوات الاحتلال مدرسة الأيتام الثانوية في البلدة القديمة واعتقلت اثنين من التلاميذ بحجة رشق الحجارة، ومنعت قوات الاحتلال طلاب ثانوية الاقصى الشرعية للبنين من الدخول إلى مدرستهم، بعد استلامهم الكتب الدراسية بحجة أنها كتب المنهاج الفلسطيني، بالإضافة إلى اقتحام مدرسة "زهوة القدس" ببيت حنينا واعتقال مديرتها وثلاثة من معلماتها، والاستمرار بمحاصرة التعليم الفلسطيني في المدينة المقدسة بكل جوانبه.

ــ استهداف سلوان والشيخ جراح
وواصل التقرير: لقد تواصلت عمليات المصادرة والتهويد للعقارات في أحياء سلوان والشيخ جراح خلال العام 2017، ففي بلدة سلوان افتتح كنيس يهودي داخل عقار تمت السيطرة عليه عام 2015، وافتتحت السلطات الاسرائيلية ما يسمى بمطاهر الهيكل "المغطس" على أرض القصور الأموية، وقرر رئيس الوزراء الإسرائيلي "نتنياهو" إقامة مركز تاريخي يهودي في سلوان تحت اسم مركز "كيدم" الذي سيعرض فيه اثار وتاريخ ما يسمى "بمدينة داوود"، فيما أبطل أهالي سلوان مشروع استيطاني لصالح جمعية "عطيرت كوهنيم" في حي بطن الهوا.

اعتداءات المستوطنين

وحول اعتداءات المستوطنين خاصة على المقابر الاسلامية يتابع التقرير: "لم تسلم المقابر الاسلامية في مدينة القدس من الاعتداءات ومن محاولات تهويدها خلال العام 2017، حيث اجرت سلطات الاحتلال أعمال حفر وتجريف في المقبرة اليوسيفية وانشاء بنى تحتية لإقامة حديقة على مساحة من المقبرة والتي تم تسييجها، وخلال أعمال الحفر تم نبش عدد من القبور، بالإضافة إلى هدم جزء من سور مقبرة الشهداء والتي تعد جزءا من المقبرة اليوسيفية. وأضاف: وفي مقبرة باب الرحمة الاسلامية التي تضم أضرحة صحابة رسول الله، بدأت سلطات الاحتلال بأعمال تجريف واقتلاع الاشجار على طول جدار الشرقي للمسجد الاقصى، ويهدف المشروع الى اقامة حديقة توراتية، وصب قواعد خرسانية لتنفيذ مشروع القطار الهوائي "التلفريك" وسيستمر المشروع ستة أشهر، فيما منعت سلطات الاحتلال عائلة مقدسية من دفن أحد موتاها داخل المقبرة، واعتدت ايضا على مقبرة السلاونه المحاذية لها، بالاضافة الى قيام مستوطنين متطرفين بهدم شواهد قبور داخل المقبرة. وأردف: وفي مقبرة مأمن الله أجرت سلطات الاحتلال أعمال حفر في المقبرة بذريعة تنفيذ أعمال خدماتية مما ادى لنبش عدد من القبور وظهور رفات الموتى، فيما قامت مجموعة من اليهود المتطرفين بتدنيس مقبرة الدجاني وتحطيم بعض شواهد القبور، وقامت سلطات الاحتلال بتسييج المقبرة المحاذية لحوش عويس في حي رأس العامود.